تقرير: إسرائيل أودت بحياة 4% من سكان غزة منذ بدء العمليات العسكرية

أمد/ تل أبيب: كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، أن حصيلة الضحايا الفلسطينيين في قطاع غزة تقترب من 100 ألف شخص، أي ما يعادل 4% من سكان القطاع، نتيجة للهجمات الإسرائيلية أو الآثار غير المباشرة للعمليات العسكرية منذ 7 أكتوبر 2023. هذا الرقم، الذي يجعل الحرب “الأكثر دموية في القرن الحادي والعشرين”، جاء بناءً على تقارير خبراء دوليين تشير إلى أن أرقام وزارة الصحة الفلسطينية أقل من الحجم الحقيقي للأزمة.
“هآرتس” تتساءل عن الحصيلة الحقيقية: هل قُتل 100 ألف فلسطيني؟
تساؤلت “هآرتس” في تقرير لها عما إذا كانت إسرائيل قد قتلت 100 ألف فلسطيني في غزة منذ بداية العمليات العسكرية، مسلطة الضوء على تقرير نشره فريق بحثي دولي. ونقلت الصحيفة عن باحثين دوليين تأكيدهم أن عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية في غزة، والذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، “أقل من الحجم الحقيقي للأزمة”. وأضاف الباحثون أن الجوع والمرض وإطلاق النار الإسرائيلي على مراكز توزيع الغذاء تجعل العمليات العسكرية في القطاع من بين أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين.
دراسة عالمية: أعداد الضحايا الحقيقية تتجاوز المعلن بـ 40%
في الوقت الذي يرفض فيه مسؤولون إسرائيليون بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مدّعين أنها “مبالغ فيها”، يؤكد خبراء دوليون أن قائمة تلك الوزارة “ليست موثوقة فحسب بل قد تكون متحفظة جدًا مقارنة بالواقع”. وسلطت الصحيفة الضوء على دراسة نشرها البروفيسور مايكل سباغات، الخبير العالمي في الوفيات خلال النزاعات العنيفة، وفريق من الباحثين هذا الأسبوع، واعتبرتها “الأكثر شمولًا حتى الآن بشأن موضوع الوفيات بغزة”.
وأوضحت الصحيفة أن سباغات، بالتعاون مع عالم السياسة الفلسطيني الدكتور خليل الشقاقي، أجرى مسحًا لـ 2000 أسرة في غزة (نحو 10 آلاف شخص)، وتوصلوا إلى أنه حتى يناير 2025، قُتل حوالي 75 ألفًا و200 شخص في غزة نتيجة أعمال عنف خلال الحرب، غالبيتهم العظمى بسبب الذخائر الإسرائيلية. وفي ذلك الوقت، كانت وزارة الصحة في قطاع غزة قد قدرت عدد القتلى بـ 45 ألفًا و660 قتيلًا، مما يعني أن بيانات الوزارة قللت العدد الحقيقي للقتلى بنحو 40%.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدراسة، التي نُشرت كنسخة أولية ولم تخضع بعد لمراجعة الأقران، تتشابه نتائجها إلى حد كبير مع دراسة أخرى أُجريت بأساليب مختلفة تمامًا ونُشرت في يناير الماضي، وقدرت تلك الدراسة أيضًا التفاوت بين بيانات وزارة الصحة والأرقام الحقيقية بنحو 40%.
غزة تحتل المرتبة الأولى في نسبة القتلى المدنيين ومعدل الوفيات
نقلت الصحيفة عن البروفيسور سباغات قوله إن “هذه البيانات تضع الحرب في قطاع غزة كواحدة من أكثر الصراعات دموية في القرن الحادي والعشرين”. وأضاف: “حتى لو كان العدد الإجمالي لضحايا الحرب في سوريا وأوكرانيا والسودان أعلى في كل حالة، فإن غزة على ما يبدو تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة القتلى من المقاتلين إلى غير المقاتلين، وكذلك من حيث معدل الوفيات بالنسبة إلى حجم السكان”.
ووفقًا لبيانات المسح، فإن 56% من القتلى كانوا إما أطفالًا دون 18 عامًا، أو نساء، وهو “رقم استثنائي مقارنة بجميع النزاعات الأخرى تقريبًا منذ الحرب العالمية الثانية”. وتشير البيانات إلى أن نسبة النساء والأطفال الذين قُتلوا نتيجة للعنف في غزة تزيد على ضعف النسبة في جميع النزاعات الأخيرة تقريبًا، بما في ذلك الحروب الأهلية في كوسوفو (20%)، وشمال إثيوبيا (9%)، وسوريا (20%)، وكولومبيا (21%)، والعراق (17%)، والسودان (23%).
تضارب الأرقام: مزاعم إسرائيلية ورفض دولي
بينما يكرر المتحدثون الرسميون والإعلاميون الإسرائيليون رقمًا يفيد بمقتل 20 ألفًا من حماس ومنظمات أخرى، تؤكد الصحيفة أن هذا الرقم “غير مدعوم بقائمة أسماء أو أدلة أو مصادر أخرى”. ووفقًا لسباغات، تمكن فريقه من الوصول إلى بضع مئات فقط من المسلحين، مما يجعل من الصعب إعداد قائمة تضم حتى ألفًا.
في سياق متصل، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس بشكل قاطع تقريرًا سابقًا لـ”هآرتس” زعم أن جنودًا إسرائيليين تلقوا أوامر بإطلاق النار على الفلسطينيين الذين يقتربون من مواقع الإغاثة داخل غزة، واصفين نتائج التقرير بأنها “أكاذيب خبيثة تهدف إلى تشويه صورة الجيش”.
حوادث إطلاق النار على طالبي المساعدة مستمرة
يُذكر أن أكثر من 500 فلسطيني قد قُتلوا وأصيب مئات آخرون أثناء بحثهم عن الطعام، منذ أن بدأت مؤسسة غزة الإنسانية، التي تشكلت حديثًا، في توزيع المساعدات في القطاع قبل حوالي شهر، حسب وزارة الصحة في غزة. ويقول شهود عيان فلسطينيون إن قوات إسرائيلية فتحت النار على حشود على الطرق المؤدية إلى مواقع توزيع المساعدات الغذائية.
في رده على مقال “هآرتس”، أكد الجيش الإسرائيلي أنه يحقق في الحوادث التي تضرر فيها مدنيون أثناء اقترابهم من المواقع، ورفض مزاعم المقال “بإطلاق النار المتعمد على المدنيين”. تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة غزة الإنسانية، التي تدعمها شركة مقاولات أميركية خاصة، قامت بتوزيع صناديق غذائية في أربعة مواقع، معظمها في أقصى جنوب غزة، خلال الشهر الماضي.