هل لا تزال العصافير تغرّد في صباحاتنا؟

أمد/ ما اجمل واروع وابدع زقزقة العصافير، وهي تستقبل انبلاج الفجر وتناثر قطرات الندى، على اوراق اشجار شارع الشجر الباسقة الظليلة، في مدينة رام الله والبيرة، قبل ان يتغلّب الخيط الابيض على الخيط الاسود تماما،
هل نستطيع ان نُشارك العصافير او ان نتعلّم منها ونستبشر بصباحٍ جديدٍ، نأمل ان يكون جميلا وهادئا وهانئنا، ومليئا بالسلام،
كما تفعل هي، وتطلق زقزقاتها وسيمفونيّتها احتفاء واحتفالا بصباحٍ مزيّنٍ بقطرات الندى تغسل سبات الليل عن الاوراق الخضراء المتورّدة،
يبدو ان العصافير اكثر تفاؤلا من البشر،
أقلّ قلقا من الناس، واسرع واشطر في اغتنام فسحة الفرح والصفاء،
تكتفي العصافير بعدّة حبّاتٍ من القمح او العدس او السمسم، او بذور نباتات اخرى، لتملأ بطونها وتشكر وتحمد خالقها ورازقها، على نعمه الوفيرة،
لا تتنافس فيما بينها على كنزِ وتخزينِ البذور،
تعيش يومها بقناعة وهناء،
وفي اليوم التالي تبدأ رحلتها في البحث عن الرزق والغذاء، في هذا الفضاء الرحب الفسيح المعطاء،
لو تسنّى للبشر ان يعيشوا حياة العصافير، قناعة العصافير، صفاء وهناء العصافير، لكانت اشعة الشمس تبعث بدفئها ونورها، وتكفي للجميع،
لا داعي لتعبئة اشعاعات الشمس في شوالات تُكدّس في المخازن،
ولكانت الورود والازهار تُطلق شذرات عطرها الفوّاح بالتساوي على السهول والوديان والهضاب وقمم الجبال،
ومن حواكير البيوت العتيقة عبق نباتات الميرمية والزعتر،
ومن بيارات يافا بحرٌ من العطر من ازهار البرتقال والليمون،
نستبشر خيرا عندما نسمع زقزقة العصافير في صباحاتنا ونحمد الله على ان اشجارنا ما زالت شامخة منتصبة، لا تنحني إلا لوجه الله سبحانه وتعالى، ولتستقبل وتُرحّب بالنسمات الهابة من الغرب، من بحر حيفا.