تقرير: القدس والضفة الغربية تحت خطر “التطهير العرقي” وزيادة في عنف المستوطنين

تقرير: القدس والضفة الغربية تحت خطر “التطهير العرقي” وزيادة في عنف المستوطنين

أمد/ رام الله – كتبت مديحة الأعرج: يُظهر التقرير الأسبوعي بشأن الاستيطان تصعيدًا خطيرًا في سياسات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تواجه القدس والضفة الغربية حملة ممنهجة من الإخلاء والتهجير والعنف المتزايد من قبل المستوطنين.

القدس المحتلة: حملة تهجير وتغيير ديموغرافي

سلطات الاحتلال تُكثّف استهدافها للفلسطينيين في القدس، وتُصعّد إجراءاتها لفرض تهجير قسري تحت ذرائع مختلفة، مستفيدة من قوانين تمييزية لصالح المستوطنين. بلدة سلوان وأحياؤها في قلب هذه الحملة، حيث تُخطط السلطات لتهجير نحو 800 فلسطيني من حي بطن الهوى، و500 فلسطيني من حي الشيخ جراح، بينما يُهدد الهدم والتهجير أكثر من 100 منزل يقطنها 1550 فلسطينياً في حي البستان.

تواجه العائلات معارك قضائية مستمرة لتجديد إخطارات الهدم، في ظل وجود 78 بؤرة استيطانية يعيش فيها 2800 مستوطن داخل بلدة سلوان التي يقطنها 58,500 مقدسي. كما يُمثل قانون “كامينتس” (التعديل 116 لقانون التخطيط والبناء، دخل حيز التنفيذ في 25 أكتوبر 2017) خطراً كبيراً، حيث يزيد من العقوبات ويسرّع عمليات الهدم دون محاكمات.

قرارات قضائية “عنصرية” تدعم التهجير

رفض قاضي المحكمة العليا الإسرائيلية، نوعام سولبرغ، الأسبوع الماضي، استئناف عائلتي شويكي وعودة، حكماً بإخلائهما من منزلهما في حي بطن الهوى. هذا القرار سيُجبر 19 فلسطينياً على إخلاء منزليهم لصالح مستوطنين مرتبطين بمنظمة “عطيرت كوهانيم” الاستيطانية. هذه الدعاوى هي جزء من حملة أوسع لترحيل الحي بأكمله. الأساس القانوني لهذه المطالبات هو قانون تمييزي يسمح لليهود فقط باستعادة ممتلكاتهم المفقودة عام 1948، بينما يُحرم الفلسطينيون من نفس الحق.

تعليقاً على ذلك، أكدت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية أن “تجريد الفلسطينيين من منازلهم في سلوان، بتطبيق “حق العودة” اليهودي يمثل وصمة عارٍ لا تُمحى على دولة إسرائيل”.

ولا تزال خمس قضايا استئناف أخرى عالقة في المحاكم، بما في ذلك عائلات الرجبي وبصبوص، وتستند جميعها إلى نفس القانون العنصري لعام 1970.

القانون الدولي يُجرم السياسات الإسرائيلية

يُؤكد القانون الدولي على حظر سياسة الإخلاء، وهو ما أكده الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في يوليو الماضي. وقد أشارت المحكمة صراحة إلى أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية في القدس الشرقية والنظام القانوني التمييزي، خاصة قانون أملاك الغائبين، يُشكل انتهاكاً للقانون الدولي. كما أعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء مستقبل 87 عائلة فلسطينية تُهدد بالإخلاء القسري في سلوان.

الفلسطينيون في حي الشيخ جراح، وكثير منهم لاجئون هُجروا عام 1948، ما زالوا يعيشون قلقاً على وجودهم، في ظل سعي المستوطنين المدعومين من سلطات الاحتلال، وخاصة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، لإفراغ الحي منهم. منظمات استيطانية مثل “عطيرت كوهانيم” و”نحالات شمعون” تقف وراء هذه الدعاوى، بهدف إقامة مستوطنات في قلب الأحياء الفلسطينية.

الضفة الغربية: عنف مستوطنين متزايد وقيود على التنقل

كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن أكثر من 680 فلسطينياً هُجروا في النصف الأول من عام 2025 بسبب هدم منازلهم في المنطقة (ج)، أي ضعف العدد في نفس الفترة من العام الماضي. وتواصل القوات الإسرائيلية تشديد القيود على التنقل، مع إغلاق حواجز وطرق حيوية، فيما تستمر حركة المستوطنين دون انقطاع.

وصل عنف المستوطنين “العربدة” إلى ذروته في الأسبوع الماضي

رام الله والبيرة: شن عشرات المستوطنين هجوماً على بلدة كفر مالك، ما أسفر عن استشهاد ثلاثة مواطنين وجرح آخرين. كما تم إحراق منزل قرب الطيبة، وواصل المستوطنون تجريف واقتلاع أشجار الزيتون في سنجل. وسجلت اعتداءات بالرصاص والغاز والفلفل على مواطنين ومركبات في المغير وبيت لقيا وترمسعيا، وإحراق أراضٍ زراعية.

الخليل: أطلق مستوطنون ماشيتهم في أراضي المواطنين واستولوا على بئر ماء في مسافر يطا. واستشهد المواطن محمد أحمد محمود الهور (48 عاماً) وأصيب آخر برصاص مستوطنين في صوريف، هاجموا منطقة “القرينات” وأضرموا النيران في الأراضي.

بيت لحم: هدمت قوات الاحتلال غرفة زراعية وجرفت أرضاً وردمت بئراً واقتلعت عشرات أشجار الزيتون في واد رحال وحوسان. كما نصب مستوطنون ثماني بوابات حديدية على طرق زراعية، مما يحرم المزارعين من الوصول إلى حوالي 12000 دونم من أراضيهم.

نابلس: قام مستوطنون بحراثة وتسييج أراضٍ زراعية في قريوت، واقتلعوا عشرات الأشجار في عقربا ومجدل بني فاضل. وأصيب مواطن في عصيرة القبلية بعد رشق المستوطنين له بالحجارة. كما أغلق مستوطنون شارعاً في دوما بالسواتر الترابية، واستأنفوا بناء بؤرة استيطانية في حوارة.

الأغوار: اقتحم مستوطنون قرية عرب المليحات وأقاموا حفلاً استفزازياً، وحاولوا سرقة منشآت، كما سيجوا مزيداً من الأراضي في الفارسية.

يُحمل التقرير وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس المسؤولية الكاملة عن جرائم المستوطنين، خاصة بعد إلغائه أوامر الاعتقال الإداري بحقهم. وبذلك، يقترب عدد الشهداء الذين سقطوا برصاص هذه الجماعات الإرهابية منذ السابع من أكتوبر 2023 من حاجز الثلاثين شهيداً.