عندما يُستخدم الدم كأداة… وجائزة نوبل لمن لديه حق النقض

أمد/ في ظل اشتداد النزاعات المسلحة حول العالم حتى منتصف عام 2025، يبدو أن العالم غارق في دائرة من العنف والانقسامات التي تحصد الأرواح وتهدد السلم الإنساني، حيث يُسجَّل 61 نزاعًا في 36 دولة، تتوزع على القارات المختلفة و أكثر من 28 نزاعًا في أفريقيا، 17 نزاعًا في آسيا، 10 نزاعات في الشرق الأوسط،
3 نزاعات في أوروبا، ونزاعان في الأميركيتين، مخلفةً وراءها مئات الآلاف من القتلى والمصابين، وتسببت في نزوح ولجوء أكثر من 110 ملايين شخص، إضافةً إلى تدمير واسع للبنى التحتية والمجتمعات المحلية، وانتشار المجاعة والأوبئة ومئات الآلاف من القتلى والجرحى
مجاعة وأمراض تفشٍّ حاد في قطاع غزة والسودان واليمن والصومال
مدن بأكملها مدمّرة في غزة، سوريا، أوكرانيا وغيرها
وفي هذا المناخ المأساوي، تطفو على السطح تساؤلات حول صدقية بعض الزعامات السياسية العالمية التي تسوّق لخطاب السلام في الوقت الذي تمارس فيه أو تدعم سياسات تتناقض مع أبسط مبادئ العدالة. وتأتي الولايات المتحدة، وعلى رأسها الرئيس الامريكي دونالد ترامب، كمثال بارز على ازدواجية المعايير، إذ أيّد بشكل مطلق الاعتداءات الإسرائيلية على غزة ولبنان وسوريا واليمن، رافضًا وقف إطلاق النار عبر استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن، بل وصرّح بنيّته تهجير سكان غزة وإعادة توطينهم لخدمة مشاريع استثمارية مستقبلية، كما رفض إعطاء فرصة حقيقية للمفاوضات الإيرانية–الأمريكية، وأبدى دعمًا كاملاً لأي عمل عسكري ضد إيران رغم عدم امتلاكها لسلاح نووي. هذا في وقت كانت فيه سياساته الداخلية تثير الجدل، حيث يعاني المجتمع الأمريكي من تحديات عميقة كارتفاع حالات الطلاق والانتحار والقتل، وانتشار جرائم الاغتصاب والتحرش، وغسيل الأموال، والبطالة، والإدمان، وتفشي العصابات المسلحة وتجارة السلاح والمخدرات وتجارة البشر. ورغم هذا الواقع، يطمح ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، ما يثير استهجان العديد من المتابعين حول العالم بشأن معايير الترشيح ومن يستحق فعليًا نيل التكريم. هنا أسلط الضوء على معاناة الشعوب في ظل نظام عالمي يكيل بمكيالين، ويدعو لإعادة تعريف السلام بشكل شامل يقوم على العدل والحوار واحترام حقوق الشعوب، لا على الاستقواء والاستثمار السياسي في المآسي الإنسانية.
في وجه كل هذه الأرقام والصراعات، تصبح فكرة ترشيح شخصية سياسية كدونالد ترامب لـ”جائزة نوبل للسلام” مثار تساؤل جاد، ليس فقط حول معايير الجائزة، بل حول مفهوم السلام ذاته. من يدعم العدوان، ويمنح الحصانة لمجرمي الحرب، ويجهض فرص الحوار، لا يمكن أن يُنظر إليه كـ”صانع سلام”، بل كأحد صانعي الأزمات. العدالة لا تُبنى بالقوة، والسلام لا يولد من فوهات البنادق، بل من إرادة التفاهم واحترام الحقوق.