إخلاص المشايخ لمدرسيهم

إخلاص المشايخ لمدرسيهم

في ليلة وفاء، من أبرز مشايخنا في العصر الحديث لأستاذهم وشيخهم -رحمه الله- معالي فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، عميد كلية الشريعة بجامعة أم القرى عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربيَّة السعوديَّة وعضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي -سابقًا- وأحد علماء عصره.

تقدِّم مجموعة من مشايخنا لرعاية حفل تدشين مكتبة معالي الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان، التي تبنَّت إنشاءها مؤسَّسة المداد للتراث والثقافة والفنون، على أحدث طراز إسلامي، باستخدام أحدث التقنيات العلميَّة لتضم حوالى 22 ألف كتاب وبحث في مجالات علميَّة، حرص -رحمه الله- على جمعها على مدار 70 عامًا ماضية.

ويعود الفضل الأوَّل للمهندس القدير صاحب الأثر العلمي والتاريخي والفني المهندس أنس صالح صيرفي، ابن رجل الأعمال رائد التجارة والصيرفة بمكَّة المكرَّمة صاحب الأيادي البيضاء على أهل مكَّة المكرَّمة والمقيمين فيها. وبرعاية كريمة من الإمام الفاضل القدير شيخنا أخي معالي فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السديس المشرف العام على رئاسة الشؤون الدينيَّة بالمسجد الحرام والمسجد النبويِّ إمام الحرم الشريف، وبحضور أخي وأستاذي معالي فضيلة الأستاذ الدكتور صالح بن حميد، المستشار بالديوان الملكي رئيس مجلس الشورى -سابقًا- ورئيس مجلس القضاء الأعلى -سابقًا- إمام الحرم، والذي قدَّم كتاب مسيرة عطاء ولمسة وفاء عن معالي الشيخ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان -رحمه الله- حيث قال في مقدِّمته «عن عطائه العلمي إنَّه كان موسوعيًّا يشمل الفقه والأصول والتاريخ ومناهج البحث، حيث ألَّف عشرات الكتب والتحقيقات، فضلًا عن إسهاماته الرَّائدة في تأصيل مناهج البحث العلمي عبر كتابه: (كتابة البحث العلمي صياغة جديدة)، الذي أصبح مرجعًا أساسًا للباحثين».

«وهو -رحمه الله- لم يكن عالمًا محصورًا في أروقة العلم، بل كان مربيًا قدوة، يجالس طلابه في بيته العامر خلال موسم الحج، ويشركهم في حوارات علمية تزخر بالتواضع والكرم، محافظًا على روح المربِّي المتواضع كما وصفه تلاميذه».

«تُوفِّي -رحمه الله- في ليلة السابع والعشرين من رمضان عام 1444هـ، لكنَّ إرثه بقي شاهدًا على عالِم جمع بين عمق التراث وحداثة العصر، فكان جسرًا بين الماضي والمستقبل، ومثالًا للعالِم المجدِّد الذي يخرج كنوز الشريعة؛ لتضيء دروب الحياة في كل الأعصار».

وفي مداخله من فضيلة الإمام الشيخ عبدالرحمن السديس، أشاد فيها بإنجازات المرحوم فضيلة الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان في مجالات التأليف العلمي، والتاريخ، والمراجعة العلمية، ودوره العلمي في التدريس، والتصحيح العلمي، ونشر العلم في بعض دول العالم، كما أشاد فضيلته بدور المهندس أنس صالح صيرفي في إنشاء مكتبة الشيخ عبدالوهاب أبو سليمان، واقترح العديد من الاقتراحات في تعميم الفائدة للمكتبة، منها تحويل مقتنياتها العلميَّة إلى مكتبة إلكترونيَّة تنشر كتبها إلكترونيًّا؛ فتعم الفائدة لأكبر عدد ممكن من طلبة العلم في أنحاء العالم، وعمل برنامج لندوات ولقاءات علميَّة عن الفقه وأصول الدِّين، ومن أهم برنامج تدشين المكتبة الندوة العلميَّة التي أشرف عليها معالي أخي فضيله الشيخ سعد الشتري، المستشار بالديوان الملكي، وتحدث فيها مجموعة من الباحثين من الأساتذة والعلماء، راصدين السيرة العلميَّة لفضيلة الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان -رحمه الله-، وضمن برنامج الحفل ألقى زميله ورفيق دربه معالي الأستاذ الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الإعلام -الأسبق- وعميد كلية التربية تزامنًا في نفس الفترة مع عمادة الأستاذ الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان لكلية الشريعة. وعدَّد مناقب الشيخ عبدالوهاب، وخلقه، وأدبه في التعامل مع زملائه وطلبته، وأوضح نجوميته عالميًّا، وضلاعته في علمه.

لقد كانت مناسبة تدشين مكتبة العالِم عبدالوهاب أبو سليمان حدثًا علميًّا شارك فيها أعمدة مشايخ العلم، وأساتذة الجامعات، ورجال الأعمال -وكنت أحدهم-، وكان وراء هذا التجمُّع العلمي الكبير أخي معالي السيد الأستاذ الدكتور أسامة البار، أمين العاصمة المقدَّسة -سابقًا- ومجموعة من الزملاء الأفاضل. وعن جميع رجال الأعمال في منطقه مكَّة المكرَّمة أتقدَّم بالشكر والتقدير للمهندس أنس صيرفي، على مبادرته الرَّائعة لدعم العلم والبحث العلمي لشيخ من شيوخ المملكة العربيَّة السعوديَّة.