الشيكل الإسرائيلي: هل هو نمو مصطنع أم تراجع محتمل؟

الشيكل الإسرائيلي: هل هو نمو مصطنع أم تراجع محتمل؟

أمد/ في ظلّ واقع اقتصادي مضطرب تعيشه إسرائيل منذ اندلاع الحرب، وتآكل الإنتاج، وتعطل قطاعات حيوية، كان من المنطقي أن يشهد الشيكل الإسرائيلي انخفاضًا ملحوظًا أمام العملات الأجنبية. غير أن المفارقة اللافتة أن الشيكل يسجل صعودًا غير مبرر اقتصاديًا، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من الانكماش وارتفاع الإنفاق العسكري وتراجع ثقة المستثمرين.
فما الذي يدفع هذه العملة إلى الارتفاع؟ وهل هو صعود حقيقي أم صناعي الطابع هشّ الأساس؟
أبرز ما يُفسّر هذا التناقض هو تدخل بنك إسرائيل عبر بيع كميات ضخمة من احتياطات الدولار وشراء الشيكل، مما يشكل دعمًا مصطنعًا لسعر صرفه.
هذا لا يُعبر عن ديناميكية سوق طبيعية، بل عن هندسة نقدية هدفها امتصاص الصدمة، وطمأنة الداخل والخارج بأن “الوضع تحت السيطرة”.
من جهة أخرى، يُعد الاقتصاد الفلسطيني مرآة تعكس هذا الخلل؛ إذ أن السوق الفلسطينية مفروضة عليها العملة الإسرائيلية دون سيادة نقدية، في حين تُحجم البنوك الإسرائيلية عن استقبال فائض الشيكل، مما يُنتج حالة من الوفرة المفرطة داخل السوق الفلسطينية، دون تصريف خارجي حقيقي، وبالتالي تتضخم الكتلة النقدية بلا قيمة إنتاجية.
يُضاف إلى ذلك، أن أداء الدولار واليورو – وهما منافسان رئيسيان للشيكل – يعاني من اضطرابات وتذبذب في الأسواق العالمية، مما يمنح الشيكل مظهرًا من “القوة النسبية”، لا تستند إلى عوامل داخلية حقيقية.
الأخطر من ذلك أن هذا الصعود يُستخدم سياسيًا ونفسيًا كأداة للتأثير؛ حيث تسعى المؤسسة الإسرائيلية إلى الإيحاء بثبات النظام المالي رغم الحرب، كجزء من خطاب القوة والصمود، في محاولة لإبعاد شبح الانهيار المالي أمام الداخل وأمام الجهات الدولية.
لكن الحقيقة أن هذا “الاستقرار الظاهري” لا يمكن أن يصمد طويلًا أمام استمرار الحرب، وتراجع الثقة، وتزايد العجز.
وإن لم تحدث مراجعة بنيوية، فإن ما يُسمى “قوة الشيكل” قد يكون الهدوء الذي يسبق عاصفة نقدية.