تقرير: أضخم حملة للبناء في المستوطنات تشمل جميع المجالات والاتجاهات

أمد/ رام الله – مديحه الأعرج: كشف “تقرير الاستيطان الأسبوعي” الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، للفترة من 14 إلى 20 يونيو 2025، عن تصاعد غير مسبوق في وتيرة الاستيطان الإسرائيلي. وأشار التقرير إلى أن النصف الأول من العام الجاري شهد “أوسع موجة بناء في المستوطنات”، مؤكداً أن دولة الاحتلال تتوسع في جميع المجالات والاتجاهات، مستغلة انشغال العالم بحروبها العدوانية.
استيلاء على 800 دونم وتعزيز “ملاخي هشالوم” الإرهابية
أفادت وسائل إعلام إسرائيلية الأسبوع الماضي أن الإدارة المدنية، التي يقودها وزير الجيش بتسلئيل سموتريتش، أعلنت حوالي 800 دونم كـ”أراضي دولة” في المنطقة المحيطة ببؤرة “ملاخي هشالوم” الاستيطانية، على أراضي قرية المغير في محافظة رام الله والبيرة. رغم عدم نشر الإعلان الرسمي بعد، تشير الخرائط المرفقة إلى أن المنطقة تشمل نحو 750 دونمًا بين قريتي دوما والمغير، بهدف تعزيز وجود مستوطنات كان مجلس الوزراء الإسرائيلي قد صادق عليها في فبراير 2023، ومن بينها “ملاخي هشالوم”، على الرغم من أن جيش الاحتلال لم يعتبر الأراضي في هذه المنطقة “أراضي دولة” سابقاً.
منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية في ديسمبر 2022، تم الإعلان عن حوالي 25,510 دونمات كـ”أراضي دولة”، وهو ما يعادل نصف إجمالي الأراضي التي أُعلنت “أراضي دولة” منذ اتفاقيات أوسلو. ويعتبر إعلان الأراضي كـ”أراضي دولة” إحدى الأدوات الرئيسية التي تستخدمها سلطات الاحتلال للسيطرة على أراضي الفلسطينيين، خاصة في المناطق المصنفة (ج) بالضفة الغربية المحتلة. فبمجرد إعلان الأراضي كـ”أراضي دولة”، لا تعود إسرائيل تعتبرها ملكية خاصة للفلسطينيين، وتعمل على منعهم من استخدامها، بينما تخصصها للمستوطنين ومشاريعهم الاستعمارية حصرياً.
هذه السياسة، التي بدأت في الثمانينيات وتوقفت عام 1992 ثم استأنفتها حكومة نتنياهو عام 1998، شهدت زيادة حادة في العامين الماضيين، حيث تواصل الحكومة الحالية إصدار المزيد من الإعلانات لتمكين إنشاء مستوطنات جديدة دون أدنى اعتبار للقانون الدولي والقرارات الأممية، خاصة القرار 2334 لعام 2016.
“السلام الآن” تنتقد: “مكافأة للإرهاب اليهودي”
علّقت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية على هذه الخطوة، مؤكدة أن “نتنياهو وسموتريتش مصممان على محاربة العالم أجمع ومصالح المواطنين الإسرائيليين لصالح حفنة من المستوطنين الذين يحصلون على آلاف الدونمات كهدية”. وأضافت الحركة: “بات واضحًا للجميع أن هذا الصراع لا يمكن حله دون اتفاق سياسي يتضمن إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية، ومع ذلك تختار الحكومة الإسرائيلية بدلاً من ذلك تصعيب السلام ودفعنا بعيدًا عن إنهاء سفك الدماء. إن الإعلان عن نية إضفاء الشرعية على بؤرة “ملاخي هاشالوم” الاستيطانية مكافأة للإرهاب اليهودي: فبعد أن استولى المستوطنون بعنف وبشكل غير قانوني على مساحات شاسعة من الأراضي، تأتي الحكومة وتسلمها لهم كهدية”.
“ملاخي هشالوم”: بؤرة إرهابية تفرخ العنف
وصف التقرير بؤرة “ملاخي هشالوم” بأنها “دفيئة من دفيئات الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية”. أُنشئت هذه البؤرة عام 2015 بجوار قاعدة عسكرية، وتطورت لتصبح بؤرة زراعية استولت على آلاف الدونمات، وفرخت بؤرًا زراعية تابعة لها في المنطقة. ومن أبرز التفرعات:
مزرعة الرشاش (2020): على بعد حوالي 3 كيلومترات شرق البؤرة الأصلية.
مزرعة “روش هتيينا” (2023): على بعد حوالي كيلومترين جنوباً.
بؤرة “غال يوسف” (أوائل 2024): على بعد حوالي كيلومتر واحد شمالاً، بالقرب من المكان الذي قُتل فيه مستوطن في أبريل 2024.
بؤرة “ملاخي هشالوم ويست” (الشهر الماضي): على بعد حوالي كيلومتر واحد جنوب غرب البؤرة الأصلية، على مقربة شديدة من منازل قرية المغير.
وقد أدت هذه البؤرة وتفرعاتها إلى طرد سكان قرية القابون في أغسطس 2023، وسكان خربة جبعيت وعين الرشاش في أكتوبر 2023، جراء عنف المستوطنين. كما تتعرض قريتا المغير ودوما باستمرار لهجمات متكررة من المستوطنين.
مخططات توسعية في “عيلي” و”جفعات زئيف”
بالتزامن مع دعم “ملاخي هشالوم”، يناقش ما يسمى “المجلس الأعلى للتخطيط”، الذي يرأسه سموتريتش، خططاً لبناء مئات الوحدات الاستيطانية في مستوطنة “عيلي” (منتصف الطريق بين رام الله ونابلس) وفي مستوطنة “جفعات زئيف” شمال غرب القدس المحتلة. وتشمل إحدى هذه الخطط (الخطة رقم 237/6) بناء 347 وحدة استيطانية في بؤرة “بلاجي مايم”، التي كانت حتى يونيو 2023 تعتبر أحد أحياء مستوطنة “عيلي”.
المخططات المعتمدة من “المجلس الأعلى للتخطيط” منذ يناير 2025 اشتملت على بناء 19,389 وحدة استيطانية في عدد كبير من المستوطنات، تغطي مختلف المحافظات في الضفة الغربية. تركز أكثر من نصف هذه الوحدات في: معاليه أدوميم (3500 وحدة)، بيتار عيليت (2200)، قدوميم (1388)، كوخاف يعقوف (1246)، طلمون (968)، جفاعوت (756)، وعيلي (650).
“عيلي”: مركز استيطاني خطير و”جسر عبور للنخب العسكرية”
تحمل خطط تسمين مستوطنة “عيلي” دلالات خطيرة، حيث يعمل الاحتلال على تحويلها إلى مركز تجمع استيطاني جديد قريب من تجمع “أرئيل”، بهدف الربط بين التجمعين لتشكيل كتلة ممتدة تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في محافظتي نابلس ورام الله، وعلى عقد مواصلات مهمة في الضفة الغربية (شارع رقم 60 وما يسمى عابر السامرة). هذا سيؤثر بشكل مدمر على الوجود الفلسطيني في شفا الغور و”ظهر الجبل”.
أُنشئت مستوطنة “عيلي” عام 1984 على أراضي قرى وبلدات اللبن الشرقية وقريوت والساوية. وتشكل مع المستوطنات الأخرى شريطًا استيطانيًا يفصل بين شمال الضفة الغربية ووسطها. وتضم المستوطنة كلية إعداد عسكرية وفندقًا سياحيًا ومقبرة، مما يؤكد الموقف العقائدي للمستعمرين.
تبرز أكاديمية “بني دافيد” لِما قبل الخدمة العسكرية في “عيلي”، التي وصفتها صحيفة “لوموند” الفرنسية بأنها “جسر عبور المستوطنين نحو النخبة العسكرية الإسرائيلية”. تأسست الأكاديمية عام 1988 لضمان انخراط جنود ملتزمين دينياً في الجيش. ويُزعم أن 40% من خريجيها يشاركون في مساقات الضباط، و65% منهم يصبحون ضباطًا ناشئين وصولاً إلى قادة ألوية. وكشف تحقيق لصحيفة “لوموند” (3-6-2023) أن الأكاديمية تحصل على 3.5 مليون يورو سنويًا من حكومة الاحتلال، ويتخرج منها 100 طالب سنوياً، نصفهم ينضم لجيش الاحتلال، وتخرج منها نخب من ضباط الجيش ومستشارون لوزير المالية سموتريتش.
دعوات أوروبية لإنهاء التجارة مع المستوطنات
على صعيد آخر، دعا وزراء خارجية بلجيكا وفنلندا وأيرلندا ولوكسمبورج وبولندا والبرتغال وسلوفينيا وإسبانيا والسويد في رسالة موجهة إلى وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إلى تقديم مقترحات لإنهاء تجارة الاتحاد الأوروبي مع المستوطنات. وأشار الوزراء إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024، الذي يقضي بعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية والمستوطنات، ودعت الدول إلى اتخاذ تدابير لمنع علاقات التجارة والاستثمار التي تُسهم في استمرار هذا الوضع.
يُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث يستحوذ على حوالي 32% من إجمالي تجارتها الخارجية من السلع، وبلغت قيمة التجارة الثنائية في السلع بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل العام الماضي 42.6 مليار يورو. وتأتي هذه الرسالة قبل اجتماع مقرر عقده في بروكسل في 23 يونيو، حيث سيناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي علاقات الكتلة مع إسرائيل.
انتهاكات الاحتلال الأسبوعية في الضفة الغربية
وثق المكتب الوطني للدفاع عن الأرض الانتهاكات التالية خلال الأسبوع:-
القدس: مستوطنون من “آدم” يهاجمون قرية معازي جبع البدوية، يعتدون على المواطنين، يحرقون خياماً، ويصيبون 4 أشخاص.
الخليل: قوات الاحتلال تجرف محيط منزل المواطن محمود الهور (المُخطر بالهدم) وتدمر أشجاراً وجدراناً في صوريف. مستوطنون يعتدون على عمران النواجعة في مسافر يطا، ويطلقون مواشيهم في خربة “قواويس”، ويجرون أعمال مسح في أم الخير. مستوطنون يقيمون بؤرة استيطانية جديدة على 48 دونماً في جورة الخيل ببلدة الشيوخ.
بيت لحم: مستوطن يغلق طريقاً رئيسياً في تقوع بالمكعبات الإسمنتية. مستعمرون يعطبون إطارات مركبة ويحطمون زجاجها لمزارع في الخضر.
رام الله: مستوطنون يهاجمون منشأة صناعية في المزرعة الشرقية. يحرق مستوطنون أراضي زراعية في ترمسعيا، ويهاجمون مواطنين بحماية الاحتلال، وإطلاق رصاص حي على شبان. مستوطنون يشرعون في إقامة بؤرة استيطانية ويواصلون بناء غرف خشبية في جبل التل بسنجل.
نابلس: سلطات الاحتلال تجرف أشجاراً في أراضي الساوية. مستوطنون يشعلون النار في أراضي حوارة ويطلقون الرصاص على الدفاع المدني. مستوطنون يجرفون أراضي في سالم وينصبون خياماً. مستوطنون يهاجمون منازل ومركبات في بيتا، وقوات الاحتلال تجرف دونمات زراعية في اللبن الشرقية.
سلفيت: مستوطنون يعتدون على الشاب أنس خفش ومركبته في طريق ترابي يربط مردا وياسوف. مستوطن يهدم غرفة زراعية في كفر الديك. مستوطنون يواصلون أعمال تجريف واسعة في ياسوف، ويخربون شبكة ري وأراضي زراعية في منطقة “المطوي”.
قلقيلية: قوات الاحتلال تهدم منشأة سياحية “شاليه” وشقة سكنية في عزبة سلمان بحجة البناء في المناطق المصنفة “ج”.
جنين: قوات الاحتلال تجرف أراضي زراعية في زنوبا لشق شارع وتدمر أشجار الزيتون قرب جدار الضم والتوسع.
الأغوار: مستوطنون يسرقون صهريج مياه في خربة أبزيق. يعتدون على ممتلكات المواطنين ويطلقون أغنامهم في تجمع شلال العوجا ويستخدمون خزان المياه الخاص بهم. مستوطنون يفككون بركساً لأحد السكان في تجمع عرب المليحات.