عبارات للتفكير والتأمل

أمد/ قلت له: مع بداية 600 يوما الأبرياء بين سندان المحرقة الكبرى والجوع و الجحيم، و بين المطرقة الوحشية خيارين كلاهما غير مرغوب فيه أو مؤلم، ولا يوجد مخرج واضح. فالشعوب المغلوبة على أمرها، دائمًا تدفع الثمن بلا حدود، وبلا حسابات، وبلا نهايات منظورة، و تعيش في غموض تام، وعدم إدراك لمصائرها في المستقبل. لكن الأستاذ قال لي تعبير عبقري وهو يكاد يبكي: هو ذنب الناس إيه في اللي بيعملوه اللي راكبينهم..!!
فقلت له: ماذا تفعل الشعوب إذا لم تكن راضية عن أشباه الحكام؟ فقال: فيه شعوب قادرة على التعبير إذا استطاعت أو سُمِحَ لها. وشعوب قادرة على التغيير إذا كان عندها برلمانات حرة ومنتخبة بشكل حقيقي. وفيه شعوب قادرة على الثورة إذا واتتها الجرأة والشجاعة وتغلبت على الخوف. وفيه شعوب غير قادرة إلا على الدعاء والحسبنة.
قلت له : منذ تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني. عندنا سياسة و شخصيات مخوخة في الصميم، امتلكت حناجر مجلجلة لركوب الداخل فقط، ولكن ياترى فيم يفكر موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية الآن؟ و هل يعتقد البعض إنهم غير مسؤلون، أو أقل قلقًا وخوفًا رغم ما عندهم من كلمات. ودجل وهلوسات وانهيار، وما يحيطهم من مظاهر الكذب والتدليس. فالجزء الأكبر من كارثة شعبك ليس ما تقوم به دولة الكيان فقط، لكن ماتقوم به ثنائية الجحيم التي كسرت أنفس الشعب وتكسوه لباس الجهل والجوع والخوف.. القلاع تسقط من الداخل.
هل تشعر ثنائية الجحيم بحجم الكارثة، والورطة التي وضعوا الناس فيها وأدخلت كل الشعب مقتلة دون ذنب ارتكبوه ودون اختيار اختاروه غير أنهم توسموا في بعضهم إخلاصًا للقضية الوطنية..! أو توقعوا بما لا يتوقعون ولا يخطر على بال أحد حتى في أحلك الكوابيس؟
مش عارف..!!
قال: شيء مزعج جدًا جدًا ليه بيعملوا كده… ليه!
أنا أراها في الحقيقة سياسة بائسة ومُحزنة ومُؤسفة ومُخزية. قصص فشل وإخفاق وعجز وخيبة، ثم هي أيضًا قصص حزن وقهر وحسرة وألم، ربما يفسر هذا حالة الكارثة، و الأنسداد التي كان يعيشها الواقع السياسي والمجتمعي، من فوضى، و عشوائية ثنائية الجحيم العاجزة، و في حالة من التخبط وسلوك المحتضر الملهوف، وشعب في حالة من الرفض الجماعي لهذه الثنائية، حالة لم تشهدها البلد من قبل، مع عجزه عن تحويل هذا الرفض إلى فعل.
قلت: هناك من كان يسعى بين عوام الناس بغرض الإبقاء على مصالحه الشخصية او الحزبية باعتبارها من الثوابت، ومن يسعى إلى السلطة ويحاول حشد الجماهير لتحقيق هذا الهدف؛ ثنائية الجحيم يتفقان ويلتقيان او يفترقان بحسب المصالح، وكلاهما أبعد من الآخر عن الناس والقضايا الوطنية التي هى مجرد أداة أو وسيلة لتحقيق الهدف.
فقال: عدونا يخطط تخطيطا دقيقا جدا وشاملا، في المقابل تحد دجل ودجلنة موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية “الهواة” و”المهرجين”! و رغم قتامة الصورة والتصور لا أريد أن اتكلم عن الماضي فهذا عمل لا جدوى منه…تكرار للرواية من وجهة نظرى التي قد يجدها الكثير منا، و لا اريد ان أخوض في متاهات الحاضر. غير المفهوم، و غير المبرر، بسبب التامر و الخداع الذى تقوم به ثنائية الجحيم المتخصصة في فن الكذب والدجل السياسي والتحايل، الا انها مع شديد الاسف لا نقترب كثيرا من نهاية الكارثة؛ الكل في الإقليم يسعى لمصالح وطنه بإستثناء ثنائية الجحيم؛ لم تتعامل دول وأنظمة إقليمية يومًا مع القضية الوطنية إلا من خلال مصالحها، حتى أيام تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني، ومحاولة تدمير إي اتفاق للوحدة يصون ويحقن الدماء، بل حاربوه بشدة وبوسائل مُتعددة، ومن يومها إلى يومنا هذا لم تتوقف محاولات السيطرة على ثنائية الجحيم.
المسألة تحديد مصير وفي هذه الحالات، لا توجد عواطف أو كلمات إنشائية، أو علاقات شخصية، وإنما توجد مصالح، ومصالح حصرية، فلا توجد عواطف أو حب وكراهية، أو استلطاف، أو علاقات شخصية، وإنما مصالح كبرى فقط وحصرا. وأعتقد أن غالبية الأنظمة في المنطقة تفكر بشكل براجماتي تماما، ووفق مصالحها، بعيدا عن البكائيات والمظلوميات التي تملأ وسائل الإعلام والسوشيال ميديا والأحزاب والتنظيمات التي تبكي دوما على الحليب المسكوب، والتي تأتي دوما متأخرة، والتي تحتاج دوما لممول وكفيل وداعم وراعي..عموما الأهم هنا، هو الشعب والأرض. والحفاظ عليهما بشكل لا يهدد القضية الوطنية.
قلت له: نحن من فعلنا هذا بأنفسنا وسلمنا أمورنا لغيرنا. هناك دول استغلت الفرصة التي منحها موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية بإختيارهم، و هناك دول فقط بحثت عن مصالحها وكان المنفذ فوجدته فنفذت واستغلت شبق موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية للسلطة والحكم، أهل زمان قالوا “اللي يربط في رقبته حبل، ألف من يسحبه”.
مخطط الانقسام والخراب الصهيوني والتسلط الفصائلي على المجتمع هما سلاح الصهاينة لتقييد وتقزيم القضية الوطنية، و يغنيهم عن الحل السياسي، لقد نجحت ثنائية الجحيم و الاستبداد السياسي ، في تحويل المجتمع إلى حاله ميتة سياسيا وفقيرة اقتصاديا، ولذا فقد غدت قليلة الفاعلية والأثر في احداث تهمّهم؛ لم تفعل ثنائيةالجحيم ، شيئًا منذ تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني سوى أنهم جعلوا المخرج “شماعة” يعلقون عليها أزماتهم الداخلية وانكساراتهم الخارجية وإخفاقاتهم الحزبية الانقسامية.
فقال: الحقيقة أن القضية الوطنية في ظل فساد وفوضى
و دجل لا تزال “بناية آيلة للسقوط”، فموالسة الخراب واتحاد ملاك القضية. بلا استثناءٍ واحد. لم يفعلوا شيئًا سوى ترسيخ حكمهم وتوطيد أركانه، كما هو الحال في دول الغبار البشري، و هم ليس ملوكٌ تقاتلوا وتنازعوا من أجل عروشهم، ولا ورؤساءٌ تصارعوا وتحاربوا من أجل بقائهم.. كان هناك مخطط وتم تنفيذه على الأرض. فصراعات النفوذ والسلطة والمال، و الأجندات الخارجية لا تنتهي إلا بهذا الوضع المُزري والمُخزي والمؤسف.
فمنذ تنفيذ مخطط الانقسام والخراب الصهيوني، لم تنجح ثنائية الجحيم، أو قُل إنها لم تسعَ على الإطلاق أن تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، التفوق كان في مضمار الانقسام من احل شبه حكام موبوءة بالديكتاتورية والاستبداد والانقسام والفساد، وبالتالي فقد الجميع القدرة على الاستقرار والاستمرار، و لم ينجح موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية إلا في تكريس شبه سلطة مهلهة. حتى بات السقوط للجميع.
فالحكم أمرًا محفوفًا بالمخاطر، و الأنظمة الاستبدادية نادرًا ما تسقط،؛ إذ ليس هناك ارتباطٌ قوي بين الأداء السيئ والسقوط، فانحصر الخيار بين القمع كمفتاح للبقاء في السلطة قدر المُمكن والمُستطاع، ولجأ الآخرون للثروة لشراء تأييد الرخيص فكانوا الأقدر من غيرهم على البقاء في السلطة، فلم يبقَ أمام الشعب إلا إعادة تدوير الحثالة، أو الحروب والمحرقة. و نهايته الحرب الأهلية والفوضى المُتواصلة.
اختلفت ظروف موالسة الخراب واتحاد ملاك القضية وبقيّ الفشل واحدًا ، فشل هؤلاء جميعهم في أن يُفسِحوا للقضية الوطنية مكانًا في العالم، فكان الضعف والفشل والفساد هو النتيجة الحتمية في كل وقت وأمام أي أزمة. و كانت النهاية.. و لكل شيء في الحياة نهاية. الاستبداد له نهاية والظلم له نهاية والقهر له نهاية والبطش له نهاية والصبر له نهاية والقوة لها نهاية، حتى العمر له نهاية. هذه من سنن الله في خلق الكون بما فيه وبمن فيه. كل نهاية من تلك النهايات لا بد وأن تفتح الباب أمام فرص جديدة وقوى جديدة، فالنهايات دائماً بدايات لشيء آخر.