“التلغراف”: اتهام حماس بتقديم مكافآت مالية لاستهداف موظفي الإغاثة “GHF” في غزة

أمد/ غزة: أفادت صحيفة “الديلي تلغراف” البريطانية بأن حركة حماس متهمة برصد مكافآت مالية مقابل قتل الموظفين الأمريكيين الذين يوزعون الغذاء في القطاع، والفلسطينيين الذين يدعمونهم.
مؤسسة إغاثية تتلقى تقارير موثوقة
قالت مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، التي تتولى عمليات توزيع المساعدات، إنها تلقت “تقارير موثوقة” تفيد بأن حماس عرضت أموالاً مقابل قتل موظفيها.
وفي بيان صدر في وقت متأخر يوم السبت، أضافت GHF أن حماس “نشرت أيضاً” عناصر بالقرب من مراكز توزيعها في محاولة لتعطيل تدفق المساعدات.
يأتي هذا الادعاء بعد مذبحة وقعت في وقت سابق من هذا الشهر، راح ضحيتها 12 فلسطينياً من موظفي مؤسسة الهلال الأحمر الفلسطيني، مما يزيد من المخاطر التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني.
نظام توزيع المساعدات المثير للجدل
بدأت مؤسسة GHF عملياتها في غزة نهاية مايو، بعد حصار إسرائيلي دام قرابة ثلاثة أشهر على دخول المساعدات الإنسانية.
وقد تعرض هذا النموذج، الذي تدعمه إسرائيل والولايات المتحدة بهدف منع حماس من الاستيلاء على المساعدات، لانتقادات شديدة من معظم المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية، واعتبروه “غير إنساني وغير مناسب للغرض”.
اتهامات متبادلة وتحديات أمنية
ووقعت عمليات إطلاق نار جماعي عديدة على سكان غزة قرب مراكز GHF. وألقى شهود عيان اللوم على القوات الإسرائيلية، التي توفر حماية أمنية خارجية للمقاولين الأمريكيين.
وينفي الجيش الإسرائيلي ذلك، مؤكداً أنه أطلق طلقات تحذيرية فقط، وقد أطلق تحقيقاً داخلياً الأسبوع الماضي في هذه الادعاءات. في حين أن الإعلام العبري كشف أن الجيش الإسرائيلي أوعز بإطلاق النار على منتظري المساعدات في غزة.
نقلت صحيفة “هآرتس” العبرية، يوم الجمعة، عن ضباط وجنود في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن “الجيش أصدر أوامر لقواته بإطلاق نار بشكل متعمد باتجاه غزيين بالقرب من نقاط توزيع المساعدات الإنسانية، خلال الشهر الأخير، بادعاء إبعادهم أو تفريقهم، رغم أنه كان واضحا أن هؤلاء الغزيين لا يشكّلون خطرا”.
وقال أحد الجنود إن “القصة هي أنه يوجد فقدان مطلق لطهارة السلاح في غزة”. وتدعي “النيابة العسكرية” الإسرائيلية أنها طالبت دائرة التحقيق في “هيئة الأركان العامة” بالتحقيق في شبهة ارتكاب جرائم حرب في مناطق توزيع المساعدات، حسب الصحيفة.
ويشرف على توزيع المساعدات في أربعة مراكز في قطاع غزة “مؤسسة غزة الإنسانية”، وفق آلية إسرائيلية-أميركية، مرفوضة أمميا.
وتعمل المراكز تحت “حراسة” جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتفتح لمدة ساعة واحدة في اليوم، ولا تعمل بشكل منظم.
ونقلت “هآرتس” عن ضباط وجنود إسرائيليين قولهم إن “الجيش الإسرائيلي يطلق النار باتجاه غزيين الذين يصلون إلى مراكز توزيع المساعدات قبل فتحها أو بعد إغلاقها”.
ويرجّح الجنود الذين تحدثوا إلى الصحيفة أن الغزيين الذين يصلون إلى المراكز قبل فتحها، في ساعات الفجر، لا يرون حدود هذه المراكز بسبب الظلام.
ووصف جندي إسرائيلي الوضع بأنه “ميدان إعدام”، وقال إنه “في المكان الذي تواجدت فيه قُتل ما بين شخص واحد إلى خمسة أشخاص يوميا. ويطلقون النار عليهم كأنهم قوة هجومية. ولا يستخدمون وسائل تفريق مظاهرات، ولا يطلقون الغاز، وإنما يطلقون النار من رشاشات ثقيلة، قاذفات قنابل، قذائف هاون. ويتوقفون عن إطلاق النار بعد فتح المراكز ويعلم السكان أن بإمكانهم الاقتراب. نحن نتواصل معهم بواسطة النيران”.
وأضاف الجندي: “يطلقون النار في الصباح الباكر إذا أراد أحد الوقوف في الطابور على بُعد مئات الأمتار، وأحيانا يهاجمونهم من مسافة قريبة، لكن لا يوجد خطر على القوات. وأنا لا أعرف أي حالة تم فيها إطلاق نار من الجانب الآخر. لا يوجد عدو ولا سلاح”، وأفاد بأنه يطلق على جريمة الجيش الإسرائيلي هذه تسمية “عملية الفسيخ العسكرية”، في إشارة إلى السمك المملح.
ونقلت الصحيفة عن ضباط إسرائيليين تأكيدهم أن “الجيش الإسرائيلي لا ينشر توثيق للأحداث عند مواقع توزيع المساعدات، وأن الجيش راض من أن نشاط مؤسسة غزة الإنسانية منع انهيارا مطلق للشرعية العالمية لاستمرار الحرب”، ويعتقدون أن “الجيش الإسرائيلي نجح في تحويل قطاع غزة إلى ساحة خلفية، خاصة في أعقاب الحرب مع إيران”.
وقال جندي في قوات الاحتياط إن “غزة لم تعد تهم أحدا. وتحولت إلى مكان مع قوانين خاصة به. وموت البشر أصبح لا شيء، وحتى ليس (حادثا مؤسفا) مثلما كانوا يقولون”.
وقال ضابط إسرائيلي إن “العمل مقابل سكان، وفيما الوسيلة الوحيدة لديك أمامهم هي إطلاق النار، هو إشكالي جدا. وليس صحيحا أخلاقيا أن تأتي إلى المنطقة بواسطة نيران دبابة وقناصة وقذائف هاون”.
وأضاف أنه “في الليالي نطلق النار كي نوضح للسكان أن هذه منطقة قتال وألا يقتربوا إليها. وفي مرحلة معينة يتوقف إطلاق قذائف الهاون، وعندها يبدأ السكان بالاقتراب، ثم نستأنف إطلاق النار كي يعرفوا أنه يحظر الاقتراب. وفي النهاية رصدنا سقوط قذائف بين مجموعة أشخاص. وفي حالات أخرى أطلقنا أعيرة نارية من دبابات وألقينا قنابل، وحدث أن أصيبت مجموعة مواطنين التي اقتربت تحت غطاء الضباب”، وادعى أن “هذا ليس متعمدا، لكن أمورا كهذه تحدث”.
وتابع الضابط أن السكان لا يعرفون موعد فتح مراكز توزيع المساعدات. “ولا أعرف من يتخذ القرار، لكننا نوجه أوامر للسكان ولا نطبقها أو أنها تتغير. وكانت هناك حالات في بداية الشهر التي قالوا فيها لنا إنهم أصدروا بيانات حول فتح المركز عند الظهر، وجاء السكان في ساعات الصباح الباكر من أجل أن يكونوا أول من يحصل على الطعام. ونتيجة أنهم جاؤوا مبكرا، تم إلغاء توزيع المساعدات في ذلك اليوم”.
وأفادت مصادر طبية فلسطينية، باستشهاد أكثر من 550 مواطنا وإصابة أكثر من 4 آلاف آخرين، بنيران الاحتلال الإسرائيلي، منذ أواخر أيار/ مايو الماضي، أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 تشن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، أكثر من 188 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.
وزعمت إسرائيل، إلى جانب صندوق المساعدات الإنسانية العالمي، مراراً وتكراراً أن حماس حاولت تعطيل جمع المساعدات من خلال ترهيب السكان وإطلاق النار عليهم بالقرب من مواقع المساعدات.
من جانبها، قالت مؤسسة GHF إن “أهداف وحشية حماس هم الأبطال الذين يحاولون ببساطة إطعام شعب غزة في خضم الحرب”.
وأضافت: “إن أفراد أمننا الأميركيين، وهم من بين أفضل المحاربين القدامى وأكثرهم حصولاً على الأوسمة، موجودون على الأرض لحماية الناس… ولقد دفع موظفونا المحليون… الثمن الباهظ بالفعل: فقد قُتل اثنا عشر منهم، وتعرض آخرون للتعذيب، والآن تظهر المزيد من التهديدات يوماً بعد يوم.”
غياب أدلة مكتوبة واتهام بـ”نهب المساعدات”
وقال مصدر في غزة لصحيفة التلغراف إنه لم يرَ أي مواد مكتوبة، على وسائل التواصل الاجتماعي أو في أي مكان آخر، تدعم الادعاء بأن حماس كانت تقدم مكافآت نقدية لقتل موظفي GHF، مشيراً إلى أن وعد المكافآت ليس جزءاً من “كتاب اللعب المعتاد لحماس”.
يأتي هذا التطور في أعقاب موافقة وزارة الخارجية الأمريكية على تخصيص 30 مليون دولار لدعم نموذج المساعدات الجديد المثير للجدل.
وفي سياق منفصل، أفادت تقارير بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يسرائيل كاتس كلفا الجيش الإسرائيلي بإيجاد طريقة جديدة لإدخال شاحنات المساعدات إلى غزة، وسط تزايد عمليات النهب التي تورطت فيها حماس، وعصابات عائلية مسلحة (عشائر)، وسكان يعانون من جوع متزايد.