بنعبدالله: نحن في صدارة المعارضة وعلى الحكومة إظهار إيجابياتها بينما توجد بها الكثير من النقائص.

قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن خزبه يتزعم المعارضة بشكل كبير، مبرزا أن الحكومة لا يجب أن تنتظر من المعارضة أن تدافع عن إيجابياتها، قبل أن يهاجم الحكومة بما اعتبره نقائصا على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وقال بنعبد الله، أمام الدورة السادسة للجنة المركزية المنعقدة، اليوم الأحد، تحت عنوان: “البديل الديمقراطي التقدمي: من أجل تجاوز الإخفاقات الحكومية وكسب رهانات المستقبل”، إنه “كان بِودِّنا أن نتوفر على حكومةٍ قوية سياسيًّا وتدبيريًّا. لكن للأسف هذه الحكومة بعيدةٌ كل البُعد على أن تكون كذلك، بل إننا أمام حكومة هي الأضعفُ منذ عقود على مستوى الأداء والنتائج، وعلى مستوى الحضور السياسي والتواصلي”.
واستغرب الأمين العام من أنها “حكومةٌ لا تَكُفُّ عن الاستعلاء وادِّعاءِ إنجازات غير مسبوقة. كما لا تـتَوَرَّعُ عن التهجُّم على كل صوتٍ منتقد، بما في ذلك على مؤسسات دستورية ورسميةٍ للحكامة”، منتقدا تجمعات أحزاب الأغلبية التي اعتبر أنها مصطنعة.
وأقر بنعبد الله بإيجابيات الحكومة، مبرزا “نعم، الحكومةُ تشتغل هنا وهناك. ونُسجل لها إيجابياتٍ في بعض المجالات، لكنها إيجابيات مقرونةٌ بمحاذير وسلبيات لا يمكن التغاضي عنها”، مضيفا “إذا كانت لديهم إيجابيات عليهم أن يدافعوا عنها إن كانوا قادرين على ذلك، أما نحن فنصطف في المعارضة ونتزعمها بشكل كبير”.
وتابع بأن الحكومة هي التي ينبغي أن تسوق إنجازاتها على كل حال، “فنحن في موقع المعارضة، دورُنا، إلى جانب تشجيع الإيجابيات، هو الوقوفُ بالأساس عند السلبيات والنقائص والاختلالات، وهي كثيرة ومتنوعة في عهد هذه الحكومة، إلى درجةِ أنها تفوق بكثيٍر الإيجابيات القليلة”.
ومنتقدا فشل الحكومة على الصعيد الاقتصادي، أشار الأمين العام إلى أنه “بالنظر إلى أنَّ هذه الحكومة، ولا سيما الحزب الأغلبي، اختار أن تتشكل المؤسسةُ التنفيذية من فريقٍ مُعظمُهُ مُستَقْدَمٌ من عالَم المال والأعمال، ولو من غيرِ أيِّ كفاءةٍ سياسية وتواصلية؛ فقد كان الطبيعيُّ هو أن يتحقق منجزٌ اقتصادي ناجح. لكن، للأسف، وضعت الحكومةُ وثيقةَ النموذج التنموي عملياًّ على الرفوف، علماً أنها تضمنت مَدَاخِل هامة لإحداث التحوُّل الاقتصادي ببلادنا. بل إنَّه حتى الالتزاماتُ المعلنة في البرنامج الحكومي تمَّ الفشلُ الذريع في تحقيقها”.
وضمن الانتقادات المتصلة بالأداء الاقتصادي للحكومة، أورد بنعبد الله “التزمت هذه الأخيرة بإحداث مليون منصب شغل، لكن في 3 سنواتٍ أفقدتنا، حسب الأرقام الرسمية المرحلية ما يفوق 150 ألف منصب شغل، وبلغت معدلات البطالة أرقاما غير مسبوقة (ما بين 13% و14% عموماً، وتقتربُ من 40% في أوساط الشباب)”، مسجلا في السياق نفسه “الفشل الذريع لبرنامجيْ فرصة وأوراش، اللذين واكَبَت الحكومةُ إطلاقَهُما بكثيرٍ من الدعاية، قبل أن تتكسر أحلامُ الشباب على واقع الإحباط”.
في المسألة الاجتماعية، أفاد بنعبد الله أنه “رغم كل الادعاءات الحكومية، فإن الواقع والأرقام لا يَكْذبان، حيث من المؤكد أن الحكومة، ولا سيما الحزب الذي يقودُها، لا يأخذان من مفهوم “الدولة الاجتماعية” سوى الشعار، بعيداً عن القدرة على ترجمته إلى منجزٍ حقيقي”.
ولفت إلى أن الحكومة التزمت “بتوسيع دائرةِ الطَّبقة الوُسْطى، وبإخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة. لكن وفق أرقامٍ رسمية انزلق أزيد من 3 مليون شخصاً نحو الفقر أو الهشاشة”، مشيرا إلى التزام الحكومة “بتعميمِ الحماية الاجتماعية الشاملة، لكن 8,5 مليون شخصاً لا يزالون خارج التغطية الصحية، ولا تزالُ نسبة أداء الاشتراكات من طرف المهنيين المستقلين والعمال غير الأجراء ضعيفةً، إما بسبب عدم القدرة على الأداء، أو بسبب ضُعف جاذبية الانخراط”.
وأوضح أنه “في مقابل تَبَجُّحِها بالدعم الاجتماعي المباشر (والجميعُ يعرف الموقف الأصلي والحقيقي للحزب الذي يقود الحكومة، الرافض بقوة لهذا الإجراء)؛ فإنه عملياًّ أقصت الحكومة، من خلال إعمال معايير إدارية مجحفة للمؤشر، مئاتِ آلاف الأسر من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر. وتملصت من التزامها بتوفيرِ مدخول الكرامة، وحذفت برامج اجتماعية هامة، كمليون محفظة، وتيسير، ودعم الأرامل”.
أما ما اعتبره بنعبد الله “الفشل السياسي للحكومة”، فيتجلى في كونها “لا تنظر إلى “الديموقراطية” سوى من زاوية ضيقةٍ جداًّ هي “التوفر على أغلبية عددية” يعلمُ الجميعُ الأساليب التي حصلت بها عليها في 2021، وخاصة بالنسبة للحزب الذي يرأسها”، موضحا أن الحكومة “تفتقرُ إلى الحِسِّ السياسي، وإلى الثقافة الديموقراطية، وإلى قدرات التواصل مع الرأي العام والفاعلين والفرقاء، وإقناعهم وإشراكهم والتحاور معهم، مما أدى إلى خُفوتٍ غير مسبوق في النقاش العمومي”.
وشدد على أنها “حكومةٌ لا تقترب، بالكاد، من القضايا السياسية، وكأنها حكومةٌ لتصريف الأعمال بشكلٍ تكنوقراطي، مشيرا إلى أنه على مستوى الحقوق والحريات فالحكومة لم يَـثْبُتْ أبداً أن اتخذت موقفاً أو مبادرة لحماية حريات التعبير والرأي والصحافة، بل العكسُ تماماً هو الواقع”.
وأردف بأنه “حتى النصوص التي جاءت بها الحكومة، على سبيل الإصلاح، افتقدت، في المجمل، إلى ما يكفي من النَّفَس الديموقراطي والحقوقي (قانون الإضراب، قانون المسطرة المدنية، قانون المسطرة الجنائية.. إلخ). ولذلك تحملنا مسؤولية التصويت ضدها في البرلمان، من خلال فريقنا النيابي الذي نحييه على عمله الكبير، بعد أن بذلنا جهداً كبيراً في محاولات التجويد والتطوير، دون تجاوبٍ كافٍ من الحكومة”.
ودعا التقدم والاشتراكية إلى “فتحَ النقاش، بمُتَّسَعٍ من الوقت، أمام إصلاح منظومة الانتخابات، كجزءٍ لا يتجزأ من ضرورة ضخِّ نفَسٍ ديموقراطي وحقوقي، لحماية مكتسباتنا الوطنية من أيِّ تآكل تتسبب فيه هذه الحكومة”، مطالبا من جهة أخرى بضرورة “إحداث الانفراج السياسي والحقوقي المطلوب، لا سيما من خلال إيجاد الصيغ الملائمة لطي بعض ملفات المتابعة أو المحاكمة أو الاعتقال المرتبطة بصحفيين أو بحركات اجتماعية”.