“رويترز”: حماس “تطلب” وقف إطلاق النار في غزة في ظل أزمة قيادية وتزايد استياء العشائر

أمد/ غزة: في ظل الحديث عن “زخم” في اتصالات وقف إطلاق النار بغزة وصفقة تبادل الأسرى، نشرت وكالة “رويترز” يوم الجمعة تحقيقاً يكشف عن وضع صعب للغاية تمر به حركة حماس، حيث نقلت عن مصادر مقربة من الحركة حاجتها الماسة لوقف إطلاق النار.
هذه الحاجة لا تقتصر على الأسباب الإنسانية، بل تمتد لتشمل انهيار قيادتها بعد تصفية معظم كبار قادتها العسكريين، وتصاعد الغضب الشعبي بعد 20 شهراً من الحرب، ورغبتها في كبح جماح العشائر الخارجة عن سلطتها والتي تزداد قوتها.
تفكك القيادة وتصاعد نفوذ العشائر المدعومة إسرائيلياً
أفادت ثلاثة مصادر مقربة من حماس لـ”رويترز” بأن مقاتلي الحركة باتوا يعملون بشكل مستقل دون قيادة مركزية، مع تلقيهم أوامر بـ”الصمود” لأطول فترة ممكنة.
وأضافت المصادر أن حماس تواجه صعوبة في الحفاظ على سيطرتها على القطاع، جزئياً بسبب استراتيجية إسرائيلية تشمل دعم وتسليح عشائر معارضة للحركة.
أحد المصادر أكد أن حماس “تحتاج بشدة” لوقف القتال، ليس فقط لأسباب إنسانية، بل لتمكينها من “سحق” الجماعات المتمردة، بما في ذلك العشائر التي ترفض سلطتها أو المجرمين الذين ينهبون المساعدات.
محاولات اغتيال فاشلة ومخاوف من التمرد الداخلي
وكشف مصدران من حماس ومصدران آخران مطلعان، أن الحركة أرسلت “مقاتلين كباراً” لاغتيال ياسر أبو شباب، زعيم ميليشيا تنشط في منطقة رفح وتحظى بـ”دعم إسرائيلي” – رغم نفي إسرائيل لذلك.
وبحسب مصادر حماس، فشلت محاولة الاغتيال بسبب تواجد أبو شباب في منطقة خاضعة لسيطرة إسرائيلية.
تُشير شهادات من 16 مصدراً، شملت مقربين من حماس ومسؤولين أمنيين إسرائيليين ودبلوماسيين، إلى صورة لحركة ضعيفة تخشى التمرد الداخلي.
ومع ذلك، لا تزال تشكل تهديداً للجيش الإسرائيلي، كما ظهر في مقتل سبعة جنود إسرائيليين بخان يونس هذا الأسبوع إثر استهداف ناقلة جند مدرعة.
خسائر بشرية وتراجع قدرة المقاتلين
قدر مسؤول عسكري إسرائيلي أن نحو 20 ألف مقاتل من حماس قتلوا حتى الآن، وأن مئات الكيلومترات من الأنفاق دُمرت.
وأضاف مسؤول أمني آخر أن متوسط أعمار مقاتلي الحركة “يتناقص يوماً بعد يوم”، مشيراً إلى أن حماس تجند الآن عناصرها من “مئات آلاف الشباب اللاجئين الفقراء والعاطلين عن العمل”.
وصف تحقيق “رويترز” حماس بأنها “ظل للحركة” التي نفذت هجوم 7 أكتوبر، مؤكداً أن الضربات التي تلقتها هي الأقسى منذ تأسيسها عام 1987.
حماس تتمسك بشروطها رغم الوضع الصعب
صرح القيادي في حماس سامي أبو زهري لـ”رويترز” أن الحركة تعمل للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، لكنه جدد رفضه لشروط إسرائيل، مؤكداً أن “الاستسلام ليس خياراً”.
وأكد أن حماس ملتزمة بالتفاوض ومستعدة لإبرام صفقة تطلق بموجبها جميع الأسرى الإسرائيليين “دفعة واحدة”، لكنه تمسك بشروط الحركة لإنهاء القتال وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة.
وأشار مصدر مقرب من حماس إلى أن الحركة “سترحب” بوقف إطلاق النار – حتى لو كان مؤقتاً – لمواجهة العشائر المتنامية النفوذ. إلا أنه اعتبر أن شروط الحكومة الإسرائيلية لنفي قادة حماس تعني “هزيمة كاملة”، مؤكداً أن الحركة لن تستسلم.
ضعف حماس وتأثير انهيار إيران
يزيد صايغ، الباحث في معهد كارنيغي للشرق الأوسط، أكد أن حماس “تحاول البقاء” في ظل تحديات عسكرية وسياسية داخلية.
وقال: “إذا لم تتوقف الحرب، فالحركة تواجه خطر التصفية على الأرض في غزة، وربما أيضاً الإقصاء من أي معادلة حكم مستقبلية”.
من التحديات الكبرى التي تواجه حماس، العشائر التي لا تخضع لسلطتها، وعلى رأسها ميليشيا أبو شباب في رفح، التي تُتهم بتلقي دعم إسرائيلي.
وقد هدد مصدر في حماس بأن “أجهزة الأمن ستضرب بقبضة من حديد وستقتلع عصابة العميل ياسر أبو شباب من جذورها”، متوعداً بأنه “لن نرحم”.
ومع ذلك، هناك عشائر أخرى أعلنت “حماية” شاحنات المساعدات بالتنسيق مع حماس.
ويرى المحلل الفلسطيني أكرم عطا الله أن صعود ميليشيا أبو شباب سببه ضعف حماس، لكنه توقع فشلها لأن غالبية الفلسطينيين يرفضون التعاون مع إسرائيل.
وتتفاقم محنة حماس بسبب تراجع قوة حليفها المركزي إيران، خاصة بعد مقتل سعيد إيزدي، القيادي في فيلق القدس وحلقة الوصل الأساسية بين الحرس الثوري وحماس، في الحرب الأخيرة.
وتشير مصادر فلسطينية إلى أن حماس تدرس “المخاطر” الناجمة عن ضعف إيران وتتوقع “تأثيراً على طبيعة التمويل والخبرات”.