تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب… وحيرة في ردود الفعل الدولية!

أمد/ تشهد المنطقة تطورات متسارعة وخطيرة على أكثر من صعيد، بعد تحوّل المواجهة بين إسرائيل وإيران من حرب بالوكالة إلى مواجهة عسكرية مباشرة، في أعقاب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت طهران فجر 13 يونيو، والرد الإيراني المكثف باستخدام المسيّرات والصواريخ، هذا التحول لا يعكس فقط تصعيدًا عسكريًا بل يؤشر إلى إعادة تشكيل المشهد الإقليمي والدولي.
الرد الإيراني النوعي أحرج المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وطرح أسئلة جديدة حول فاعلية الردع الإسرائيلي، بينما تراكمت مؤشرات القلق داخل الساحة الإسرائيلية ذاتها.
فالمواجهة لم تعد محصورة بجبهات الجنوب أو الشمال، بل أصبحت متعددة الأبعاد والجبهات، تمتد من طهران إلى الجولان، وتهدد بفتح جبهات موازية في لبنان وسوريا والعراق وربما الخليج.
هذا التصعيد المتبادل ترافق مع ارتباك في المواقف الغربية، وخصوصًا الأميركية، حيث انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب فجأة من قمة مجموعة السبع G7 في كندا، وامتنع عن تبني بيانها الختامي، ما يعكس خلافًا عميقًا مع الحلفاء الأوروبيين الذين يسعون إلى التهدئة، مقابل رغبة واشنطن في منح إسرائيل حرية أوسع في الرد والتحرك.
وقد عزز هذا الانطباع عقد ترامب اجتماعًا طارئًا لمجلس الأمن القومي الأميركي، ما يشير إلى جدّية احتمال انخراط الولايات المتحدة في الحرب، سواء بشكل مباشر أو عبر دعم عسكري ولوجستي واسع.
وتشير مصادر مقربة من الإدارة إلى أن الخيارات الأميركية مفتوحة، لكنها تُدار بميزان دقيق بين عدم التورط الشامل وبين الحفاظ على صورة الحليف القوي لإسرائيل.
في المقابل، أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا لافتًا، أكدت فيه تأجيل مؤتمر “حل الدولتين” الذي كان من المزمع عقده في واشنطن في 17 حزيران الجاري، مشيرة إلى أن الظرف الإقليمي المتوتر يتطلب إعادة تقييم المسار السياسي وضمان بيئة دولية أكثر دعمًا.
هذا التأجيل لا يُقرأ كانسحاب من دعم القضية الفلسطينية، بل كمقاربة استراتيجية تسعى لضمان نتائج أكثر نضجًا وقبولًا في ضوء المتغيرات.
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب. على قطاع غزة، التي تدخل شهرها التاسع عشر منذ اندلاعها في 7 أكتوبر 2023، ووسط تآكل الصورة الدولية لإسرائيل، بعد اتساع دائرة الرفض الشعبي والدولي لسياساتها الإبادية والعدوانية ضد الفلسطينيين.
إن تزامن التصعيد العسكري الإسرائيلي الإيراني، مع الشلل في المسار السياسي الإقليمي، يوحي بأن الشرق الأوسط مقبل على مرحلة إعادة تشكيل كبرى، حيث تتراجع فرص التسوية، ويعاد فرز موازين القوى.
كما أن قدرة إسرائيل على إدارة الصراع بدأت بالتآكل، سواء من حيث الردع العسكري أو الدعم الدولي، في حين تزداد تعقيدات الداخل الإيراني بفعل الضغوط الاقتصادية والاحتجاجات، ما يجعل الطرفين في موقع المجازفة.
بناء على ذلك، يتّضح أن المنطقة تقف على مفترق خطير:
فإما احتواء عاجل للصراع عبر تفاهمات دولية توقف الانحدار نحو حرب إقليمية، أو انزلاق أكبر يعيد خلط أوراق القوى والنفوذ في الشرق الأوسط.