إيمان مصطفى.. فقدان شخصية بارزة في عالم برامج السينما

إيمان مصطفى.. فقدان شخصية بارزة في عالم برامج السينما

أشرف الغزالى: تميزت بثقافتها العالية والهدوء فى التعامل
دعاء حمزة: برامجها بمثابة أرشيف للضيوف
جمال الشاعر: أسهمت فى بناء «النيل الثقافية» بأفكارها وموهبتها ودقتها

حزن كبير خيم على قطاع القنوات المتخصصة بالهيئة الوطنية للإعلام، بعد رحيل الإعلامية ايمان مصطفى، كبيرة المعدين فى قناة النيل الثقافية، التى تعد من الجيل الأول للقناة، فقد تميزت بالدقة والحرفية فى إعداد البرامج خاصة فى مجال السينما.. ورحلت عن عالمنا بعد معاناة مع المرض، بعد أن ظلت تعمل لآخر يوم قبل الرحيل.. فى السطور التالية نتعرف على مسيرتها فى قناة النيل الثقافية من خلال رؤسائها وزملائها.

فى البداية، يقول الإعلامى الكبير جمال الشاعر، الرئيس الأسبق لقناة النيل الثقافية: “إيمان مصطفى رحمها الله تنطبق عليها مقولة الشاعر الالمانى الشهير “جوته” إن “أعظم إنجاز حققته فى حياتى هو صناعة شخصيتي”، فقد كانت شخصية فريدة ومتوازنة وهادئة.. دوؤبة ومثقفة وذكية، ومنفتحة على المعارف الإنسانية. وبرنامجها “مساء الخير أيها العالم” من أهم برامج قناة النيل الثقافية، وأظهرت فيه قدرتها – كمعدة مثقفة – على المزج بين الفنون، مثل السينما والرواية، وبين الأخبار الثقافية والأحداث الجارية، وكانت قادرة على صناعة سبيكة إعلامية إبداعية مختلفة”.

ويضيف: “إيمان مصطفى من الزملاء الذين أسهموا فى بناء قناة النيل الثقافية بأفكارها وبموهبتها المختلفة ودقتها فى العمل، وكنت أحرضها على كتابة مقالات إبداعية وسيناريوهات، لأنها كانت تملك هذه الموهبة الرائعة.. عزاؤنا أنها تركت رصيدا من محبة واحترام كل الناس، وكل من تعامل معها فى ماسبيرو أو فى الوسط الثقافى، خاصة مجال السينما، فلا أحد يذكرها إلا بكل خير وإعزاز”.

يقول أشرف الغزالى، رئيس قناة النيل الثقافية الأسبق: “إيمان مصطفى من الجيل الثانى فى القناة، وعرفتنى بها المذيعة سوسن بشير، ولمست فيها النبل والأخلاق العالية، واخترتها لتعمل فى القناة، وتحديدا فى برامج الإعلامى جمال الشاعر، فقد كانت تتميز بثقافتها العالية جدا، والهدوء فى التعامل، وتطوير نفسها طول الوقت، فكانت دائما على قدر المسئولية، وتنطبق عليها كلمة أن الإنسان سيرة ومسيرة. وكان من أفضل صفاتها أنها تحب العمل فى هدوء وعندما تجد أى ضوضاء أو مشاكل تنسحب بهدوء، ولم تدخل يوما فى مشاكل مع زملائها، وعلى المستوى المهنى كانت مبدعة دقيقة جدا، ومهتمة بعملها، وعملت بحرفية شديدة فى كتابة الإسكريبت، فلم نجد غلطة واحدة فى أى شى كتبته، بل كان شغلها متكاملا مثل أخلاقها”.

ويضيف الغزالى: “عملت إيمان معى كمخرج وكرئيس قناة، فعملت فى البداية فى مجموعة برامج مهمة جدا منها “الخط الساخن” مع الإعلامى جمال الشاعر، وبالطبع هو بخبرته اختار إيمان ثقة فيها وفى إمكانياتها ومهاراتها كمعدة مجتهدة، والجميع يشهد لها بهذا، وارتحت بشدة معها كمعدة، لأنها كانت تحضر ضيوفا على مستوى البرنامج أو فكرة الحلقة، ولم تكن تسعى للاضواء أبدا، أو عمل هالة حولها، فكان شغلها مضيئا ومختلفا بالفعل. كما عملت معى فى برنامج رمضانى اسمه “بين الدراما والتاريخ” عن الأعمال الأدبية التى تحولت للسينما. وبرامج إيمان تعد أرشيفا جيدا للقناة وللتليفزيون ككل، نظرا لأهميتها وضيوفها المهمين”.

يتابع الغزالى: “أثناء رئاستى القناة لا أذكر أننى اختلفت معها مرة واحدة، فعندما نضع خطة عمل كانت تقترح فورمات جديدة ومبدعة فى تقديم الأفكار بشكل حرفى، نتيجة ثقافتها العالية، فهى تشبه أعمالها فى الالتزام والدقة، وتبعد كل البعد عن أى ضوضاء، ولو حدث أى موقف تحرص على ألا تخسر زملاءها، وأنا كمخرج كنت مرتاحا جدا معها ومطمئنا، وأفضل شىء عند المخرج أن يكون واثقا فى من يعمل معه، وكنت أثق فى إيمان وفى كل مادة تحضرها وتكتبها، لأنها تهتم بالتفاصيل”.

ويختتم الغزالى قائلا: “فقدنا إنسانة عزيزة جدا على قلوبنا جميعا، ورغم كل الصعوبات كانت مبتسمة وراضية، ولا أنسى أنها حصلت على أفضل أفكار برامج فى شهر رمضان بمهرجان نجوم الإبداع، فى استفتاء على قنوات النيل، وكانت تضفى حالة من البهجة والثراء لشاشة الثقافية، وقد فوجئت بمرضها، لأنها كانت عزيزة النفس ولا تتحدث عن متاعبها الصحية، ورغم ذلك لم تتأخر أثناء العمل، وقد فقدنا برحيلها إنسانة استثنائية، ومهنية قديرة”.

تقول المعدة دعاء محمد حمزة: “عرفت إيمان مهنيا من خلال عملها كمعدة متميزة، قبل أن أعمل فى قناة النيل الثقافية، من خلال برنامجها الشهير “مواجهات سينمائية”، فكانت تعد برامج تشعرك بأن هناك معدا محترفا وراء هذا العمل.. كتابتها ورؤيتها كانت تظهر فى البرنامج وحلقاته، حتى لو تغيرت المذيعة أو المخرج. وعندما عملت معدة فى القناة وقابلتها، كلمتها كمعجبة بعملها، وأبديت لها إعجابى الشديد ببرامجها، وأنها مختلفة وتحمل وجهات نظر قوية، فنحن كنا متعودين على برامج مثل “نادى السينما” لتحليل الأفلام، لكن فكرة أن تستضيف الناقد أو الصانع وتعرض له كل المقالات النقدية التى نشرت عنه، وتناقشها على الهواء، وتمنحه فرصة الحديث عنها وعرض وجهة نظره، كانت بمثابة أرشفة حقيقية لمسيرة الضيف، وقد يحتفظ بالحلقة طوال العمر، فقد كانت شخصية مبهرة بمعنى الكلمة فى دقتها، وكان الضيف أيضاً ينبهر بجمع هذه المادة لمسيرته”.

وتضيف دعاء: “إيمان كانت نموذجا للمعد المثقف الواعى، وكانت تعى كل كلمة تكتبها، وتبحث عن المعلومة بالبحث فى أرشيف الصحف والمركز الكاثوليكى، قبل ظهور الإنترنت، وكانت تفهم فى صناعة السينما، وناقدة قوية، واستضافت أسماء كبيرة فى مجالها، فى وقت كان صعبا فيه استقطاب ضيوف بحجمهم فى ماسبيرو، لكنهم كانوا يحضرون ويستمتعون بالحلقة وبإعدادها القوى، ثقة فى أنهم سيظهرون بشكل مختلف.. كان لديها شغف كبير، ومهمومة بقضايا السينما”.

وتكمل دعاء: “على المستوى الإنسانى كانت تحب شغلها، وتساعد كل من يحتاج لمساعدة، سواء بأرقام المصادر أو بالمعلومات، فلم تقل يوما “هؤلاء مصادري”، كما يقول البعض، وكانت تبدى إعجابها بأى عمل جيد لأى زميل أو زميلة. وكانت عزيزة النفس، ولديها كرامة، ونادرا ما سمعنا أنها دخلت فى مشكلة أو جدال مع أحد، فهى إنسانة نادرة وأم عظيمة لابنتين، وكان يمكن أن تصبح ناقدة مهمة جدا فى السينما، لو احترفت الكتابة، خصوصا أنها درست فى معهد النقد الفنى”.

المعدة سماح عبدالعزيز، أقرب صديقات الراحلة، تقول: “أعرف إيمان قبل دخولى مبنى التليفزيون، وأنا أصغر منها بأربع سنوات. تقابلنا خارج التليفزيون كنت فى الكلية وأتدرب فى الجرائد والصحافة، ومن أول لقاء أصبحنا صديقتين، منذ بداية الألفية وحتى الآن، نحو 25 عاما. كانت إنسانة جميلة، ومهنية من الدرجة الأولى، ورقيقة، وتهتم بكل من حولها، وظلت تمارس عملها آخر يوم، وتتابع الضيوف، رغم أنها كانت طريحة الفراش والكلام كان خطرا عليها، لكنها كانت تقول “لازم أعمل شغلى حتى لا يتضرر أحد من فريق العمل”، فهى إنسانة فريدة وعظيمة، وكان المخرج خالد الحجر آخر ضيف معها على الهواء، وتابعته حتى وصل التليفزيون وزميلتنا حنان فكرى استقبلته، فكانت حريصة على شغلها وزملائها، وعندها إحساس بالمسئولية.

وتضيف: “الراحلة كانت تكتب قصة قصيرة، وحصلت على دبلومة النقد الفنى، وكانت تقرأ فى كل المجالات، وتحب الفن بكل ألوانه. وعلى المستوى الإنسانى، كل من تعامل معاه أحبها. وكانت شخصية كتومة جدا”.

وتختتم سماح قائلة:  وبرحيلها فقدت أختى وعشرة عمرى، التى كانت تهتم بى وبابنتى أكثر من نفسى، ولم أسمعها يوما تقول كلمة سيئة عن أى شخص. رحم الله الإنسانة النبيلة إيمان مصطفى”.

يقول المعد ضياء محمد: “قابلت إيمان عندما التحقت بالعمل فى القناة عام 2000، وعملت معها عدة برامج، فهى من الشخصيات الشاطرة جدا ومتميزة فى مجال السينما، وأعلم أنها انتهت من كتابة سيناريو حوار فيلم، وكانت تسعى ليظهر للنور، لكن حلمها لم يتحقق ولا اعلم الأسباب. وقد خسرنا برحيلها معدة متميزة، لا يوجد من يحل مكانها خصوصا فى ملف السينما، لأنه كان ملعبها بلغة الشغل، وكانت لها علاقات جيدة فى الوسط السينمائى”.

تقول المخرجة سوزان عباس: “أعرف إيمان مصطفى منذ إنشاء القناة، وأنا وهى من محافظة الإسكندرية، لذلك اختارنا الإعلامى جمال الشاعر لنعمل معا، طالما أننا إسكندرانية، وبدأنا ببرنامج “مواجهات سينمائية” ومعنا المذيعة هبة فهمى، واستمر نحو 15 عاما، قدمنا فيه حلقات مع كبار المخرجين والكتاب والنقاد والفنانين، لدرجة أنه جاءت لنا مكالمة من الفنان محمود حميدة على الهواء فى حلقة المخرج خالد يوسف، مشيدا بالإعداد المميز للحلقة. إيمان كانت تعمل بكل دقة وحرفية، وسجلنا مع كل سينمائيى مصر مثل المخرج دوواد عبدالسيد ويوسف شريف رزق الله ويسرى نصر الله ومحمد النجار وساندرا نشأت وهالة خليل وطارق الشناوى وآخرين، وكانوا يشيدون إشادة كبيرة جدا باسكربيت إيمان، وبعضهم اعتبر الإسكريبت بمثابة رسالة ماجستير. ثم عملنا برامج “سينما النيل” و”رائحة مكان” ثم “كادرات سينمائية”،  “من زواية أخرى”.

وتضيف: “أذكر عندما قابلنا المخرج خيرى بشارة فى إحدى دورات مهرجان الإسكندرية، ومعى المذيعة حليمة خطاب، تذكر الحلقة التى صورها معنا فى “مواجهات سينمائية” مع إيمان مصطفى، وهذا جعله يوافق فورا على التصوير مع كاميرا الثقافية”.

وتختتم سوزان: “أتمنى من الأمير أباظة، رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائى، تكريم اسم إيمان مصطفى، وأنا كلمته ورحب، فهو يعرفها جيدا ويعرف مسيرتها فى ملفات السينما، لأنها طوال 27 عاما عملت بإخلاص ودقة فى ملف السينما والسينمائية. وكانت شخصية ملهمة وهى على قيد الحياة، وستكون بعد موتها أكثر إلهاما، فقد كانت ملتزمة، وتؤدى عملها بإخلاص، وفى صمت، دون أن تتنظر شيئا”.