بركة: يتعين على الشباب المغربي مواجهة الخطابات الشعبوية ومخاوفهم من السياسة

قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، إن الحزب يعي تمامًا أهمية الانفتاح على الشباب وإبداعاتهم، مبرزًا أن حزب الاستقلال، بـ”تاريخه العريق ومكانته الخاصة في المشهد الوطني، يظل في حاجة إلى تصورات الجيل الجديد لإعادة صياغة خطابه السياسي بما يواكب تطلعات المستقبل”.
وأضاف بركة، خلال حفل استقبال الفوج الأول من المنخرطين الشباب في إطار الأكاديمية الاستقلالية للشباب، أن تدخلات الشباب في هذا اللقاء ترسم ملامح خطاب جديد يعكس رؤية الحزب في اتجاه التغيير، كما دعا الشباب إلى تجاوز الخوف والتردد من الولوج إلى المجال السياسي.
واعتبر أن هذا التردد هو نتيجة مباشرة لخطاب التيئيس السائد في مواقع التواصل الاجتماعي، والذي ساهم في إفراغ الحقل السياسي من الكفاءات، مفسحًا المجال أمام فاقدي الأهلية لتولي مواقع القرار، مما عمق أزمة الثقة في العمل السياسي.
وأكد بركة أن تعبئة الشباب لا تهدف فقط إلى إعادة بناء جسور الثقة مع الأحزاب، بل تتجاوز ذلك إلى إشراكهم في صياغة مشروع مجتمعي يعبر عن انتظاراتهم، مشددًا على أن الغيرة على الوطن هي الدافع الأول للمساهمة في التغيير المنشود.
كما ثمن رغبة المنخرطين الجدد في المساهمة في هذا التحول، معتبرًا أن انخراطهم يتجاوز حدود التنظيم الحزبي إلى الانخراط الفعلي في بناء مغرب الكفاءات.
وشدد الأمين العام على أن حزب الاستقلال يعمل على تمكين الشباب من أدوات التأثير والمشاركة في صياغة البرنامج الانتخابي المقبل، والاستعداد للمشاركة في الاستحقاقات المقبلة، سواء الجماعية أو المهنية، وذلك عبر إدماجهم في الديناميات الحزبية والبرامج التكوينية الهادفة.
وأشار بركة إلى أن استقطاب شباب جدد عبر الأكاديمية هو جزء من الدينامية التي يعرفها الحزب، والتي تتيح له استرجاع أنفاسه وتحديث آلياته التنظيمية والفكرية لمواكبة التحولات السياسية والاجتماعية الجارية بالمغرب، مضيفا أن قوة الحزب تكمن في ثوابته الراسخة التي تأسست على يد مناضلين وطنيين، جعلوا من المشروع الاستقلالي تعبيرًا صادقًا عن الهوية المغربية الأصيلة.
وأوضح الأمين العام أن الحزب يستمد مرجعيته من خصوصية النموذج المغربي، القائم على تعدد الروافد الثقافية والانفتاح، وعلى التشبث بالملكية الدستورية، وتكريس التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، والوفاء للمرجعية الإسلامية المعتدلة والوسطية.
ولم يُخف بركة قلقه من تنامي الخطابات الشعبوية التي تمس تماسك النسيج المجتمعي والديمقراطية، مؤكدا أن هذه الخطابات تتغذى على التمييز والكراهية والعنف، خاصة حين تكون قائمة على أسس مجحفة كالجنس أو الانتماء، داعيًا إلى التصدي لها بكل حزم ووعي.
وفي معرض حديثه عن الرؤية الاقتصادية للحزب، شدد نزار بركة على أن حزب الاستقلال يدافع عن نموذج اقتصادي عادل، يقوم على تقاسم عادل للثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية، منبها إلى أن استمرار الجشع التضخمي يقوّض استقرار الاقتصاد الوطني ويُضعف فرص النمو.
وفي ختام كلمته، دعا الأمين العام الشباب المنخرطين في الأكاديمية إلى المساهمة في بلورة سياسات عمومية ذات بعد استشرافي تواكب أوراش الدولة الاجتماعية، مبرزًا أن الحزب بصدد إعداد ميثاق وطني للشباب، يمنح دينامية جديدة لمبادراتهم داخل الحزب، ويؤسس لمسار تأهيل حقيقي يتيح لهم الانخراط الفاعل في الشأن العام والمشاركة المواطنة المسؤولة.
جاءت تصريحات نزار بركة خلال ترؤسه لحفل استقبال الفوج الأول من المنخرطين الجدد ضمن الأكاديمية الاستقلالية للشباب، السبت بالمركز العام للحزب بالرباط، تحت شعار “الكفاءات الشبابية.. صناعة التغيير في خدمة الوطن”.
وحضر اللقاء عدد من أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، من بينهم نعيمة بنيحيى وزيرة الأسرة والإدماج الاجتماعي والتضامن، وعبد الجبار الرشيدي رئيس المجلس الوطني للحزب، وعزيز هيلالي رئيس رابطة المهندسين الاستقلاليين، وخاليد لحلو رئيس رابطة الأطباء الاستقلاليين.
كما عرف اللقاء حضور عبد الحافظ أدمينو منسق برنامج “ميثاق الشباب”، وعبد الواحد الفاسي رئيس لجنة الأخلاقيات والسلوك، ومصطفى حنين المفتش العام للحزب، ويوسف أخلو منسق الأكاديمية الاستقلالية للشباب، وصوفيا سعودي عضو الأكاديمية ورئيسة مركز السياسات الشبابية.
ويأتي هذا اللقاء في سياق سلسلة من المبادرات التي تشرف عليها الأكاديمية، والتي تهدف إلى تمكين الشباب من أدوات الفهم والتحليل والمشاركة الواعية في القضايا الوطنية، وتوسيع دائرة الممارسة السياسية الواعية في صفوف الجيل الجديد.