عناصر اتفاق الصفقة المتداولة

أمد/ جرى في مياه الاقتراحات المتداولة بين إسرائيل وإدارة ترمب والوسطاء العرب بالتماس مع حركة حماس العديد منها، وجميعها حتى اللحظة الراهنة بمثابة بالونات اختبارات، واستشراف افاق صفقة تستجيب للرؤية الأميركية الإسرائيلية، وبعضها طرح للتسويف والمماطلة وكسب الوقت لإطالة أمد الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني، ولفتح القوس أمام الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية في إمكانية تحقيق أي هدف من اهداف الإبادة المعلنة إسرائيليا وخاصة فرض التهجير القسري أو الافراج عن عدد من الرهائن الإسرائيليين.
وأخر مقترح متداول، نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية يوم الخميس 26 حزيران / يونيو الحالي، الذي جاء في اعقاب وقف الصراع الإسرائيلي الأميركي من جهة والإيراني من جهة أخرى مساء الثلاثاء 24 يونيو الحالي، ويتضمن المقترح الجديد البنود التالية: 1- حكم عربي في غزة، تتولى دول عربية إدارة القطاع بدلا من حركة حماس، من بينها مصر والامارات العربية المتحدة؛ 2- سيادة إسرائيلية على الضفة الغربية: تأكيد السيطرة الإسرائيلية على أراضي الدولة الفلسطينية المحتلة؛ 3- إعلان عن “دولة فلسطينية”: خطوة رمزية أو شكلية ضمن هذا الترتيب الجديد؛ 4- توسيع اتفاقيات ابراهام: ضم المزيد من الدول العربية والإسلامية الى دائرة التطبيع مع إسرائيل. وبحيث يعلن عن انتهاء الحرب خلال أسبوعين. ويشمل الاتفاق التفصيلي، ما تبقى من قيادة حماس سيتم نفيهم الى دول أخرى؛ الافراج عن كافة الاسرى هو شرط أساسي؛ عدد من دول العالم ستستقبل أعدادا من سكان غزة الراغبين في الهجرة منها.
وأكدت الصحيفة ان كل من ترمب وروبيو اجريا محادثة هاتفية مع كل من نتنياهو ودريمر بعد الهجوم الأميركي على إيران، ناقشوا فيها رؤيتهم للسلام في الشرق الأوسط، ولكن في تصريح واضح أعلن رئيس الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في ذات اليوم تعقيبا على الخبر المنشور، انه لم يناقش فكرة وجود دولة فلسطينية نهائيا، وانه يرفض الحديث بهذا النقطة أولا خشية من اقرانه في الائتلاف، وثانيا حرصا على حماية الحكومة من التفكك، وثالثا تعكس قناعته الاستراتيجية، إذا تمكن من تثبيتها وتجاوز موقف الرئيس الأميركي وأركان ادارته. مع ان صحيفة “يسرائيل هيوم” أكدت، أن الاتفاق يتضمن بندا يشير الى استعداد إسرائيل للانخراط في مفاوضات حول تسوية سياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس خيار حل الدولتين، شريطة ان تقوم السلطة الفلسطينية بإجراء إصلاحات داخلية محددة يتم التوافق عليها مسبقا؛ بيد انه مستميت على توسيع التطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل، وخاصة ضم الدول العربية المقترحة: السعودية وسوريا ولبنان والسودان وغيرها، مع أن القيادات السعودية واللبنانية والسورية لها أولويات سياسية داخلية وخارجية من بينها إيجاد أفق سياسي واضح بشأن إقامة الدولة الفلسطينية.
كما ان حركة حماس وضعت شروطا لقبولها بالمقترح الجديد، حسب تسريب مصدر فلسطيني مسؤول لموقع “سكاي نيوز عربية” أمس السبت 28 يونيو الحالي، تتضمن: عدم استهداف أعضاء مكتبها السياسي أو أي من أعضائها في الخارج؛ وعدم مصادرة أموالها أو تجميدها؛ وعدم فرض أي قيود مالية أو قانونية على نشطاتها خارج الأراضي الفلسطينية؛ كما تُصر على وجود تمثيل مباشر لها في إدارة قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة؛ اشراك عناصر تابعين لها أو محسوبين عليها في تشكيل الأجهزة الأمنية المستقبلية داخل القطاع، بما يضمن لها دورا فعليا في إدارة الشؤون المدنية والأمنية؛ حصول حماس على ضمان أميركي واضح بإنهاء الحرب، بالتلازم مع الاتفاق على آلية يتم بحثها خلال فترة وقف القتال لتنفيذ تلك الضمانات. ولم تتطرق شروطها بندا واحدا بشأن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
هذا ورجح المصدر الفلسطيني، أن تستمر الهدنة 70 يوما، يتم خلالها التفاوض على التفاصيل النهائية للاتفاق الشامل. كما أكد، على قبول الإدارة الأميركية على لعب دور الضامن الرئيسي لإنهاء الحرب، الا انها منحت إسرائيل في الوقت ذاته استئناف العمل العسكري في حال فشل الوصول الى اتفاق نهائي بعد انتهاء الهدنة.
وحسب تصريح للرئيس الأميركي انه يرى إمكانية حقيقية للتوصل الى وقف إطلاق النار في غزة خلال أسبوع واحد فقط، وجاء ذلك أمس السبت خلال احتفال البيت الأبيض بمناسبة توقيع اتفاق سلام بين جمهوريتي الكونغو ورواندا، وأكد انه جرى مشاورات مع مسؤولين مشاركين في الوساطة بين إسرائيل وحماس، وان التفاهم بات وشيكا.
لكن من المبكر الرهان على ما يجري تداوله ما لم يعلن الرئيس ترمب عن وقف الحرب فورا ودخول الهدنة حيز التنفيذ، وإدخال المساعدات الإنسانية كافة لأبناء الشعب في قطاع غزة، ووقف التهجير القسري او “الطوعي” من القطاع، وتأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في كافة محافظات الوطن الفلسطيني المحتل، وإعادة نظر في بنود المقترح المطروح، ومنها انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي سيطرت عليها بعد السابع من أكتوبر 2023، ووقف الاستيطان الاستعماري بكل اشكاله في الضفة والقدس العاصمة الأبدية، وإزالة الحواجز والبوابات من بين المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية كافة، وإعادة الاعتبار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الاونروا”، والشروع بإعمار ما دمرته الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وايصال المياه والكهرباء والوقود بكثافة ووفق احتياجات الشعب، ووقف القرصنة على أموال المقاصة الفلسطينية، وصرف المتأخرات المالية والتي تقدر بنحو 7 مليارات شكيل.
ما لم يكون هناك نصا واضحا، والزاما دوليا وخاصة اميركيا لإسرائيل باستحقاقات السلام، يبقى ما هو مطروح لا يتجاوز الحبر على الورق، ولا يساوي قيمة الحبر.