فلسطين تقدم تقرير لجنة التحقيق حول انتهاكات الاحتلال بحق المنشآت التعليمية والثقافية والدينية.

أمد/ جنيف: شاركت دولة فلسطين في الحوار التفاعلي مع لجنة تقصي الحقائق المستمرة، وذلك ضمن أعمال الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. تناول النقاش تقرير اللجنة الأخير الذي وثّق انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك ارتكابها لجرائم دولية بحق المرافق التعليمية والدينية والثقافية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
في افتتاح الجلسة استعرضت رئيسة لجنة تقصي الحقائق السيدة نافانيثيم بيلاي التقرير، واشارت أن التصعيد في قطاع غزة مستمر منذ أكثر من 600 يوم، وامتد ليشمل كافة الأرض المحتلة وإيران واليمن ولبنان وسوريا. وكشفت أن اللجنة وثّقت عمليات تهجير قسري وقتل للمدنيين، لا سيما أثناء محاولاتهم الوصول إلى الغذاء، وقتل أكثر من 19,000 طفل، مضيفة: “هؤلاء ليسوا أرقاماً، بل كل طفل يمثل مستقبلًا تم طمسه.” وأشارت بيلاي إلى أن القوة القائمة بالاحتلال عملت على تدمير النظام التعليمي في غزة بالكامل، مما حرم الفلسطينيين من مصدر للاستقرار والأمل، دون وجود أي مبرر عسكري لذلك. ووصفت الاعتداءات الإسرائيلية بأنها منهجية ومباشرة ضد المدنيين، موضحة أن تدمير المواقع التراثية ومحاولات طمس الهوية الثقافية الفلسطينية تمثل انتهاكاً خطيراً لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ودعت إلى إنهاء الاحتلال ووقف كافة الأعمال العدائية والإفراج عن الرهائن الفلسطينيين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات والامتثال للقانون الدولي.
وفي كلمته أمام المجلس، أعرب السفير ابراهيم خريشي، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة في جنيف، عن شكر وتقدير فلسطين للجنة تقصي الحقائق وأعضائها وطاقم السكرتاريا على الجهود الكبيرة التي بُذلت في إعداد التقرير، واكد أن التقرير وثّق بدقة وبالأدلة القاطعة حجم الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوة الاحتلال الإسرائيلي. وبين أن هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الانساني، وترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل وتشكل عناصر واضحة لجريمة الإبادة الجماعية.
وأشار السفير خريشي إلى التدهور غير المسبوق في النظام التعليمي الفلسطيني نتيجة للهجمات الإسرائيلية المستمرة، والتضييق الممنهج على الحركة من خلال أكثر من 900 حاجز في الضفة الغربية ونقطة تفتيش تعيق وصول الطلبة والمعلمين إلى مدارسهم. ولفت إلى استهداف دور الحضانة وإغلاق مدارس الأونروا في القدس الشرقية، بالإضافة إلى تدمير المساجد والكنائس في قطاع غزة، ومنها كنيسة القديس برفيريوس والمسجد العمري الكبير. وشدد على أن اللجنة لم تجد أي دليل يشير إلى استخدام هذه المواقع لأغراض عسكرية.
وأوضح السفير خريشي أن التقرير يعكس مأساة حقيقية تواجه المؤسسات التعليمية والثقافية والدينية الفلسطينية، ما يهدد مستقبل الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير. ودعا إلى تنفيذ توصيات اللجنة وتحمل الدول لمسؤولياتها باتخاذ خطوات عملية لوقف الانتهاكات، وتنفيذ ما جاء في الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن عدم قانونية الاحتلال، والتقيد بالتدابير المؤقتة التي أصدرتها المحكمة في يناير ومارس ومايو 2024، لمنع حدوث إبادة جماعية.
وأكد السفير خريشي مطالبة فلسطين بضرورة توفير الحماية والمرافقة الدولية لضمان دخول المساعدات الغذائية والدوائية والمياه والوقود إلى قطاع غزة، من خلال المنظمات الدولية وليس عبر “الآلية الأمريكية-الإسرائيلية” التي وصفها بمصائد الموت، والتي أودت بحياة أكثر من 400 فلسطيني وأصابت أكثر من 3000 آخرين. وأضاف أن جريمة جديدة وقعت اليوم راح ضحيتها أكثر من 80 شهيداً ومئات الجرحى من طالبي المساعدات في خان يونس ورفح.
وطالب بتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم L.34 الداعي لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما دعا إلى الإفراج عن المعتقلين الإداريين والمختفين قسرياً. ودعا المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات حقيقية ضد الاحتلال الإسرائيلي من خلال وقف تصدير السلاح، ومراجعة العلاقات الدبلوماسية والتجارية، وفرض عقوبات على أعضاء حكومة الاحتلال المتطرفة، ووقف التعامل معهم، وتفعيل مبدأ المحاسبة دون ازدواجية في المعايير.
كما رحبت العديد من الدول والمنظمات بالتقرير، من بينها: آيسلندا، الأردن، الجزائر، مصر، قطر، سلوفينيا، اسبانيا، العراق، تركيا، بريطانيا، غانا، هولندا، النرويج، تونس، لبنان، عمان، استراليا، ماليزيا، ليبيا، السنغال، ارتيريا، استونيا، غامبيا، ناميبيا، بروناي، لوكسمبرج، ايرلندا، فرنسا، بلجيكا، اندونيسيا، اليونان، إلى جانب منظمة التعاون الإسلامي، والمجموعة العربية، ومجلس التعاون الإسلامي، والاتحاد الأوروبي. وأكدت هذه الأطراف التي تجاوز عددها المئة مشارك دعمها لعمل لجنة تقصي الحقائق وأهمية تحقيق المساءلة وإنهاء الاحتلال ووقف الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين وحماية كافة المرافق التعليمية والثقافية والدينية.
فلسطين تشارك في استعراض تقرير لجنة تقصي الحقائق حول جرائم الاحتلال بحق المرافق التعليمية والثقافية والدينية pic.twitter.com/lq5ZLkqkLk
— amad أمد للإعلام (@MediaAmad) June 17, 2025