إيران وإسرائيل تحت ضغط الردود والتأثير الأمريكي: هل انتهت الأزمة أم تأجلت الانفجارات؟

إيران وإسرائيل تحت ضغط الردود والتأثير الأمريكي: هل انتهت الأزمة أم تأجلت الانفجارات؟

أمد/ ما بين الصواريخ التي عبرت الأجواء، والمنشآت التي دُمّرت، والتهديدات التي ترددت على ألسنة قادة طهران وتل أبيب، بدا المشهد وكأن الشرق الأوسط على شفا مواجهة كبرى، لا تشبه سابقاتها من حيث الجرأة، ولا من حيث المباشرة. إيران قصفت، إسرائيل ردت، وأمريكا تدخلت. ومع كل ذلك، خرجت تصريحات مفاجئة عن “تهدئة”، لتُطرح التساؤلات مجددًا: هل انتهت الجولة فعلًا؟ أم أننا فقط أمام تأجيل مؤقت لانفجار قادم؟

◐ ضربات متبادلة… بحسابات دقيقة

إيران كسرت قواعد الاشتباك التقليدية وقصفت لأول مرة مواقع داخل إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة، في رد غير مسبوق على هجمات إسرائيلية استهدفت مواقع حساسة داخل الأراضي الإيرانية، منها منشآت نووية. في المقابل، شنت إسرائيل ضربات انتقامية بالتعاون مع واشنطن، استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل إيران.

لكن، رغم ضراوة المشهد، فإن كل طرف بدا وكأنه يضرب بـ”ميزان حساس”. لم تُستهدف عواصم، ولم تُعلن حالة حرب شاملة، ولم تُقفل سفارات، ما يشير إلى أن هناك سقفًا غير معلن لا يريد أحد تجاوزه… حتى الآن.

◐ واشنطن… السندان الثقيل

وسط هذا التوتر، جاءت الضربات الأمريكية على منشآت إيرانية حساسة، بحجة “منع التصعيد”، لكن الحقيقة أن واشنطن أرادت فرض معادلة ردع جديدة، مفادها أن أي توسع في المواجهة سيقابَل بمشاركة أمريكية مباشرة وقاسية.

وبالتالي، وجدت إيران نفسها بين مطرقة الرد على إسرائيل حفظًا لماء الوجه، وسندان واشنطن التي قد تجرها إلى حرب تستنزفها بالكامل، لا سيما في ظل العقوبات الخانقة والظروف الداخلية المتوترة.

◐ إسرائيل… انتصار إعلامي وحذر ميداني

رغم التصريحات النارية، تدرك إسرائيل أن الدخول في حرب مفتوحة مع إيران يعني اشتعال عدة جبهات دفعة واحدة، خصوصًا مع التوتر الدائم في الشمال (لبنان، سوريا) والضفة وغزة. وبالتالي، فإن إعلان النصر السريع والسعي للتهدئة لا يعني الثقة، بل الخوف من اتساع رقعة الاشتباك خارج حدود السيطرة.

◐ هل نحن أمام طي صفحة؟

الحديث عن انتهاء المواجهة لا يستند إلى معطيات استراتيجية راسخة، بل إلى رغبة آنية في تجنب التصعيد. ولكن أسباب المواجهة لا تزال قائمة:

ـ المشروع النووي الإيراني مستمر.
ـ الوجود الإيراني في عدة دول بما يسمونه ويعتبرونه اذرع تابعة لها يُقلق تل أبيب.
ـ عمليات الاغتيال والتخريب الإسرائيلية لن تتوقف.
ـ ردود إيران التي وعدت بها “في الوقت المناسب” لا تزال واردة.

كل هذا يؤكد أن ما حدث ليس نهاية، بل هدنة مؤقتة فرضتها توازنات اللحظة.

◐ السيناريوهات المتوقعة: ما القادم؟

1. التصعيد المؤجل: من المحتمل أن تستغل إسرائيل أي فرصة مقبلة لضرب أهداف جديدة داخل إيران، فترد طهران بشكل محسوب، وهكذا تستمر اللعبة الخطرة.

2. تثبيت معادلة ردع جديدة: قد يُفهم من هذه الجولة أن إيران كسرت حاجز الرد المباشر، مما يجعلها حاضرة بقوة في أي اشتباك قادم.

3. وساطات خفية: هناك مؤشرات على تدخل بعض الدول لخفض التوتر، لا سيما بعد ضرب قاعدة العديد الأمريكية في قطر، ما دفع واشنطن للضغط نحو التهدئة.

4. انفجار أكبر في حال خطأ غير محسوب: أي عملية خاطئة أو رد غير متوقع قد يشعل حربًا إقليمية شاملة.

◐ الخلاصة: الانفجار لم يُلغَ… فقط أُجّل

المنطقة لم تتنفس الصعداء بعد، فكل طرف يشعر أنه لم يحقق نصرًا حاسمًا، وكل الضربات التي تمت كانت “نصف حرب”. ومع وجود أطراف ثالثة – مثل أمريكا – تدير الخيوط، فإن صفحة التصعيد قد طُويت مؤقتًا… لكنها لم تُغلق.

فالصراع الإيراني – الإسرائيلي لم يعد في الظل، بل خرج إلى العلن. وإن كانت المرحلة الحالية هي لالتقاط الأنفاس، فإن جولة أخرى – أكثر اتساعًا وشراسة – قد تكون مسألة وقت لا أكثر.