المتبقي 36 ساعة: إما رأس المرشد أو وقفها

أمد/ فجر يوم الجمعة فشلت محاولة الإنقلاب التي خُطط لها بعناية تامة من قبل الأمريكي ومشاركة دول وازنة أوروبية وإقليمية، ويبدو أن أسلوب الإنقلاب في “سوريا” كان تجربة رائدة لتطبيقها في “إيران”، لكن المختلف عنها هو الدور “الإسرائيلي” المباشر وليس كما “سوريا” والذي كان دوره مانع للتدخل “الإيراني” وتدخل “حزب الله” عبر التهديد بقصفهم وإسقاط أي طائرة “إيرانية” تحاول دخول الأجواء “السورية” و”اللبنانية”.
الدور “الإسرائيلي” في “إيران” كان يحمل في ثناياه مسألتين، الأولى هي بدء ضربة الأولى أي “الصدمة والترويع”، والثانية هي التغطية عبر هذه الضربة على أعمال وعمليات التخريب وإغتيالات القادة وتدمير غرفة التحكم والسيطرة الداخلية عبر استخدام عناصر متعددة داخلية “لاحقا اصبح إسمهم عملاء الموساد”، وكان هناك كما يزعم المُخططين للإنقلاب ضباط من الجيش “الإيراني” مستعدين للتحرك للسيطرة على الحكم بعد الضربة المحكمة للحرس الثوري، وحين تحرك هؤلاء فجر يوم الجمعة وتوجهوا إلى الشخصية “الإيرانية” البارزة والمعروفة والتي تم التعويل عليها لقيادة عملية الإنقلاب ولاحقا المرحلة الإنتقالية وبحيث يتم الإعلان عن موافقتها على تسلم الحكم، رفضت هذه الشخصية الوطنية المعروفة لكل الداخل “الإيراني” الدخول في خطة الإنقلاب بعد أن علمت فيها وإعتبرت ذلك خيانة وطنية، وهذا أدى إلى خلط الأوراق لأن مُجمل الضباط في الجيش الذين كانوا مستعدين لعمل الإنقلاب هم في أغلبهم من مؤيدي هذه الشخصية الكبيرة والتي لم تعلم بالأصل بخطة الإنقلاب
“إسرائيل” نتيجة لذلك تورطت لأن المقصود لم يكن حرب، بل إنقلاب تبدأه “إسرائيل” بضربة إستباقية كبيرة وتساعد المنقلبين في منع إستهدافهم من قبل الحرس الثوري، وهنا دخلت في حرب بناءا على مخطط دولي، وليس بقرار “إسرائيلي” محض، هنا نشير بأن “نتنياهو” يعلم بل متأكد ان التحالف الدولي الذي على رأسه “الولايات المتحدة” لن يترك “إسرائيل” تواجه “إيران” لوحدها، وتدخل في حرب إستنزافية لا قُدرة لإسرائيل عليها
على ضوء ذلك بدأت تتعدد السيناريوهات الهادفة إلى تبرير الدخول “الأمريكي” في الحرب حيث هناك معارضة شديدة لذلك من قبل حركة “MAGA”، فظهر سيناريو الضرورة للدور الأمريكي في تدمير مفاعل “فوردو” وأيضا سيناريو طرح “الإستسلام غير المشروط” الذي أعلن عنه الرئيس “ترامب”، والذي عُدل لاحقا بسبب عدم واقعيته الى عبارة “أن ما كان ينطبق على المفاوضات قبل أسبوع لا ينطبق الآن”.
عليه، بدأت ما يسمى مفاوضات اللحظة الأخيرة، حيث تدخلت دولة خليجية وازنة لها علاقات جيدة مع جميع الأطراف، على الخط ونقلت الشروط “الأمريكية” المتمثلة ب “الإستسلام غير المشروط” وهذا ما رفضته “إيران”، لحظتها كادت نافذة المفاوضات الضيقة والمحددة بسقف زمني لمهلة ثلاثة أيام “بقي منها فقط 36 ساعة” أن تُغلق وتذهب المنطقة إلى تصعيد غير مسبوق
لكن حنكة زعيم دولة الوساطة أجلت التصعيد قبل إنتهاء المهلة، وبدأ في محاولة إنقاذية أخيرة لمنع توسيع المعركة وبما يؤدي إلى تدهور إقليمي واسع، وعرضت دولة الوساطة ان تقوم بتعديل الشروط الأمريكية وبما يخدم جوهر تلك الشروط، وافق “الأمريكي” و”الإسرائيلي” شرط أن تعرض عليهم للموافقة قبل “الإيراني”
اذا المعلومات تقول أن الوساطة عمرها 36 ساعة والمهلة المتبقة فقط 36 ساعة وبعدها سيتحدد مصير “إيران” والمنطقة، لذلك تحرك الوسيط “الخليجي” وإستدعى مسؤول “إيراني” ليحضر على عجل الى تلك الدولة كي يتم مناقشة التعديلات معه بشكل مباشر، قبل إرسالها إلى “ألامريكي” و”الاسرائيلي” وذلك لكسب الوقت “يبدو المسؤول الإيراني شخصية متمكنة ومطلعة عن قرب على الملف النووي والمفاوضات الأمريكية الإيرانية وهو في طريقه إلى تلك الدولة أو قد وصلها بالفعل”
أما إذا لم تنجح الوساطة خلال أل “36” ساعة المتبقية من مهلة الثلاث أيام، فسيحدث التالي:
أولا- تشكيل تحالف دولي من كل من “الولايات المتحدة وكندا وإستراليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا” لشن الحرب على “إيران”، وهذا يُجنب إتهام الرئيس “ترامب” بأنه أدخل أمريكا إلى حرب لا يريدها أغلبية الشارع الأمريكي، وهو أصلا انتخب تحت شعار “لا لحروب أمريكا الخارجية
ثانيا- هدف التحالف الدولي سيكون إسقاط النظام السياسي في إيران وعلى رأسه مرشد الثورة
ثالثا- الولايات المتحدة أنجزت تشكيل الحكومة الانتقالية من كافة الاتجاهات الإيرانية والتي ستقود إيران بعد الإطاحة بالنظام وفق المخطط وسيكون على رأس هذا النظام شخصية شيعية من المذهب “الإثني عشري”
المتبقي فقط “36” ساعة، فإما وقف الحرب والعودة للمفاوضات الأمريكية الإيرانية بشروط جديدة أهمها أن مطالب “إيران” ما قبل أسبوع لا تتوافق مع الواقع الجديد، أي لا تخصيب ولا أجهزة طرد مركزي على الأرض الإيرانية، القضاء على البرنامج الصاروخي أو تحديد قدراته ومسافاته، وقطع الدعم عن حركات المقاومة وعلى رأسها حركة المقاومة الفلسطينية، وإما الذهاب إلى حرب لا تُحمد عقباها لأن هدفها هو فرض تغيير للنظام السياسي في “إيران” بقوة خارجية، مما يعني أن الخيارات صفرية، بل لا يوجد حقيقة خيارات امام النظام السياسي سوى الإذعان والقبول بكل ما تُمليه “أمريكا” و “إسرائيل” وبما يعني ذلك الإستسلام التام وفق مطلب الرئيس “ترامب”
فقط ساعات وسوف نرى نتائج اللحظة الأخيرة من المفاوضات الجارية، حيث سيتحدد خلالها مصير “المرشد” و “إيران” والمنطقة ككل، لذلك السؤال المطروح الآن: هل ستقرر “إيران” الذهاب للنهاية لأن المطلوب رأس المرشد؟ أم ستنحني للعواصف القادمة لا محالة؟!
ساعات وسوف نرى صفاء السماء أم تلبدها