محطة الذكريات المفقودة

يقدمها لكم -سيف محمد كامل
الفصل الثاني: الظل الأول
الضوء الأحمر الطارئ كان ينبض في الممرات الضيقة كقلب مريض رائحة الأوزون المحترق تملأ الهواء، ممزوجة بشيء آخر شيء معدني، كدماء قديمة جفت منذ زمن.
لينا ضغطت ظهرها ضد جدار الممر، مسدس البلازما في يدها دافئاً كجثة حية “ريكاردو؟” نادت بصوت خافت يكاد يختنق في الظلام.
لم يجبها سوى صدى صوتها.
إلياس كان يتقدم بحذر، شاشة اليد اليسرى تعرض خريطة حرارية مشوهة “هناك بقعة باردة عند مفترق الممرات 34 درجة تحت الصفر هذا مستحيل في نظام العزل لدينا.”
ثم رأوها
«بزة الفضاء الفارغة»
واقفة في منتصف الممر كما لو كان يرتديها أحدهم للتو القفازات ما زالت مملوءة، الخوذة مثبتة في مكانها لكن ما بداخلها… فارغ كأن الجسد تبخر فجأة.
“يا إلهي…” همس إلياس وهو يمد يده المرتعشة نحو البزة.
لينا أمسكت بمعصمه بفظاظة “لا تلمسها”
في تلك اللحظة، سمعوا صوتاً مبلولاً من الخلف. استداروا كليهما ليجدوا حذاء ريكاردو وحده في منتصف الممر ما زال دافئاً.
غرفة التحكم كانت أشبه بمقبرة إلكترونية الشاشات الرئيسية تعرضت لاختراق غامض، كل البيانات تحولت إلى تدفق عشوائي من الأرقام السوداء على خلفية حمراء.
“هذا ليس عطلاً تقنياً” قال إلياس وهو يضرب لوحة التحكم بقبضته “شيء ما يعيد برمجة أنظمتنا من الداخل.”
لينا فتحت قناة الاتحاد العام للمحطة. “أيها الطاقم، هذا هو الكابتن. لدينا حالة طوارئ من المستوى الأسود تجمعوا فوراً في…”
انقطع الصوت فجأة
على الشاشة، ظهرت صورة واضحة لوجه لينا نفسها. لكن العينين… كانتا سوداوين تماماً، والفم مفتوحاً في صمت صارخ. التاريخ في الزاوية يظهر: 2197/03/18
غداً.
المختبر الطبي كان أكثر الأماكن إضاءة في المحطة، والآن أكثرها رعباً. ريكاردو كان مستلقياً على طاولة التشريح، عيناه مفتوحتان على اتساعهما لكن بلا بؤرة.
“علامات الحروق الباردة على الرسغين.” قال الطبيب المقيم وهو يفحص الجثة بيد مرتعشة “لكن لا أثر للصدمة أو النزيف كأن شيئاً امتصه من الداخل.”
إلياس لاحظ شيئاً غريباً على رقبة ريكاردو ثلاث جروح دقيقة، تشكل مثلثاً كاملاً.
“هذا النمط… رأيته في بيانات الزمكان الغريبة. إنه…”
انفجرت الإنذارات فجأة. خمس بزات فضائية في أماكن مختلفة من المحطة أبلغت عن انفصال مفاجئ عن حامليها.
لكن الكاميرات أظهرت شيئاً آخر.
«البزات ما زالت ممتلئة»
في القاعة الرئيسية، تجمع الناجون السبعة الباقون عيونهم تحمل نفس السؤال: من التالي؟
لينا أدارت مسدسها بين أصابعها “نحن لا نتعامل مع عطل أو حادث. هناك شيء هنا معنا… شيء يتغذى.”
إلياس نظر إلى الزجاج المعتم في الانعكاس الخافت، رأى ظلاً طويلاً يقف خلفه مباشرة.
عندما استدار…
لم يكن هناك أحد.
لكن على الأرض، ثلاث قطرات من سائل أسود لامع كانت تتشكل في نمط مثلث كامل.