بمناسبة عيد ميلاده: محمد ديب الجزائري، الأكثر تعبيراً عن معاناة الإنسان العربي

محمد ديب، والمولود في مثل هذا اليوم 21 يوليو من العام 1920 في مدينة تلمسان، شاعر وكاتب روائي جزائري، ويعد من أهم الكتاب الذين يكتبون باللغة الفرنسية في العالم العربي.يُعد محمد ديب أحد أعمدة الأدب الجزائري الحديث، وواحدًا من أوائل من استخدموا اللغة الفرنسية أداةً لكتابة تاريخ الجزائر من الداخل، بمشاعر أبنائها وأحلامهم ومعاناتهم تحت الاستعمار. لم يكن ديب مجرد كاتب، بل كان صوتًا خافتًا ومؤثرًا في آن، يسرد حكاية وطن يئنّ تحت الاحتلال، ويتلمس طريقه نحو الحرية والهوية.وُلد محمد ديب في مدينة تلمسان الجزائرية، وعمل بالعديد من الأعمال قبل احترافة الكتابة والتي منها ما أشار إليه الكاتب محمود قاسم في كتابه “الأدب العربي المكتوب بالفرنسية” إلى أن المهن التي عمل بها ديب أثَّرت في إبداعه الشعري والروائي، خاصة عمله في النسيج، قائلًا: “يتعامل مع الكلمة باعتبارها خيطًا يمكن غزله مع كلمات أخرى ليصنع جملة أدبية، أو عملًا إبداعيًّا متميزًا، ولذا فقد راح يعايش شخصيته المتخيلة “عمر” قرابة 14 عامًا، حتى انتهى من تأليف الثلاثية، وربما لسنواتٍ طويلة بعد ذلك.
أما عن حياته المهنية فقد عمل معلّمًا وصحفيًا ومترجمًا، ثم التحق بالحركة الوطنية المناهضة للاستعمار الفرنسي، كتب أول نصوصه في فترة مبكرة من حياته، وكانت متأثرة بالواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لبلاده، خصوصًا أوضاع الفلاحين والطبقات الكادحة، بعد نفيه من الجزائر عام 1959 من قِبل السلطات الفرنسية بسبب كتاباته، انتقل إلى فرنسا حيث واصل مشروعه الأدبي بثبات.نقلت أعمال الكاتب محمد ديب من الفرنسية إلى العديد من اللغات الأوروبية، كالهولندية والروسية والألمانية والبلغارية، وتنوعت ما بين الرواية والشعر والتأملات، ومن أهم رواياته ثلاثيته الشهيرة والتي نشرت تباعا “الدار الكبيرة” وصدرت عام 1952، “الحريق” نشرت عام 1954، و”النول” وصدرت في العام 1957. بالإضافة إلى ثلاثية الشمال: “سطوح أرسول” في 1985، “إغفاءة حواء” 1989، “ثلوج المرمر” 1990، وبين هاتين الثلاثيتين وبعدهما أعمال كثيرة، نذكر منها: صيف أفريقي، الليلة المتوحشة، سيد القنص، إذا رغب الشيطان، إله وسط الوحشية وغيرها، حصل محمد ديب على عدة جوائز لعل أهمها جائزة الفرانكفونية الكبرى 1994.زار ديب عددا من الدول بدءا بفرنسا فإيطاليا وصولا إلى أمريكا وفنلندا ودول بأوروبا الشرقية، ثم اختار بعد ذلك الاستقرار في المغرب عام 1960، وبعد استقلال الجزائر 1962 عاد إلى وطنه، لكنه سافر مرة أخرى إلى فرنسا مفضلا الاستقرار فيها إلى حين وفاته.قال عنه الروائي الطاهر وطار: “لقد اكتشفتُ تفوق محمد ديب على الآخرين، وأنه أكثر أصالة كعربي وجزائري ومسلم من زملائه في التعبير عن أزمة الإنسان العربي”.