هل ساعة الصفر في منتصف الليل تعيد أحداث ضربات اليمن أم تتابع نهج التخلص من الجذور؟

أمد/ كانت الأحداث الجارية المتلاحقة تؤكد تسارع الاستعدادات لتكون الحرب ضد إيران بشكل لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية وكأنه تأسيس لمرحلة جديدة فاصلة.
وتأكيدا لما سبق وفي صورة أكثر وضوحاً ومن خلال خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي حيث أسس لانطلاق هذه المرحلة الجديدة وتغيير وجه العالم بعد تغيير وجه الشرق الأوسط فقد ركز على جملة:
أعطونا السلاح ونحن نكمل المهمة
جاء ذلك في سياق اجترار واضح لإنجازات ونستون تشرشل في الحرب العالمية الثانية وما ترتب عليه من هدم نظم دولية وفي المقابل بناء نظام عالمي جديد استمر لعقود طويلة.
وفي تلك الأثناء واصل أعضاء الكونجرس الأمريكي عملياتهم البرلمانية بغمر نتنياهو بوابل من الصفيق وكأنه المصير المشترك.
لم يكن ذاك الخطاب إلا حلقة من سلسلة حلقات تحفيز وجر الولايات المتحدة الأمريكية للمزيد من ضخ التفوق العسكري النوعي لإسرائيل ومن ثم الاستدراج نحو الانخراط في الحرب التي نشاهدها الآن.
وبالعودة إلى سياق توجيه الضربات على اليمن وتحديدا في نهاية مارس من هذا العام الجاري ظهر دونالد ترامب في غرفة العمليات وكأنه في حالة محاكاة لظهور نتنياهو المنتشي في مثل تلك العمليات وفي إشارة واضحة لغرفة العمليات المشتركة عن بُعد.
كان ترامب يتابع سير العملية العسكرية اثناء تحليق مقاتلاته في اليمن وشن ضربات على أهداف يمنية.
ما سبق يكشف ان التعاطي الأمريكي مع الحوثي وكأنه قوة اقليمية لا يستهان بها لا سيما بعد تحالف حرب عاصفة الحزم.
والحاصل كان ذلك نتيجة لتجارب الولايات المتحدة الأمريكية السابقة في البحر الأحمر وسواحل اليمن ففي غضون 15 يوما فقط
ومنذ 15 مارس/آذار حتى نهاية الشهر نفذت البحرية الأميركية 200 غارة على اليمن.
لقد كان ذاك الظهور الاستعراضي المتحالف مع بعض الدول المعلنة والسرية يتابع سير العملية العسكرية وكأنه في معركة مصيرية مع خصم صلب حيث أمضى الحوثيون خمسة أعوام 2015 – 2021 تحت حرب طاحنة عاصفة وحازمة ذهب ضحيتها أكثر من 400.000 إنسان لكنه خرج منها رغم خسائره الفظيعة ليضرب حاملات الطائرات الأمريكية بهدف مساندة غزة.
تلك الخطوة الاستعراضية أوحت للعالم بأن ترامب يواجه دولة ذات قدرات عصية مهابة، وكونه باشر تلك العملية فهذه إشارة إلى توقع مخاطر تستدعي هذه المتابعة الحثيثة مع ممارسة رياضة الاستعراضات.
بعد عدة أيام أوردت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية وتحديدا في نهاية مارس الماضي التالي:
فشلت قاذفات القنابل الشبحية الأميركية B-2 Spirit في تدمير مجمع صواريخ تحت الأرض للحوثيين باستخدام قنابل مخصصة لتدمير التحصينات عالية العمق.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية، التي استندت إليها الصحيفة، بناء نقاط دخول جديدة في الموقع المستهدف، مما يشير إلى فشل تدميره.
وبما أنه تم استخدام قاذفات B-2 في العملية، فبالتالي تم استخدام قنابل GBU-57، وهي أقوى قنبلة خارقة للتحصينات لدى أميركا، ومع ذلك فشلوا في تدمير مجمع الصواريخ.
ثم بعد ذلك وبصورة مفاجئة أعلن دونالد ترامب عن وقف إطلاق النار مع الحوثيين.
في الحقيقة أجندات ترامب واضحة حيث قام بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران عام 2015 الذي عقد إبان فترة أوباما وكرر مرارا رسم الخط الأحمر حول المشروع النووي الايراني واليوم يضرب المفاعلات النووية وكذلك كرس وفتح المجال لجحيم وتجويع غزة.
وفي المقابل لا يتوقف عن رمي شباكه من خلال خلط السياسات الاستعراضية مع سياسات فرض الإملاءات ووعود إرساء السلام العالمي بسياسات الجنون وانتقالها بالعدوى لحلفائه والقفز للأمام أو الارتداد للخلف، ولا ينفك عن إطلاق النُّذُر والإنذارات والانخراط في المواجهات العسكرية المحدودة.
أما فيما يخص التحضيرات لضربة ايران فقد كانت متواصلة ولم تتوقف منذ أكتوبر 2023 لكنها تصاعدت بشكل كبير منذ مارس الماضي 2025 حيث وصلت طائرات C 17 من كوريا الجنوبية وطائرات A10 التي تدعم اعتراض الطائرات المسيرة وحاملات الطائرات وطائرات الشبح وتوزيع الأسلحة والذخائر على دول الشرق الأوسط استعدادا لحرب متعددة الجبهات..
لا شك أن المرحلة الحالية تتسم بسياسة خلع الجذور ضمن تحالف أشبه ما يكون بحرب الخليج الثانية لكن هذه المرة بشكل سري ومتدرج باستثناء الفاعلين وبنفس اللاعبين وصولا إلى خلع النظم وقطع عصب الألم كما تم من قبل في العراق وسوريا ولبنان وتقليم مخالب بعض الدول والكيانات.
الخلاصة:
الحسابات الإيرانية يجب أن تكون دقيقة دون أي مجال للصدفة أو الخطأ وعليها الاستفادة من كيفية التعاطي مع تجربة بدء واختتام الهجمات على اليمن مع الفارق وتوجيه ردات الفعل نحو عمليات محدودة بعيدا عن حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية والتركيز على رد الاعتبار وصد العدوان المستمر من قبل الاحتلال وعدم التوسع في ساحات لا طائل منها.
من جانب آخر أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها دمرت القدرات النووية لكنه على أرض الواقع لم يتم معرفة حجم الأضرار وليس من الحكمة الإيرانية الإعراب عن حجمها سواء بالايجاب أو السلب ويكفي وصف الحدث.