السقا يناشد العالم: خطة طوارئ إنسانية فورية لإنقاذ غزة بعد الحرب

أمد/ في ظلّ الكارثة الإنسانية التي تعيشها غزة بعد حرب مدمّرة دمّرت الإنسان قبل البنيان، أدعو – كابن لهذه الأرض، وكإنسان قبل أي صفة أخرى – المجتمع الدولي، والمؤسسات الأممية، والمنظمات الإنسانية، والدول العربية والإسلامية، إلى تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية والتاريخية، وإطلاق خطة طوارئ إنسانية متكاملة، تعالج الجراح العميقة التي خلفتها الحرب، وتعطي أملاً حقيقيًا لهذا الشعب المنكوب.
الحرب الأخيرة لم تترك شيئًا إلا ونالته بالخراب: منازل، مدارس، مستشفيات، مزارع، مصانع، وحتى القلوب والعقول. عشرات الآلاف من الجرحى، مئات الآلاف من المشردين، ملايين الليالي من الخوف، وآلام لا توصف من الجوع والقهر والحرمان.
ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل كارثة وجودية تهدد حاضر الإنسان ومستقبله.
أدعو إلى تبنّي خطة طوارئ إنسانية متعددة المحاور تشمل:
1. المحور الصحي :
إنشاء مستشفيات ميدانية عاجلة و توفير الأدوية، الأطراف الصناعية، وأجهزة العلاج الطبيعيو علاج الجرحى داخل غزة وخارجها، خاصة الأطفال والنساء.
2. المحور النفسي والاجتماعي:
إطلاق برامج دعم نفسي جماعي وفردي، خاصة للأطفال و بناء مراكز تأهيل مجتمعية للأيتام وذوي الإعاقة والناجين من الحرب و حماية الأسرة من التفكك وتعزيز التماسك المجتمعي.
3. المحور الغذائي والمعيشي :
تقديم سلال غذائية عاجلة ومنتظمة و دعم الأمن الغذائي من خلال الزراعة الحضرية والمزارع المجتمعية و ضمان الحد الأدنى من الدخل للأسر التي فقدت مصادر رزقها.
4. المحور الاقتصادي:
دعم المشاريع الصغيرة والناشئة و إعادة تأهيل المنشآت الاقتصادية المتضررة و تشغيل الشباب ضمن برامج “نقد مقابل عمل”.
5. المحور الإنساني والحقوقي:
توثيق جرائم الحرب والضغط لمساءلة من ارتكبها و حماية المدنيين من أي عدوان مستقبلي و دعم الجهود القانونية والإعلامية التي تنقل الحقيقة للعالم.
إن الصمت العالمي أمام هذا المشهد لم يعد محايدًا، بل أصبح جزءًا من الجريمة. من غير المقبول أن يتحول شعب بأكمله إلى مشروع انتظار للمساعدات فقط، دون أفق للحياة أو العدالة أو الكرامة.
أناشد كل حرّ في هذا العالم، كل مسؤول، كل صحفي، كل ناشط، أن يجعل من غزة قضيته، ومن آلام أطفالها صوتًا لا يُسكت، ومن جراح نسائها مسؤولية لا تُهمل.
هذه دعوة لإعادة بناء الإنسان في غزة، قبل إعادة بناء الجدران و دعوة لإنقاذ روح المجتمع من الغرق في الظلام. دعوة لاسترداد كرامة شعبٍ واجه القصف بالحياة، والجوع بالكرامة، والموت بالأمل.
غزة لا تطلب الشفقة، بل العدالة. لا تنتظر المنّة، بل الدعم الحقيقي.
غزة بحاجة إلى أن نراها كبشر، لا كعنوان أزمة فقط.