نتنياهو وتجديد الرفض الإسرائيلي لحل الدولتين…!

نتنياهو وتجديد الرفض الإسرائيلي لحل الدولتين…!

أمد/ الكيان الصهيوني، مشروع استيطاني احلالي لا يعترف بالسلام.
تجددت مؤخرًا تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، المؤكدة لرفضه القاطع إقامة دولة فلسطينية، كاشفًا صراحة عن الهدف الأساس للمشروع الصهيوني منذ نشأته: منع قيام كيان وطني فلسطيني، والإبقاء على سيطرة استعمارية كاملة على الأرض الفلسطينية، من النهر إلى البحر. لم تكن هذه التصريحات مفاجئة، بل تأتي استمرارًا لموقف ثابت اتخذه نتنياهو منذ توليه الحكم عقب اغتيال رابين في عام 1996، ويتماشى مع عقيدة اليمين الصهيوني وأسس الحركة الصهيونية الاستعمارية.
الصهيونية، كما تأسست وكما تُمارَس، لم تكن يومًا مشروع سلام. بل هي حركة عنصرية إحلالية استعمارية، تعتمد على العنف والتطهير العرقي، وتتغذى على الإنكار المطلق لوجود الشعب الفلسطيني وحقوقه. لم يكن بإمكان هذا المشروع أن يُنفَّذ لولا الدعم الاستعماري الغربي، بدءًا من بريطانيا التي تبنت وعد بلفور، وصولًا إلى الولايات المتحدة التي وفرت الحماية والدعم المطلقين له.
وقد كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، في تقرير نشر بتاريخ 25 يونيو 2025، عن تسريبات من اجتماع مغلق عقده نتنياهو مع أعضاء الكنيست من الليكود، أكد فيه أنه “لن يسمح بقيام دولة فلسطينية مطلقًا”، وأن حكومته تعمل على منع أي صيغة سياسية أو حتى “تصريحات شكلية” توحي بإمكانية التوصل إلى هذا الهدف. هذه التسريبات تعكس التوجه الحقيقي للمؤسسة الإسرائيلية، وتعبر عن رفض مبدئي لأي تسوية سياسية قائمة على أساس الاعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه.
وفي أول رد فعل دولي على هذه التصريحات، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (25 يونيو 2025): “لا يمكن إحلال السلام في الشرق الأوسط دون تحقيق حل الدولتين على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة”. وأضاف أن “رفض هذا الحل يعني تأجيج الصراع وتهديد استقرار المنطقة بأسرها”.
كما أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن قلقه البالغ، قائلاً: “التصريحات الإسرائيلية الأخيرة تمثل تحديًا صارخًا للإجماع الدولي حول حل الدولتين، وتقوض جهودنا جميعًا نحو سلام عادل وشامل”.
إن رفض نتنياهو المتجدد لمبدأ الدولة الفلسطينية، وتنكره الصريح لاتفاقيات أوسلو ولمبادرة السلام العربية ولقرارات الشرعية الدولية، لا يمكن فصله عن سياق التصعيد الدموي الجاري في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعن استمرار سياسة التهجير القسري والضم الزاحف، وهو ما يجعل من المشروع الصهيوني تهديدًا حقيقيًا للأمن والسلم الدوليين.
الشعب الفلسطيني وقيادته، رغم الكلفة الباهظة، لن يستسلموا لهذه الرؤية الفاشية، التي تسعى لاقتلاعه من أرضه وطمس هويته الوطنية.
إن التمسك الفلسطيني بحقه في العودة وتقرير المصير، وبقيام دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس، ليس خيارًا تفاوضيًا، بل حقٌ أصيلٌ غير قابل للتصرف، كفلته المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة، وعلى رأسها القرار 181 والقرار 194.
اليوم، يتعين على المجتمع الدولي، وعلى الدول العربية التي اندفعت نحو التطبيع، أن تعيد حساباتها إزاء هذه السياسات الإسرائيلية المتطرفة، وألا تتغاضى عن الحقيقة الصارخة: لا سلام مع الاحتلال، ولا استقرار مع الإنكار المستمر لحقوق الشعب الفلسطيني.
التاريخ يعلّمنا أن القمع لا يولّد أمنًا، وأن الاحتلال لا يصنع سلامًا. وعلى العالم أن يختار: إما الانحياز للحق الفلسطيني، أو الاستمرار في دعم مشروع استعماري عنصري يهدد المنطقة والعالم.