قصة مصورة – طيور الباشا

للوهلة الأولى، ستفرك عينيك، ستفتحهما على اتسعاهما ثم تضيِّقهما، كى تتأكد أن الرجل الذى يمتطى الجواد ثابتٌ بالفعل على صهوته، أنه ما يزال تمثالاً،
لا يتحرك، لأنه يبدو كما لو أنه رفع يده خصيصاً، وفرد إصبعه السبابة غاضباً، ليهش قطعان الطيور التى ازدحمت حوله فى هذه الظهيرة الحارة التى “تُضيِّق الخُلق”، كى يعود إلى سلامِه، محتفظاً بـ “برستيجه” المهان، فى ميدان الأوبرا بالعتبة!
إنه إبراهيم باشا، الذى صار علامة على هذا الميدان العريق، والذى يبدو حانقاً لأن الطيور تطارده حتى بعد أن غيّر مكان تمثاله! والحقيقة أن هذا التمثال لم يكن أبداً بعيداً عن المشاكل، فقد نُقل مرة من قبل، فى أعقاب الثورة العرابية، منتقلاً من ميدان العتبة الذى شهد ظهوره الأول!
التمثال نفسه كان السبب فى مشكلة بين مصر وتركيا، لأن النحات الفرنسى”تشارلز هنرى كوردييه” الذى صنعه، صمم لوحتين توضعان على قاعدة التمثال الرخامية، رأت فيهما تركيا إساءة لها.
هذا التمثال إذاً “غاوى مشاكل”، لكن يبدو أن كل المشاكل الكبرى بما فيها الثورات وصراعات الدول، تهون أمام مناكفة طيور الظهيرة القاهرية، التى تشاكس الباشا القديم، وقد تترك مخلفاتها على جسده، وهنا تظهر قيمة يده المرفوعة، حتى ولو ثابتة، كى تهش هؤلاء الأعداء الذين لا ينهزمون!