مصر تعزز تأثيرها في أفريقيا من خلال التعامل بالعملات المحلية.. خطوة استراتيجية لدعم الصادرات وتقليل الاعتماد على الدولار

مصر تعزز تأثيرها في أفريقيا من خلال التعامل بالعملات المحلية.. خطوة استراتيجية لدعم الصادرات وتقليل الاعتماد على الدولار

في تحرك يعكس بُعدًا سياسيًا واستراتيجيًا عميقًا، أعلنت مصر بدء تعاملاتها التجارية مع القارة الإفريقية باستخدام العملات المحلية، في خطوة وصفها أحمد زكي، أمين عام شعبة المصدرين ورئيس لجنة الشؤون الإفريقية بالاتحاد العام للغرف التجارية، بأنها “قرار سياسي بحت يخدم السياسة الخارجية للدولة المصرية”.

دعم سياسي وتمكين اقتصادي

يرى زكي أن هذا القرار يُعبّر عن وقوف مصر قلبًا وقالبًا مع القارة السمراء، ويُعزز من مكانتها الإقليمية كحليف وشريك تنموي لإفريقيا. وهو ليس مجرد إجراء مالي أو تجاري، بل امتداد لسياسة مصر الخارجية التي تسعى لاستعادة نفوذها الطبيعي في القارة التي كانت في يوم من الأيام مجالًا حيويًا للحضور المصري القوي.

أفريقيا.. سوق واعدة وفرصة تاريخية

بحسب زكي، تعتمد القارة الإفريقية على الاستيراد بنسبة تصل إلى 80%، رغم امتلاكها ثروات طبيعية ضخمة تشمل الذهب والماس والنفط، وهو ما يجعلها سوقًا واعدة للمنتجات المصرية، خاصة في ظل معاناة العديد من الدول الإفريقية من نقص حاد في العملة الصعبة. ومن هنا تأتي أهمية التحول إلى التعامل بالعملات المحلية، لتجاوز قيود الدولار وتقليل التبعية الاقتصادية للقوى الكبرى.

صادرات متنامية وفرص تشغيل واعدة

ويتوقع زكي أن يؤدي هذا التوجه إلى زيادة الصادرات المصرية إلى إفريقيا بنسبة 30% خلال السنوات الخمس المقبلة، لاسيما في القطاعات الغذائية والزراعية والهندسية. كما سينعكس ذلك إيجابيًا على القطاع الصناعي المحلي، من خلال زيادة الإنتاج وفرص التشغيل، مما يدفع بعجلة التنمية ويوفر المزيد من فرص العمل للمصريين.

خطوة أولى نحو تكامل إفريقي فعلي

وقد شهدت الأيام الأخيرة تنفيذ أول صفقة تجارية باستخدام نظام المدفوعات والتسويات الإفريقي الموحد (PAPSS) بين مصر وغانا، لتصدير شحنة من السلع الغذائية، في إطار اتفاقية التجارة الحرة القارية. يأتي هذا بعد تفعيل البنك المركزي المصري للنظام، وجارٍ استكمال الإجراءات الفنية مع البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد والبنك التجاري الدولي.

مؤشرات تجارية إيجابية

وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد سجلت الصادرات المصرية إلى دول الاتحاد الإفريقي نحو 7.7 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ7.4 مليار دولار في 2023، بنسبة نمو بلغت 4.7%. أما الواردات المصرية من القارة، فبلغت 2.1 مليار دولار، مقابل 1.8 مليار في العام السابق، بنمو قدره 14.5%.

ويمثل التوجه المصري للتعامل بالعملة المحلية مع الدول الإفريقية نقطة تحول في مسار العلاقات الاقتصادية والسياسية، ويُعد خطوة استراتيجية نحو استعادة مصر لدورها التاريخي في القارة. فالسياسة تقود الاقتصاد، والاقتصاد يفتح الأبواب لاستقرار سياسي وتنموي متبادل، وهو ما تسعى إليه مصر بجدية وإصرار.