لنجاح روايتنا، يجب كشف الزيف.

أمد/ في الوقت الذي تتعرض فيه السردية الصهيونية للفضيحة والسقوط لا نزال نمارس قاعدة ذهبية استنتجها برنادوت المبعوث الاممي لفلسطين والذي اغتالته العصابات الصهيونية .. حيث جاء هذا المبعوث بمسبق موقف منحاز للمشروع الصهيوني كما هي عادة كل المبعوثين الأجانب إلى بلادنا.. ولكنه بعد ان التقى واطلع وشاهد وسمع وصل إلى نتيجة حاسمة غيرت موقفه من الصراع حيث أعرب بكل وضوح ان فلسطين اعدل قضية واخيب محامين..
قضية شعب أصيل في بقعة جغرافية دوما هي تحت الأنظار وحاضرة في الوعي والضمير الانسانيين ولم يكن صعبا التمسك بابجديات القضية والتركيز على مفاصلها وعدم السماح للزوائد الفكرية والممارسات السياسية البهلوانية ان تطالها من قريب أو بعيد..
الا انه رغم الوضوح والقوة في طبيعة القضية غدت في كثير من الأحيان كلعبة تتقاذفها ارجل لاعبين مهووسين مراهقين ربطوها بطواريء التفاعلات السياسية والدولية.. ورغم التضحيات الجسيمة التي بذلها الشعب الفلسطيني الا انه كان هناك و باستمرار عملية تفريغ للنضال الفلسطيني وتشتيته ودفعه خلف السراب والمعارك الهامشية جريا وراء انجازات ثانوية وسطحية يمسك العدو بناظمها فيفرط عقدها وقتما شاء حسب خطته ومراحلها..
لأسباب عديدة ذاتية وموضوعية تبرز القضية الفلسطينية أكثر قضية وجودية انسانية على الإطلاق ومن هنا كان وعيها يعني بوضوح وعي الصراع في كل مكان على وجه الأرض ورؤية المشهد الاقليمي والدولي على حقيقته.. وهكذا اصبح كل وعي ناقصا أو مختلا ان لم يتم الاهتداء لما تشير اليه القضية الفلسطينية من جبهة العداء المنظمة و المفعلة بقدرة عصابة المال المتحكمة في القرار الدولي والمنظمات الدولية والنظام الدولي جملة..
ومن هنا بالضبط كان الهجوم التضليلي الضخم والمتنوع لتشويه الرواية الفلسطينية .. ومن هنا ايضا يمكن فحص كل الأفكار والسياسات التي تعاملت مع القضية الفلسطينية..
وبعد رحلة مائة سنة من المغالبة ومسلسل التجارب والأخطاء ها نحن نتحسس روايتنا واذا بها قد فقدت مفاصلا جوهرية فيها.. وتم بفعل مجموعات الفهلوة السياسية والمراهنات العبثية والقفز في الفراغ .. لم تعد فلسطين هي فلسطين بل جزء من فلسطين لا يتجاوز خمسها.. ويصبح شعبها اقل من خمس شعبها.. وتحدث كارثة الانهيار النفسي والسياسي عندما يقدم من هو في موقع قيادة كفاح الشعب إلى الاعتراف للعدو بشرعية اغتصابه لأربع اخماس فلسطين..
ان هذا يعني بوضوح فقداننا لروايتنا لصالح رواية هجينة خارج سياق كفاح شعبنا وقضيتنا.. وهذا يعني بوضوح ان الطريق المتبع سيودي بنا وبشعبنا إلى التلاشي والضياع تحت وطأة مخططات اعداء لا ينامون لحظة عن الكيد لنا وواقع عربي ماساوي يمعن في الجائنا للتيه.
جاء ٧ اكتوبر المجيد ليكسر حلقة الفراغ والتيه وكان واضحا ان الخروج من المتاهة التي صنعها باحكام لنا دهاقنة العصابة سيكون ثمنه باهضا وفوق الخيال.. لأننا بوضوح سننتزع اداة الحق من خلف الدائرة وسنمارس في عكس اتجاه المرحلة الابراهيمية.. كانت العملية ٧ اكتوبر ليست فقط عملية عسكرية صادمة للأمن ولكنها ايضا وباكثر وضوح صادمة للعقل والمخطط الصهيونيين بل وللمشاريع التي بنيت على انقاض القضية الفلسطينية كما تخيلوا..
جن العدو الكبير وادواته ان كل ما تم إنجازه لم يستطع ان ينهي ارادة المقاومة ولا وعيها.. بل ان الرواية الفلسطينية استعادت كل مفرداتها.. فكانت هذه الجرائم التي لم يسبق لها مثيل ضد غزة..
فلسطين تكشف اسباب الضياع والهزيمة وهيمنة الأعداء وأسباب فساد الانظمة واستقرارها ودور التجزئة وتيار العلمنة في تمييع الرابط بفلسطين لحجب المعرفة الحقيقية لطريق النهضة
فاي دولة عربية أو مسلمة تسعى لامتلاك عناصر القوة ستعرض نفسها للكيد الصهيوني.. واي حزب أو حركة يتبنى القضية الفلسطينية كما هي أو قريبا منها سيعرض نفسه للكيد..
من هنا نجد انفسنا على نهاية قرن من التضحيات مدعوين لتصحيح الرواية الفلسطينية والقتال على جبهتها بلا هوادة وان نزع اي مفصل من مفاصلها يعني انهيارها..
فلسطين الوطن المقدس المبارك هي وطن الشعب الفلسطيني لا يقاسمه فيه احد ولا ينازعه احد.. وهذا الوطن ليس فقط جغرافيا استراتيجية مع اهميتها إنما هو دينمو نهضة العرب والمسلمين عندما يتم تفعيله واي محاولة لتجميد فعاليته أو تشتيته واغراقه في دائرة التطبيع والخنوع إنما هو في الحقيقة ليس خسارة لفلسطين فقط إنما خسارة فرصة تاريخية لوحدة الامة ونهضتها.
ومن هنا جاءت قيمة ٧ اكتوبر انها أعادت القضية إلى وهجها ودورها الإقليمي والدولي.. ولا يمكن قراءة انجازات ٧ اكتوبر بما حصل على ارض فلسطين وما ينبغي أن يكون ذلك.. فلعل نظرة سريعة تكشف لنا كم هي خسارة الصهاينة على المستوى العالمي أمام فضيحة سرديتهم ونهوض شرائح كبيرة من المجتمعات الغربية ضدهم.. وفي الوقت نفسه ها نحن نتحسس نهزض وجدان أمتنا من تحت الخراب في لبنان واليمن وايران ولعل كثيرا من التململات الراهنة تتحول إلى فعل كبير قريبا.
في فلسطين رغم المذبحة والمقتلة الرهيبة التي أصبحت العنوان الابرز للصهيونية ورغم الجوع والقتل والابادة رغم ذلك كله فإن البوصلة تشرق بجلاء ويقين وقدوة مثالية
ايران ولبنان واليمن والعراق وباكستان وافغانستان وكثير ممن يفركون اعينهم ويتحسسون نبضات قلوبهم في كثير من الدول العربية والمسلمة التي ترى بوضوح ان المقاومة ممكنة سيدخلون معركة الوجود والكرامة..
من هنا بالضبط ننظر إلى كل مواجهة بين اي بلد من بلداننا مع أي طرف من أطراف المشروع الصهيوغربي انما هي مواجهة فلسطينية.. بل اننا ننظر إلى كل مواجهة من قبل أي بلد حر كفنزويلا أو ايرلندا أو كوبا أو سواها إنما هي كذلك مواجهة فلسطينية.. لأنها قضية الإنسانية التواقة للانعتاق والحرية ضد المجرمين عصابة المال الصهيونية التي تعمل على تحويل العالم كله إلى مزرعة لها ويكون البشر فيها عبيد بعد ان يتم التخلص مم كثير منهم بالاوبئة والحروب..
ومن هنا بالضبط نرى كل معركة أخرى عرقية أو طبقية أو طائفية أو حدودية انما هي الهية خبيثة لتمكين العصابة من رقاب الناس وهي ضد فلسطين بالضرورة
من هنا بالضبط تاتي قيمة تشبثنا بروايتنا ومن هنا بالضبط تاتي قيمة ٧ اكتوبر.. ومن هنا بالصبط نبدو كم اننا خونة وسقط فيما لو شوهنا روايتنا واطفأنا موتور كفاحنا أو قبلنا باقتطاع بعض مفاصل قضيتنا..
لهذا فإن موقفنا من ايران وتصديها للعدوان الصهيوني إنما هو من أجل فلسطين والعرب والمسلمين بل والإنسانية جمعاء والله غالب على أمره