85% من المصادر توقفت عن العمل.. أزمة المياه في غزة تت worsening في ظل حرب إبادة منظمة

أمد/ شيماء أبو سعدة – غزة: تتفاقم أزمة المياه في قطاع غزة يومًا بعد يوم، في ظل استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية التي بدأت في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وقد خلّفت دمارًا واسعًا طال البنية التحتية، من شبكات المياه والصرف الصحي، إلى محطات التحلية التي خرجت عن الخدمة بسبب القصف المباشر أو نقص الوقود.
وتؤدي تداعيات الحصار المشدد الوضع الإنساني، مع استمرار منع إدخال الوقود والمواد الأساسية للحياة، ما يترك مئات الآلاف من السكان في مواجهة عطش مرير.
فيضطر كثيرون لقطع مسافات طويلة سيرًا على الأقدام للحصول على كميات قليلة من مياه الشرب، في مشهد بات رمزًا لمعاناة غزة المتواصلة.
ووفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وسلطة المياه، فإن أكثر من 85% من مصادر المياه والصرف الصحي قد خرجت عن الخدمة بشكل كامل أو جزئي جراء تداعيات عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
وأشار التقرير إلى أن حصة الفرد من المياه بغزة لا تتجاوز نصف الكمية المقدرة للحد الأدنى الإنساني المطلوب في حالات الطوارئ وهي 15 لتراً للفرد باليوم.
وتراجعت معدلات التزوّد بالمياه لما معدله 3–5 لترات للفرد في اليوم، حيث تتباين بشكل كبير حسب الموقع الجغرافي، والمياه المزودة، والدمار الحاصل في البنية التحتية، وعمليات النزوح المستمرة.
أزمة تشغيل محطات التحلية..
يقول “م.ز”.، عامل في محطة تحلية، إن المحطة تعمل بصعوبة كبيرة منذ بدء الحرب، بسبب الاستهدافات المتكررة وارتفاع أسعار الوقود، مضيفًا: “نشتري الوقود من السوق السوداء بأسعار تزيد 25 ضعفًا عن السعر الطبيعي”.
وأوضح أن سكان المنطقة يتوافدون إلى المحطة للحصول على كميات ضئيلة من المياه، وسط تفاقم الأزمة بفعل ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب اليومي.
وأضاف: “استمرار نقص مياه الشرب في الأجواء الحارة لا يسبب فقط معاناة، بل يهدد حياة الآلاف، خاصة الأطفال وكبار السن، في ظل انعدام البدائل”.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، يشهد انعدام الأمن المائي في غزة تفاقمًا ملحوظًا، إذ يتعذّر الوصول إلى أكثر من نصف منشآت المياه والصرف الصحي.
وأضاف، مما يحدّ بشدة من إمكانية الحصول على مياه الشرب، ويقوّض النظافة الصحية الأساسية، ويعرّض الصحة العامة لخطر شديد.
معاناة مستمرة وشهادات من الميدان..
قال المواطن (حسين زقوت) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، إنه “بسبب الحرب والأوضاع السيئة التي يعيشها قطاع غزة ، يضطر للمشي 2 كيلو للحصول على القليل من المياه الصالحة للشرب” .
وتابع، إن ما يعيشه الفلسطينيون تجربة قاسية تتجاوز التعب الجسدي، فالعيش تحت ضغط نفسي مرهق، في ظل أوضاع إنسانية متدهورة تسرق منهم أبسط مقومات الحياة.”
أما المواطن (محمد حرب) من حي “الصفطاوي” شمال غرب مدينة غزة، يشتكي من ندرة المياه وصعوبة الحصول عليها .
فيقول: “نعاني بشدة من شح المياه، فالكميات القليلة التي تصلنا لا تكفي لأبسط احتياجاتنا اليومية”. وأضاف بحزن: “نحن نواجه عطشًا لا يرحم”.
ويقول رجل السن (ف.ن) من “حي الشيخ رضوان غرب غزة” أقف من ساعة إلى ساعتان تحت الشمس لأملأ جالونات المياه لعائلتي، ويضيف بحسرة أن مشهد التدافع أمام عربات المياه أصبح اعتياديًا، وأنه لا يستطيع تعبئة المياه بشكل يومي بسبب الازدحام الشديد وكثافة السكان.
موقف المنظمات الدولية..
قالت منظمة العفو الدولية في بيان لها ” يجب ألا يُسمح لإسرائيل باستخدام المياه كسلاح حرب”.
وأوضحت، “أن الوقود والغذاء والمأوى والإمدادات الأخرى الضرورية لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة هو مسألة حياة أو موت، وليست وسيلة لممارسة الضغط في عملية المفاوضات”.
وأكدت المنظمة ، أن قطع إسرائيل الكهرباء عن محطة تحلية المياه الأساسية العاملة في غزة يشكل انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، كما أنه دليل إضافي على الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل”.
كما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، بعد أن قُطِع التيار الكهربائي عن محطات التحلية مرة أخرى في 8 مارس 2025، انخفض إنتاجها بأكثر من 80٪ ليصل إلى 3,000 متر مكعب يومياً.
وأضافت، النتيجة هي نقص حاد في المياه الصالحة للشرب والنظافة، الأمر الذي يهدد حياة النازحين.
وأكدت، أنه بدون المياه النظيفة، لن يتمكن ما يقدر بـ 1.4 مليون إنسان في غزة من تلبية الحد الأدنى من من احتياجهم من الماء، والذي حددته المعايير الإنسانية بستة لترات من المياه الصالحة للشرب يومياً، ووضعهم يزداد كارثية يوماً بعد يوم.
وذلك تعقيبًا على قطع إسرائيل إمدادات الكهرباء عن محطة تحلية مياه الشرب في قطاع غزة المحتل بعد أسبوع من منعها دخول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى القطاع،
حيث في 9 آذار/مارس، أعلن وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي عن أمر بشأن قطع الكهرباء عن غزة على الفور. ويشهد قطاع غزة انقطاع الكهرباء منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر 202 بعدما قطعت السلطات الإسرائيلية إمدادات الكهرباء، باستثناء توريدها لمحطة تحلية المياه في جنوب غزة والتي أُعيدَ ربطها بالشبكة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
توقف إمدادات المياه الرسمية..
أكدت بلدية غزة أن المدينة تواجه أزمة عطش حادة بعد توقف خط مياه “ميكروت”، الذي كان يوفر نحو 20% من احتياجات المدينة اليومية.
ومع تدمير غالبية آبار المياه ومحطة التحلية المركزية ونقص الطاقة، أصبحت البلدية تعتمد بنسبة 70% بشكل أساسي على ما تبقى من هذا الخط لتوزيع المياه عبر خزانات محمولة إلى المناطق المتضررة.
وفي ظل هذا الواقع القاسي، تبقى المياه في غزة مطلبًا يوميًا وشبه مستحيل لسكانها، الذين يكافحون للبقاء وسط حرب حرمتهم من حقهم الأساسي في الحياة.