إليكم الشاعرة الفلسطينية المغتربة، الأستاذة عزيزة بشير، كما عرفتها وكما تعرفها ساحة الشعر في العديد من البلدان العربية.

إليكم الشاعرة الفلسطينية المغتربة، الأستاذة عزيزة بشير، كما عرفتها وكما تعرفها ساحة الشعر في العديد من البلدان العربية.

أمد/ هي شاعرة يسكنها الشعر وتسكنه،علاقة جدلية بينهما لا تنفصم عراها،صاغتها الأقدار،الغربة والإغتراب والحنين إلى وطن يلتحف الدياجير في زمن الهزائم  والإنكسارات..تعلّقت بالكلمات،وتعلّقت الكلمات بها،وعاشا معا متلازمين كحالة عشقية سرمديّة،أو كما عاشقة تتعبد بخشوع وبإنضباط صارم في محراب الشعر،كي ترسم بالكلمات  للقادمين في موكب الآتي الجليل وطنا سليبا ومستلبا..لكنه ظل نبراسا يضيء دروب الشعراء والمغتربين..

أسلوبها في الشعر المختزل المختزن لا يستغرق زمنا طويلا في قراءته،لكنه يحتم على   القارئ الوقوف طويلا عند الإبحار في عالمه وخياله ودلالة معانيه،فهو قليل كثير،وسهل ممتنع،يستعصي على غير المكتنزين بذلك المعجم اللفظي والدلالي والأسلوبي للشاعرة،فقصيدتها في كثير من الأحيان ومضة بارقة تبعث حكاية البارق النجدي عند الصوفيين في المخيلة حين يمتزجون ويتحدون مع الذات الإلهية وفق تعبيرهم ومعتقدهم.

والحياة عندها قطار طويل وسكة ومحطات ولذة ارتحال..والكتابة عندها رحلة لا ترجو منها وصولاً ولا راحة..هي نسق حياة سبحة لا نهائية..ومحطات عديدة،وظل يُكمل بهجة الاستكشاف،يعاند الصعوبات،ويحوّل التعب الى ثمار،والثمار الى لذة..

هي سيرة حياة مذهلة،اعتبرها اطول قصيدة كتبتها،جبلتها من ترابها ورصعتها بفسيفساء متقنة اكتنهت اسرارها وعبثت بالوانها.

إن التكامل الجمالي-في قصائد الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير-يكمن في روح البناء الكلية من حيث الشفافية والعمق والتماسك الجمالي بين الأنساق،فثمة قيمة جمالية في الاندماج والتلاحم بين الأنساق الوصفية والمضافة، مما يرتد على إيقاع النص الشعري بشكل عام،لاسيما في العلاقات الجدلية التي تعطي جمالياتها على الشكل النسقي التضافري الذي تشكله القصيدة..

منهجها في السعر حفر في صخور الحرف،وبناء دؤوب لحصون المداد “عبارة فوق عبارة ” (1) . 

إن خصوصية التجربة الشعرية للشاعرة الفلسطينية الكبيرة أ-عزيزة بشير تمتاز باكتنازها بالرؤى والدلالات المراوغة التي تباغت القارئ في مسارها الشعري،وهذا يعني أن الحياكة الجمالية في قصائد الأستاذة عزيزة بشير،حياكة فنية يطغى عليها الفكر التأملي والإحساس الوجودي،وكشف الواقع بمؤثراته جميعها..

إن الحياكة الجمالية في جل قصائدها -ترتكز على المخيلة الإبداعية،ومستوى استثارتها،الأمر الذي يؤدي إلى تكثيف الرؤى، وتحقيق متغيرها الجمالي..

ذهبت في قصائدها الى اقاصي العذاب كما الى اقاصي الصبر والتحدي،متقنة بمهارة مذهلة شهوة الاسترسال وبراعة الومض…تكتب وتكتب وكأن الكلمات تتوالد وتنساب بسعادة الى قصيدتها، وبسهولة الى القارئ من اصابعها المتعرشة على قلم لا ينضب حبره..

لاتحاول الشاعرة الفذة أ-عزيزة بشير -أن تسترضي قارئها او تستميله او يمجّد قصائدها.هي تصافح البؤس البشري،وتروي سقوط المحتل الغاشم في هاويته،وتفتح بجرأةٍ ستارة تفضح ما نوّد ان نخفي لإراحة ضمائرنا..تكتب الحياة مشددة على وجهها المُعتم كي تحتفي ببهائها المتعالي على التراب المُعّفر.

تحملك قصائدها على جناح المتعة إلى أقاصي مدائن الذوق والبهجة..

لغتها مسافرة مع الريح،تداعب فلسطين المترعة بالعذاب في نخاع العظم،تضمد جراحها وتبكي عذاباتها في زمن مفروش بالرحيل..وترعى شوقها رعاية اليم لموسى..

للواقع ظلمة وللحقيقة نور يجعل للمعنى تجليات،وللصورة الشعرية حركة وحس على أرض قصيدة تصبح آهلة بأرقى المشاعر وأصدقها تتفاعل وتتأثر في كل من يكون بين يديها،تسكن وجدانه فيشعر بروعة جمال الصورة وعذوبة حلاوة معنى له نماء في عقل وفكر يعزف لحن شاعرة تتهادى على إيقاعه قوافل القوافي لتقول لنا هذه أنا..أ-عزيزة بشير شاعرة التحدي والصمود في وجه الليالي العاصفات..والمواجع المبكيات..

هي ذي الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير ،كما عرفتها..وعرفتها الساحة الأدبية والشعرية في أصقاع عربية كثيرة..

لنستمتع جميعا بهذه القصيدة للشاعرة الفلسطينية السامقة أ-عزيزة بشير  تاركا للقارئ الكريم حرية التفاعل والتعليق،وملتمسا منه حبس دموعه..ولنا عودة إلى مشهدها الشعري عبر مقاربات مستفيضة..

 

…….يموتونَ جوعاً وقوافلُ……… 

……..…الإمدادِ قُرْبَهُمْ!…… … 

 

بورِكتُما يابْني فهذي صَرْخَةٌ

وصَلتْ قُلوباً للشّعوبِ……. وَهزّتِ

 

فَبكتْ دُموعاً ليسَ تَمْلِكُ غيْرَها

وقَوافِلُ الإمدادِ، …….. ليسَ بِدمْعَةِ

 

وقَوافِلُ الإمدادِ تبغي نَخوَةً

بَلْ قوَّةً تدفَعْهَا ……… نحْوَكِ غزّتي   

 

 حتّى تَعودَ الرّوحُ قبْلَ خُروجِها 

وتَزُفُّ  لِلدّنيا …….. .هَدايا إخْوَتي

 

يا أُمّةَ المِليارِ ، هلاّ تسمعينْ؟

ألطِّفلُ يصرُخُ:”يستغيثُ ……لِخُبزَةِ

 

ألجوعُ يفتُكُ والقوافِلُ قُرْبَنا 

والنّتنُ والمعتوهُ ……يأبَوْا نَجْدَتي

 

ألرّوحُ تُزْهَقُ والدّماءُ غزيرةٌ

والجوع ُ يفتُكُ أُمّتي…….. في غزّتي

 

عارٌ عليْكُمْ أنْ نُبادَ بِظِلِّكُمْ      

أهلَ الحضارةِ والكِتابِ …..وَنخْوَةِ!

 

همْ كالوُحوشِ أترضخونَ لأمرهِمْ؟

خافُوا الإلهَ وَفاجِئونَا……. بِنُصْرةِ”!

.عزيزة بشير#

الهوامش : 

 

1-الهوامش : 

-1- مقدمة توفيق بكار لرواية ” السدّ ” لمحمود المسعدي

1 Attachment(s)

Download as Zip