تقرير: الرئيس عباس يقترح تعليق صرف رواتب الأسرى الفلسطينيين كجزء من خطة إصلاح شاملة لدعم حل الدولتين.

أمد/ تل أبيب: قالت صحيفة معاريف العبرية في تقرير خاص أنه وفي مبادرة دبلوماسية مكثفة تجري بعيداً عن الأضواء، تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتوقيع وثيقة رسمية تتضمن سلسلة من التغييرات الجذرية في النظام الفلسطيني، أبرزها وقف تحويل رواتب الأسرى الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل وعائلاتهم، وتحويلها إلى آلية دعم اجتماعي.
كما تتضمن المبادرة إجراء انتخابات خلال عام على الأكثر، وتغيير المناهج الدراسية، وذلك في إطار جهود لدفع حل الدولتين وتعزيز مكانة السلطة الفلسطينية دولياً.
تأتي هذه الخطوات في سياق تحركات دولية أوسع، بما في ذلك مؤتمرات في باريس ونيويورك، تهدف إلى إحياء فكرة حل الدولتين بمشاركة أطراف عربية ودولية بارزة.
تفاصيل مقترح عباس لإلغاء رواتب الأسرى
وفقاً للرسالة التي وجهها عباس إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 يونيو/حزيران، فإن المقترح يهدف إلى إلغاء القانون الحالي الذي يدفع مخصصات للأسرى الأمنيين بناءً على شدة الفعل وعدد سنوات السجن، ولعائلات من قُتلوا في “أعمال إرهابية”.
الفكرة المطروحة هي إنشاء هيئة مشابهة لمؤسسة التأمين الوطني تدفع رواتب للعائلات (وليس للأسرى مباشرة) وفقاً لاحتياجاتهم ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
ويلتزم عباس في رسالته بإخضاع هذه الآلية للرقابة الدولية. ويُعتقد أن هذا التغيير يسعى لمعالجة الانتقادات الدولية الموجهة لنظام “رواتب الشهداء والأسرى” الحالي.
إصلاحات داخلية واسعة ودفع لانتخابات فلسطينية
تتضمن أجندة الإصلاحات الطموحة التي اعتمدتها السلطة الفلسطينية، بحسب عباس، تعزيز الحوكمة الرشيدة، والشفافية الاقتصادية، وتدعيم مكانة المرأة والشباب في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
كما تعهد عباس بتغيير المناهج الدراسية بحيث “لا تتضمن أي تحريض”، مطالباً إسرائيل بالمثل.
والأبرز في هذا السياق هو نيته الإعلان عن انتخابات رئاسية وبرلمانية فلسطينية، على أن تستند هذه الانتخابات إلى قانون جديد للأحزاب.
وبموجب هذا القانون، لن يُسمح بالترشح إلا للأحزاب والأفراد الذين يتفقون مع البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يتضمن الاعتراف بإسرائيل وفقاً لاتفاقيات أوسلو.
وسيُشترط على المرشحين أيضاً الاعتراف بفكرة الوحدة الفلسطينية، بما يعني كياناً سياسياً واحداً، وحكومة واحدة، وقانوناً واحداً للجميع، وقيادة أمنية موحدة أو “سلاح واحد”.
وتهدف هذه الفقرات بوضوح إلى استبعاد حركة حماس من العملية السياسية المستقبلية.
تحركات دولية لدعم حل الدولتين
جاءت مبادرة عباس متزامنة مع تحركات دبلوماسية مكثفة.
ففي باريس، استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمراً غير رسمي في 13 يونيو/حزيران، جمع مئات الإسرائيليين والفلسطينيين من المجتمع المدني، للترويج لحل الدولتين.
وأكد ماكرون للحضور عزمه على إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية قريباً، ملمحاً إلى أن فرنسا لن تكون وحيدة في هذا القرار.
كما كان من المقرر عقد مؤتمر دولي لتعزيز حل الدولتين في مقر الأمم المتحدة بنيويورك في 17 يونيو/حزيران، بمبادرة مشتركة من ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبمشاركة عباس وشخصيات عربية وغربية بارزة.
وكان الهدف دفع فكرة حل الدولتين وتشكيل مجموعات عمل لمناقشة الاقتصاد الفلسطيني، وضمان بقاء الدولة، وصياغة خطة لسلام غزة وإعادة إعمارها.
ومع أن المؤتمر في نيويورك تأجل إلى نوفمبر بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران، إلا أن “الخطة المصرية” لحل أزمة غزة، التي حظيت بقبول جميع الدول العربية، تُعد جزءاً من هذا التوجه، وتهدف إلى إبعاد حماس عن السلطة وإعادة السلطة الفلسطينية تدريجياً إلى القطاع.
دعوة لإنهاء الاحتلال ورفع القيود
يُطالب عباس الدول المعنية بالعمل على إنهاء الاحتلال، وقبل ذلك إزالة القيود التي فرضتها إسرائيل على سكان الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القيود على الحركة، والوصول إلى الموارد الطبيعية، والقيود الاقتصادية.
وفي رسالته، أكد عباس أن “الشعب الفلسطيني ليس محكوماً عليه بالعيش تحت الاحتلال. لا نحن ولا الإسرائيليون محكومون بحياة حرب. يمكننا أن نعيش بسلام وأمن، جنباً إلى جنب، غداً – إذا اتخذنا القرار الصحيح اليوم”.
تُشير الرسالة إلى إدراك عباس بأن السلطة الفلسطينية لن تصمد أمام مطالبة المجتمع الدولي بالتغيير إلى الأبد، وأن حرب غزة أتاحت “فرصة ذهبية” لدفع عملية السلام.
يُذكر أن الحكومة الإسرائيلية الحالية والإدارة الأمريكية الحالية ليستا شريكتين في هذه التحركات ولا تدعمان مبادرة دفع حل الدولتين قدماً، لكن الأطراف المعنية تتصرف كعدائي المسافات الطويلة، “يُمهدون الطريق، ويُشجعون، ويُزيلون الأعشاب الضارة، ويأملون أن يأتي التغيير قريباً إلى إسرائيل وواشنطن.”