ترامب يطالب بتخفيض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى أقل من 1%.. ما تأثير ذلك على الاقتصاد الأمريكي؟

ترامب يطالب بتخفيض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة إلى أقل من 1%.. ما تأثير ذلك على الاقتصاد الأمريكي؟

جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين 14 يوليو انتقاداته لرئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول قائلاً إن أسعار الفائدة يجب أن تكون عند 1% أو أقل.

وأضاف ترامب “يجب أن نصل إلى 1%. بل يجب أن نكون أقل من %1”.

يعتقد ترامب أن هذا الإجراء يهدف إلى تقليل تكاليف الاقتراض الحكومي، مما يتيح للإدارة تمويل العجز المالي الكبير والمتصاعد الناتج عن قانون الإنفاق وخفض الضرائب الذي أقرّه في وقت سابق.لكن ما يراه ترامب حلاً اقتصادياً، قد يحمل مخاطر جسيمة. وفقاً لتحليل نشرته رويترز، مثل هذا المستوى المنخفض من الفائدة لا يُعدّ، كما يروّج له، دليلاً على أن الولايات المتحدة باتت أكثر دول العالم جذباً للاستثمار، بل غالباً ما يُفسَّر بأنه إشارة إلى أن الاقتصاد يمرّ بأزمة حادة.

ومع أن الاقتصاد الأميركي لا يُظهر مؤشرات أزمة حالية – فمعدلات التوظيف قريبة من الحد الكامل، والنمو الاقتصادي مستقر، والتضخم يتجاوز هدف البنك المركزي البالغ 2%، فإن خفض الفائدة بهذه الحدة قد يُحدث نتائج عكسية، خصوصاً إذا فسر المستثمرون الخطوة على أنها خضوع من الاحتياطي الفيدرالي لضغوط سياسية.

استقلالية الفدرالي وسوق السندات

تشير التقديرات إلى أن سوق السندات الأميركية التي تتجاوز قيمتها 36 تريليون دولار قد تتفاعل سلباً مع خطوة مثل هذه، لا سيما إذا شاعت القناعة بأن البنك المركزي خفّض الفائدة لأسباب سياسية لا اقتصادية. وهذا من شأنه زعزعة الثقة باستقلالية الاحتياطي الفيدرالي، وإشعال المخاوف بشأن عودة التضخم.

في هذا الإطار، قال غريغوري داكو، كبير الاقتصاديين في شركة EY-Parthenon “لست مقتنعاً بأن خفض سعر الفائدة إلى 1 % سيؤدي تلقائياً إلى تراجع الفائدة طويلة الأجل. السوق قد تفسّر هذه الخطوة كأنها دليل على فقدان استقلالية البنك المركزي، ما يعيد إشعال التوقعات التضخمية”.

اقرأ أيضاً: من جديد.. ترامب يدعو رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي إلى الاستقالة فوراً

ورغم وجود مجال محدود لتيسير السياسة النقدية انطلاقاً من المستوى الحالي للفائدة البالغ 4.25 % – 4.50 %، فإن داكو يرى أن المعطيات الاقتصادية لا تبرر خفضاً كبيراً أو سريعاً، في ظل معدل بطالة يبلغ 4.1 %، ونمو اقتصادي قرب 2 %، وتضخم يلامس 2.5 %.

سعر الفائدة عند 1 % عبر الزمن

سعر الفائدة عند 1 %، كما يطالب ترامب ليس سابقة نادرة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، لكنه كان مرتبطاً دائماً بأوضاع استثنائية. ففي عهد جورج بوش الابن، تم خفضه إلى هذا المستوى بعد انهيار فقاعة الإنترنت، وهجمات 11 سبتمبر/ أيلول، وغزو العراق عام 2003.

كذلك بلغ أدنى سعر الفائدة مستوياته إبان الأزمة المالية العالمية عام 2008 خلال فترة حكم باراك أوباما.

خلال بداية جائحة كوفيد – 19، شهد عهد ترامب فائدة قريبة من الصفر مع توقف الاقتصاد الأميركي عن العمل بشكل شبه كامل. وبالتالي، فإن المطالبة بإعادة الفائدة إلى هذا المستوى دون مبررات طارئة قد يعكس انقطاعاً عن الواقع الاقتصادي.

سلطات الفدرالي الأميركي

رغم تأثيره الكبير، لا يتحكم الفدرالي الأميركي مباشرة بكل أسعار الفائدة. ما يحدده هو سعر الفائدة الفيدرالي سعر الإقراض بين البنوك لليلة واحدة، الذي يؤثر على مجموعة من أسعار الفائدة الأخرى مثل ديون الشركات، وقروض المنازل، وبطاقات الائتمان، وعوائد السندات الحكومية.

اقرأ أيضاً: رغم ضغوط ترامب.. رئيس الفدرالي يتمسك بسياسة “التريث” ويشدد على ضبط التضخم

لكن في المقابل، تخضع أسعار الفائدة الأطول أجلاً لعوامل السوق العالمية، وتُحدَّد من خلال العرض والطلب. إذ تؤثر طلبات صناديق التقاعد والبنوك المركزية الأجنبية على سندات الخزانة في تحديد تكلفة الاقتراض الحكومي.

البنك المركزي ليس مسؤولاً عن تمويل العجز

وفق تحليل رويترز، تتعارض ضغوط ترامب على الفدرالي الأميركي مع المهمة القانونية للبنك المركزي: الحفاظ على استقرار الأسعار وتحقيق التشغيل الكامل للعمالة، وليس تمويل عجز الموازنة أو تسهيل الإنفاق الحكومي.

صانعو السياسة في الفدرالي يؤكدون أن قراراتهم تستند إلى قواعد اقتصادية واضحة، لا إلى المقارنات السياسية أو الضغط الرئاسي، خصوصاً أن الرسوم الجمركية الجديدة التي بدأ تنفيذ بعضها مؤخراً قد تعيد تغذية التضخم، ما يستدعي الحذر لا التيسير.