الشيخة نجلاء بنت أحمد لـ”الشرق”: إنشاء نظام شامل من البرامج لدعم ورعاية الأيتام

* تعاون مع "نماء" لدعم القرارات المالية واستقلالية الأيتام
* قطر رائدة في خدمات رعاية الأيتام ودمجهم في المجتمع
* نستهدف الفئات العمرية من يوم واحد إلى 18 عاماً
* تنشئة الأيتام على الهوية الوطنية والقيم الإسلامية
* إجراءات صارمة لضمان الأمن والتنشئة السليمة للأطفال
* دراسات عميقة للأسر الحاضنة بجانب الزيارات الميدانية
* التعليم حتى المرحلة الجامعية شرط للموافقة على الحضانة
* شرط الحضانة أن تكون الأسرة قطرية مسلمة والسن حتى 50 عاماً
* قوائم الانتظار تمتد لسنوات للأسر الراغبة في الحضانة
أكدت سعادة الشيخة نجلاء بنت أحمد آل ثاني، المدير التنفيذي لمركز رعاية الأيتام "دريمة"، أن دولة قطر تحت رعاية القيادة الرشيدة، تولي اهتمامًا استثنائيًا ورعاية شاملة للأطفال الأيتام، وذلك انطلاقًا من قيمها العربية والإسلامية الأصيلة التي تحض على الإحسان لليتيم.
وأوضحت المدير التنفيذي لمركز "دريمة" في حوار مع "الشرق"، أن "دريمة" يقدم منظومة متكاملة من الخدمات التي تهدف إلى تمكين هذه الفئة ودمجها في المجتمع، مع التركيز على توفير بيئة عائلية آمنة ومستقرة، مشيرة إلى أن العام الجاري 2025، سيشهد زخمًا كبيرًا من المبادرات والبرامج النوعية، والتي تهدف إلى غرس المهارات الأساسية في الإدارة والتخطيط المالي السليم، لتمكينهم من اتخاذ قرارات مالية مدروسة تعزز استقلاليتهم في المستقبل، بالإضافة إلى مواصلة التعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو واليونيسف لدعم برامج الصحة النفسية والتعبير الإبداعي..
وإلى تفاصيل الحوار:
** سعادة الشيخة.. بدايةً، لو تعطينا نبذة مختصرة عن مركز "دريمة" وأهدافه والخدمات التي يقدمها؟
– تأسس مركز "دريمة" في العام 2002، بهدف أساسي هو رعاية أبنائنا وبناتنا الأيتام في دولة قطر، وضمان استقرارهم ودمجهم الفاعل في المجتمع. يستهدف المركز الفئات العمرية من يوم واحد إلى 18 عامًا، سواء من توفي والداهما أو فاقدي السند العائلي. نقدم الرعاية لهم إما في مقر المركز الخاص الذي صُمم ليحاكي البيئة الأسرية، أو من خلال برنامج الأسر الحاضنة البديلة، والذي يتضمن زيارات دورية ومتابعة مستمرة لضمان أفضل سبل الرعاية.
خدماتنا شاملة ومتكاملة، وتغطي الجوانب الاجتماعية، والنفسية، والصحية، والقانونية، والتعليمية. هدفنا الأسمى هو تلبية كل احتياجات الأيتام وتوفير بيئة عائلية مستقرة لهم، وذلك بجهود فريق متعدد التخصصات يعمل بتناغم لتحقيق هذا الهدف.
** ما هي أبرز المشاريع التي يعتزم مركز دريمة تنفيذها أو إطلاقها خلال العام الجاري 2025؟
يشهد العام الجاري 2025 زخمًا كبيرًا من المبادرات والبرامج النوعية. لقد أطلقنا بالفعل برنامج "تمكين جونيورز" بالتعاون مع مركز الإنماء الاجتماعي "نماء". هذا البرنامج يستهدف الأطفال من 6 إلى 10 سنوات، ويهدف إلى غرس المهارات الأساسية في الإدارة والتخطيط المالي السليم، لتمكينهم من اتخاذ قرارات مالية مدروسة تعزز استقلاليتهم في المستقبل. هو خطوة مهمة نحو بناء وعي مالي مبكر وتطوير التفكير النقدي لديهم.
بالإضافة إلى ذلك، نعتزم تنفيذ عدد من المبادرات الأخرى، ومواصلة التعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو واليونيسف لدعم برامج الصحة النفسية والتعبير الإبداعي، حيث ستدعم هذه المشاريع بناء وتعزيز شخصية أبنائنا من الأطفال الأيتام.
على سبيل المثال لا الحصر، مشروع "تمكين وبناء"، وهي مبادرة شاملة لدعم الأيتام وأسرهم نفسيًا واجتماعيًا، كما نخطط لإطلاق حملة ترويجية لسلسلة "قصص دريمة"، أيضًا هناك برامج تخصصية تتضمن ورش عمل توعوية للأطفال والأسر الحاضنة ومقدمي الخدمات الاجتماعية والنفسية، لرفع الوعي حول مخاطر الفضاء الإلكتروني والاستخدام الآمن للإنترنت، ضمن جهودنا لدمجهم وتمكينهم.
كما نولي تنمية مهارات وقدرات الأطفال أهمية بالغة وذلك من خلال سلسلة من البرامج التعليمية، والتثقيفية، والرياضية، والتربوية، والدينية، إضافة إلى تفعيل برامج الهوية الوطنية لتعزيز وغرس قيمنا الأصيلة في أبناء دريمة، بالتعاون مع جهات متخصصة ومدارس.
* رعاية شاملة ومتكاملة
** بالنسبة للأطفال الذين يقيمون بالمركز.. ما هي الرعاية التي يتم تقديمها لهؤلاء الأطفال؟
بالنسبة للأطفال المقيمين في المركز، نقدم لهم رعاية شاملة ومتكاملة على أعلى المستويات، تشمل: خدمات اجتماعية ونفسية (الرعاية الداخلية والرعاية الاجتماعية).
الرعاية الداخلية نوفر للأيتام الذين يتم إيواؤهم بمقر المركز بيئة آمنة ومستقرة، تضمن توافر كافة مقومات الحياة المعيشية، وخدمات تعليمية وصحية متميزة، كما نسعى لأن تكون مساكنهم مستقلة ومجهزة بجودة عالية لتشابه البيئة الأسرية.
هدفنا هو أن يكون "دريمة" "دار إيواء بلا أطفال"، إيمانًا منا بأن الأسرة الطبيعية هي البيئة المُثلى للتنشئة، لذلك نعمل على التركيز على تنشئتهم على الهوية الوطنية والقيم الإسلامية، بإشراف أخصائيين اجتماعيين ونفسيين وحاضنين مدربين، مع متابعة تقدمهم الأكاديمي وتقديم الدعم التعليمي اللازم، وتعزيز قدراتهم المعرفية والاجتماعية والنفسية لتطوير مهاراتهم الحياتية، كما نقدم لهم حماية متكاملة، وننظم فعاليات ترفيهية ورحلات لدمجهم اجتماعيًا.
** بشيء من التفصيل.. لو تذكرين لنا أنواع هذه الرعاية؟
تشمل الرعاية الاجتماعية، والتي تختص بمتابعة الأيتام في الأسر الحاضنة، حيث نتبع سياسات وإجراءات صارمة لضمان الملاذ الآمن والتنشئة السليمة للأطفال الأيتام، تشمل هذه الإجراءات دراسة الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأسرة، وزيارات ميدانية، ودراسات نفسية متخصصة، ودورات تدريبية للأمهات الحاضنات للحصول على رخصة الحضانة. بعد ذلك، نتابع أوضاع الأطفال باستمرار لضمان سلامتهم وتنشئتهم وفقًا للوائح المركز، وتقديم الدعم والمساندة والاستشارات النفسية والتربوية والقانونية للأسر الحاضنة.
كذلك يوجد بالمركز الخدمات الصحية، والتي تضمن حق أبنائنا في الانتفاع بخدمات الدولة الصحية والعلاجية، لدينا شراكات مع جهات حكومية وخاصة لتقديم علاج صحي مجاني، ومنح الأبناء بطاقات تأمين صحي.
كذلك الخدمات القانونية، والتي تقوم بتقديم كافة أنواع الحماية والدعم القانوني، بما في ذلك إبداء الرأي القانوني، وتقديم الاستشارات القانونية، واقتراح تعديل الأدوات التشريعية، وتوعية الفئات المستفيدة بحقوقهم والقوانين المرتبطة بهم.
كذلك الخدمات التعليمية، حيث يتم إدراج شرط التعليم ضمن شروط الموافقة على الاحتضان لضمان حق المحتضن في التعليم من الطفولة المبكرة حتى التعليم الجامعي، كما ننسق مع وزارة التعليم لإصدار استثناءات لتسهيل العقبات، ونساعدهم في الالتحاق بالجامعات لتأهيلهم لسوق العمل.
وتأتي الخدمات النفسية ضمن الخدمات التي يقدمها المركز لتوفير جلسات دعم نفسي للأطفال المحتضنين والأسر الحاضنة للتكيف مع التحديات النفسية والاجتماعية، وتشمل تنظيم ورش عمل علاجية تعتمد على التعبير الفني بالتعاون مع اليونسكو، كما ندرب ونؤهل مقدمي الرعاية لرفع كفاءتهم، ونعتمد بروتوكولات علاجية متقدمة وفق معايير دولية لتوفير بيئة آمنة ومستقرة.
* الأسر الحاضنة
** وما هي شروط المركز لاحتضان الأطفال في الأسر الحاضنة؟
الموافقة على احتضان الأطفال ضمن الأسر الحاضنة تتم وفق شروط ومعايير دقيقة، مع الأخذ في الاعتبار الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للأسرة، نعتمد نظام "رخصة الحضانة" الذي يتطلب إخضاع الأسر لدورات تأهيلية مكثفة، كما تشمل الشروط الأساسية أن تكون الأسرة قطرية مسلمة، وتتكون من زوجين صالحين، بالإضافة إلى ألا يقل عمر الزوجين عن 25 عامًا ولا يتجاوز 50 عامًا، وأن يكونا حسني السيرة والسلوك، وقادرين على رعاية الطفل اجتماعيًا وماديًا.
** هل توجد قوائم انتظار للأسر الحاضنة التي ترغب في رعاية أطفال أيتام؟
هدفنا هو أن يكون "دريمة" "دار إيواء بلا أطفال"، إيمانًا منا بأن الأسرة الطبيعية هي البيئة المُثلى للتنشئة، لذلك يوجد لدينا قوائم انتظار للعديد من الأسر القطرية التي تقدمت بطلبات للحصول على رعاية أطفال أيتام، وبسبب النظام الاجتماعي القوي والمتماسك للمجتمع القطري، الذي يستمد قوته من الثقافة العربية والإسلامية، فلا يوجد أعداد كبيرة من الأطفال الأيتام، لذلك فترات الانتظار تستمر لسنوات طويلة من الأسر الحاضنة حتى الحصول على طفل يتيم.
* رعاية الأيتام.. واجب إنساني
** رعاية الأيتام.. هل هي واجب إنساني أم ديني أم أخلاقي؟
الأيتام هم أمانة في أعناقنا جميعًا، ودعمهم ليس فضلًا، بل هو واجب إنساني وأخلاقي، هؤلاء الأطفال لم يختاروا اليُتم، لكننا نستطيع أن نختار أن نكون سندًا لهم، فهذه الفئة في حاجة إلى فرص متساوية، ورعاية تمنحهم الثقة بأنهم قادرون على النجاح والتميّز، كما أنهم أبطال تحدّوا ظروفهم، ويملكون طاقات عظيمة تنتظر من يكتشفها ويدعمها، كل دعم نقدمه، وكل فرصة نمنحها، هو استثمار في إنسان، في مستقبل، وفي مجتمع أكثر عدلًا وتماسكًا.
إن تكاتف الجهود المجتمعية للتوعية بقضية الأيتام والاهتمام بهم هو حجر الأساس لبناء مجتمع متراحم ومتكاتف. عندما تتعاون الأسر، والمؤسسات، ووسائل الإعلام، والمدارس، وكافة القطاعات، فإننا نخلق بيئة تُشعر اليتيم بالأمان والانتماء، وتمنحه فرصًا للنمو والنجاح. التوعية تبدأ من تصحيح المفاهيم والنظرة إلى الدعم والتمكين. والاهتمام يمتد إلى التعليم، والصحة النفسية، والتأهيل المهني، والمشاركة المجتمعية، وتطوير القدرات والإمكانيات والمهارات لنُخرج فردًا صالحًا نافعًا لنفسه ومجتمعه.