فنجان قهوة بـ40 درهماً.. “سياحة كناوة” تُ revitalizes الصويرة بينما “تكدس” المتاجر يؤدي إلى نفور السياح

دبت الحياة إلى أوصال مدينة الصويرة المغربية خلال الأيام الماضية، إثر استضافتها موعداً سنوياً بارزاً يتمثل في مهرجان كناوة وموسيقى العالم، ومعها حركية اقتصادية تتجلى في الإقبال على مختلف السلع والخدمات بالمدينة؛ غير أن السواد الأعظم من المحلات التجارية أبى إلا أن يتدارك ركود الأيام العادية بزيادات غير معقولة في الأسعار.
كوب قهوة سوداء لا يقل سعره بمدينة الصويرة هذه الأيام عن 20 درهماً، ويصل في بعض المقاهي القريبة من منصات العرض إلى 40 درهماً، كما أن ثمن وجبة غداء بسيطة لا تغني ولا تسمن وتسد الرمق بالكاد قد يصل إلى 50 درهماً؛ فمن الفنادق إلى المطاعم إلى المحلات التجارية، بل حتى “الاقتصاد غير المهيكل”… تعرف المدينة انتعاشا اقتصاديا استثنائي في ظل ارتفاع الطلب أيام مهرجان “كناوة”.
الفنادق مملوءة عن آخرها، بحث صغير على منصات الحجز الإلكتروني يُظهر أن الفنادق المصنفة بنجمتين أو ثلاثة مملوءة عن آخرها إلى غاية متم المهرجان نهاية الأسبوع الجاري؛ فقط الفنادق المصنفة 4 نجوم فما فوق تتوفر بها بعض الفرص؛ وما على الراغبين بأسعار في المتناول إلا التوجه إلى “سيدي كاوكي” أو أحد النواحي بعيدا عن مركز الصويرة بكيلومترات.
محمد، صاحب فندق مصنف نجمتين داخل المدينة العتيقة للصويرة، أكد أن المولعين بهرجان كناوة شرعوا في الحجز منذ أسابيع؛ “لعلمهم بما يحدث في المدينة من تدفق للطلب على الإيواء خلال هذه الفترة، وحدهم الذين يحجون إلى هنا لأول مرة وجدوا أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه في ما يتعلق بالإيواء”.
من جانبه أوضح سعيد؛ صاحب محل لبـيع المجسمات والأقنعة وبعض التذكارات الإفريقية أنه يعيش الآن أفضل 3 أيام في السنة؛ “نادرون هم المغاربة الذين يشترون مني؛ لأن الأغلبية يعتقدون أنني أبيع أصناماً للعبادة”، يقول التاجر لصحيفة “مدار21” بنبرة سخرية مضيفاً؛ “النصارى لي كيعرفوا بحق هذه التحف الفنية المنقوشة على خشب العرعر والمستوردة من أعماق القارة الإفريقية”.
رهان على السياحة الثقافية
ويراهن المغرب على السياحة الثقافية؛ إذ يرى الخبير في القطاع السياحي، الزبير بوحوت، أن المنتوج السياحي المغربي هو منتوج ثقافي بامتياز؛ “تشهد على ذلك أهم الوجهات السياحية بالمغرب؛ كمراكش، وهي وجهة ثقافية بامتياز، وحتى أكادير التي تتميز أيضاً بكونها وجهة شاطئية فجزء من السياحة فيها ثقافي، دون الحديث عن فاس والرباط وحتى طنجة”.
وأبرز المتحدث ذاته أن السياحة الثقافية تقوم بالأساس على الموروث الثقافي والعمراني والحضاري، ولا سيما على التراث اللامادي؛ “هنا تبرز أهمية المهرجانات والمواسم والتعبيرات الفرجوية، التي لديها إمكانيات هائلة لتطور أكبر بالمغرب”.
“لا أبالغ حين أقول إن الصويرة هِبة مهرجان كناوة، فقل 25 سنة فقط كان في المدينة كلها فندق وحيد، بفضل المهرجان أصبحت بها حركة سياحية هامة، كما أنها عرفت كيف تستفيد من قربها من مراكش التي تمدها ببعض الإشعاع”؛ يؤكد بوحوت.
وأكد أن القطاع السياحي بالصويرة بات يضطلع بدور هام في الحياة الاقتصادية للمدينة؛ “أقدّر أنه يوظف ما قد يصل إلى قرابة 10 آلاف شخص”؛ لذلك أنصح بالتعلم من هذا المهرجان، وتعميم تجربته.
الجشع يغتال الجهود
وفي معرض جوابه عن سؤال حول اشتعال حمى الأسعار خلال هذه الأيام بمدينة الصويرة؛ اعتبر بوحوت أن “الضغط على الطلب لا ينبغي أن يولد الجشع، لأن الأخير يضر بصورة الوجهة السياحية وسمعتها”.
“لا يجب أن نتصرف بانتهازية؛ من يرفع الأسعار إلى مستويات لا معقولة عليه أن يذكر فترة كوفيد-19، حين كان القطاع متوقفا تماماً”، مشيرا إلى أنه ينبغي على العكس الرهان على “جودة الخدمات، واغتنام هذه الفرصة للترويج والتعريف بالمنطقة”.
وشدد على أن من واجب أجهزة المراقبة، التابع لمصالح الولاية وكذا لوزارة الصناعة والتجارة أن تتحرك لضبط هذه السلوكيات والحد من منطق تصيد المناسبات لدى البعض.