لماذا اختار القانون “الانحناء احتراماً” لتمثال مؤسس أذربيجان؟ وهل اجتمع في باكو مع الإسرائيليين وسيرفع “العلم الإسرائيلي” في دمشق؟ كيف تغيّرت مواقفه عن “ثوابت الأسد” وما تدل عليه الأرقام بشأن الطاقة والكهرباء في سورية قبل “الثورة”؟

لماذا اختار القانون “الانحناء احتراماً” لتمثال مؤسس أذربيجان؟ وهل اجتمع في باكو مع الإسرائيليين وسيرفع “العلم الإسرائيلي” في دمشق؟ كيف تغيّرت مواقفه عن “ثوابت الأسد” وما تدل عليه الأرقام بشأن الطاقة والكهرباء في سورية قبل “الثورة”؟

 

 

عمان – “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

ينقلب الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع على كُل “الثوابت السورية” التي كانت قائمة في عهد الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وصولًا إلى تمتين علاقاته مع أذربيجان، على عكس نظام الأسد الذي وقف مع أرمينيا في نزاعها الحدودي مع أذربيجان.

هذا التبدّل مفهوم بطبيعة الحال، ويعود لارتباط أذربيجان بعلاقات وثيقة مع تركيا، الحليف “الأم” الجديد لسورية الجديدة، الأمر الذي تجسّد بزيارة قام الشرع السبت إلى أذربيجان، وسط تساؤلات حول ذهابه إلى هناك للتفاوض مع إسرائيل، برعاية باكو.

وفي وقت سابق هذا الشهر، نقل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نظيره إلهام علييف قوله إن أذربيجان مستعدة لتقديم كل أنواع الدعم لسوريا فيما يتعلق بالغاز الطبيعي.

صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية قالت إن مسؤولَيْن من سوريا وإسرائيل عقدا، السبت، اجتماعاً في العاصمة الأذربيجانية باكو، واصفة اللقاء بأنه جزء من سلسلة محادثات أمنية بين الجانبين.

ويبدو أن الشرع يُطبّق فعليًّا فرضية “العدو المُشترك” التي يجمعه مع إسرائيل، وسبق له أن تطرّق إليها، فبحسب صحيفة “هارتس” ناقش اللقاء ملفات متعددة، من أبرزها التهديدات الإقليمية المرتبطة بإيران وحزب الله، إلى جانب التوترات مع الفصائل الفلسطينية الموجودة في سوريا، وذلك على هامش زيارة الرئيس السوري إلى أذربيجان.

ينفي الشرع نقلًا عن مصادر سياسية ودبلوماسية، أي لقاء جمعه مع مسؤولين إسرائيليين، تجنّبًا فيما يبدو لإثارة غضب الشارع السوري من تطبيعٍ مُحتمل، فيما يجري الحديث عن فتح مكتب تنسيق إسرائيلي في دمشق من دون طابع دبلوماسي، وهو الحال المعمول به في دول خليجية تتجنّب رفع العلم الإسرائيلي على أراضيها رغم تطبيعها السرّي أو التنسيقي.

ووقّعت سوريا اتفاقاً مع شركة “سوكار” الأذربيجانية لتوريد الغاز الطبيعي إلى البلاد، خلال هذه الزيارة التي رافق فيها الشرع وزير الطاقة محمد البشير، وهو من الفوائد التي يجنيها الشرع من التطبيع فيما يبدو.

وعبّر الشرع عن امتنانه لأذربيجان، وقال إنّ الدعم الذي ستقدمه لحل مشاكل سوريا من الطاقة له أهمية كبيرة وسيخدم تنمية سوريا.

وأكّد الشرع أن نظام بشار الأسد أضر بالعلاقات مع أذربيجان كما حدث مع العديد مع الدول الأخرى.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن لقاء مرتقب بين الجهادي السابق الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في العاصمة الأميركية واشنطن، خلال شهر أيلول المقبل، وذلك قبيل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وتتزايد الشّكوك بطبيعة الحال حول لقاء الشرع بمسؤولين إسرائيليين، كون إسرائيل تحظى بوجود دبلوماسي قوي في أذربيجان الدولة المجاورة لإيران، كما تُعد أحد موردي السلاح الرئيسيين للدولة القوقازية.

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية نقلًا عن مصدر دبلوماسي سوري رفض الإفصاح عن اسمه “بسبب حساسية الموضوع” أن مسؤول سوري ومسؤول إسرائيلي اجتمعا وجهًا لوجه في أذربيجان السبت، في إطار زيارة الشرع.

السلطات الانتقالية في سورية بكل حال أقرّت منذ أن وصلت إلى الحكم في كانون الأول/ديسمبر بحصول مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، تقول إن هدفها احتواء التصعيد.

وفيما يهدم رجال “أبو محمد الجولاني” التماثيل التاريخية والتراثية في سورية، حرص الشرع على زيارة لمقبرة الشرف في العاصمة الأذربيجانية باكو، ووضع الزهور أمام ضريح مؤسس دولة أذربيجان حيدر علييف، وانحنى احترامًا أمام تمثال حيدر علييف، حيث عقيدة هيئة تحرير الشام (حكام دمشق الجُدُد)، أو جبهة النصرة سابقًا التي كان يتزعّمها تعتبر أي تمثال “أصنامًا” تُعبَد من دون الله.

رئيس أذربيجان إلهام علييف أشار من جهته إلى أنّ آفاق التعاون بين البلدين اتّسعت بشكلٍ كبير مُنذ تولّي الإدارة الجديدة السلطة في سوريا، وأنهم يرغبون في تعزيز ذلك.

وسعى نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد منذ عام 2019 للتحوُّل نحو الطاقة البديلة حيث كانت وضعت وزارة الكهرباء إستراتيجية لتنفيذ ذلك حتى عام 2030 تشمل مختلف القطاعات الاقتصادية التي تحتاج للكهرباء بشكل رئيسي لتنشيطها، من خلال العديد من المشاريع والأساليب المختلفة.

وكان لدى سورية ظروف مساعدة للتحوُّل نحو الطاقة البديلة وهي تتمتع بمناخ معتدل، يحتوي على 4 فصول دورية، مما يشجع على إنتاج الطاقة من مصادر طبيعية.

ومُنذ دخول سورية في متاهة الثورة، بقيت تعاني من أزمة كهرباء مُزمنة استمرّت نحو 14 عامًا، ولا تزال مُستمرّة حتّى اليوم، بعجز كهربائي بلغ 80% من احتياجاتها الفعلية.

وقبل بداية “الثورة السورية” التي أنهت الدولة السورية صاحبة الجيش العربي السوري والاقتصاد الذاتي، وتحديدًا عام 2011 بلغت سوريا ذروة إنتاج الكهرباء، وذلك بحسب بيانات (الوكالة الدولية للطاقة وبيانات وزارة الكهرباء الرسمية) حيث بلغ الإنتاج (49.253 مليار كيلو واط ساعي)، ولم يكن التقنين (ترشيد الكهرباء) يحدث في سوريا إلّا في أوقات الذروة ولساعات محدودة، وكانت الشبكة الكهربائية تصل إلى 99% من الأراضي السورية، واستطاعت سوريا توليد ما يقدر بحدود 9000 ميغاواط، عبر 13 محطة كهربائية، ولكن أهمها 6 محطات تعد المحور الرئيس في توليد وتوزيع الكهرباء على شتى أنحاء سوريا.