مفاوضات الدوحة.. هل تمثل الفرصة الأخيرة للإنقاذ؟

مفاوضات الدوحة.. هل تمثل الفرصة الأخيرة للإنقاذ؟

إن لم تنجُ غزة هذه المرة، فربما لن تنجو أبداً، ولن يكون بإمكان الفلسطينيين مغادرة ما يمكن أن تنتهي إليه هذه المواجهة الدامية، لا سيما وأن كيان الاحتلال هو المحرك الرئيس للعبة الموت في قطاع غزة، في ما يأخذ المجتمع الدولي موقع المتفرج.. هذا ما يقوله المراقبون حيال التطورات السياسية الأخيرة بشأن الحرب على غزة.
وليس بمقدور أي طرف آخر، التأثير على سير العملية التفاوضية كما الإدارة الأمريكية، التي ربما تضغط على إسرائيل للقبول بالاتفاق، كي تنتهي الحرب، ويصار بعدها إلى ترتيب المنطقة أمنياً وسياسياً من غزة إلى إيران، مروراً باليمن ولبنان، ذلك أن هذه الفرصة ربما تكون الأخيرة، أقله خلال المرحلة الحالية، لإنقاذ غزة من المحنة المستمرة منذ 21 شهراً.

ولا يتطلب الأمر التعمّق كثيراً في قراءة السيناريوهات والتداعيات، التي يمكن أن تقف وراء الاتفاق من عدمه، وجميعها تتمحور حول وقف إطلاق النار، وآلية انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، ونزع السلاح، وتحسين آلية إدخال المساعدات، وما يجري بشأن هذه القضايا، كفيل بالإجابة عما يمكن أن تنتهي إليه المفاوضات. ويبدو من كيفية ردود الطرفين على المقترح الأمريكي، أن الأمور تسير باتجاه تسوية سياسية، تنهي الوضع الإنساني المتأزم في قطاع غزة، فالكيان الإسرائيلي أعد عدته وعديده، وقد حسم أمره حيال بسط سيطرته على قطاع غزة، ومواصلة الحرب، في حال فشلت الجهود السياسية، وهذا ما لا يتمناه الوسطاء والغزيون. وربما تكون مثل هذه النتيجة حتمية، والواقع على أرض غزة لا يزال يتحدث عن ذلك، لكن الإشارات القادمة من عواصم صنع الاتفاق، الدوحة والقاهرة وواشنطن، تعكس مواقف إيجابية، وتعزز احتمال التسوية على حساب استمرار الحرب، حتى لو كان هذا دون حسم واضح، بحيث ينال كل طرف حصته من «كعكة» غزة إلى حين تسوية شاملة. «من يداه في الماء، ليس كمن يداه في النار.. وأهل غزة كلهم في دائرة النار».. هكذا وصف الوزير الفلسطيني السابق عاطف أبو سيف، الأوضاع على الأرض، مبيناً أن الغزيين يريدون لهذه الحرب أن تنتهي، ولهذا القتل اليومي أن يتوقف، مشدداً على أن المطلوب هو وقف الحرب بشكل نهائي، وليس فقط لـ 60 يوماً، فهدنة الشهرين، كالمحكوم بالإعدام الذي تأجل شنقه 60 يوماً، على حد تعبيره. وبرأيه: «يجب التفكير فيمن يدفعون الثمن، وهم المدنيون الغزيون، فحماية أرواح الناس الأبرياء أهم من كل القضايا.. الوقت كالسيف، وها هو السيف يجز رقاب أهلنا في غزة مع كل ثانية».

بينما يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أن الأمر الأكيد بالجهود السياسية الحالية أنها تميل أكثر فأكثر، لأن تكون الفرصة الأخيرة في خضم الحرب، فإسرائيل تذهب متثاقلة إلى الاتفاق نتيجة للضغط الأمريكي، أكثر من القناعة، فضلاً عن وجود وزراء في الكيان يعلنون صراحة رفضهم للاتفاق، ومحاولة منعه وتعطيله، وجعله غير قابل للتطبيق.
وثمة ما هو أكثر من دليل وأقوى من قرينة، بأن التوجه الفلسطيني العام مع إنهاء الحرب بأي وسيلة، للنجاة بما تبقى من غزة وأهلها، وهذا ما يؤرق ويشغل بال المواطن الفلسطيني أكان في غزة أو الضفة الغربية، فظروف الحرب تبدو أكثر قساوة وتعقيداً، أمام شعب متعب ومنهك، وحكومة إسرائيلية لا يبدو عليها القلق أبداً، من الاستمرار في الحرب.