المسرح التفاعلي | عثمان حسن

المسرح التفاعلي | عثمان حسن

عرفت اليونان القديمة أقدم أشكال المسرح من خلال المهرجانات الدينية المكرسة للإله ديونيسوس والتي تطورت لتشمل عروضاً مسرحية مثل: «الفرس» لإسخيليوس، وعرضت نحو عام 472 قبل الميلاد.
تفتح ذاكرة العروض المسرحية عبر التاريخ، باباً للحديث عن أشكال المسرح المعروفة عالمياً، ومنها المسرح التقليدي (الإيطالي) ويتميز بوجود خشبة أمام الجمهور، وهناك المسرح الدائري، الذي يتوسط جمهوراً من جميع جهاته، فضلاً عن المسرح الموسيقي، ومسرح الشارع، والعرائس، والمسرح الراقص، وغيرها من المسارح التي باتت معروفة في الذاكرتين العالمية والعربية، غير أن هناك ما يعرف بالمسرح الارتجالي الذي يعد نادراً في المسرح العربي بوجه عام، وميزة هذا المسرح أنه يعتمد التلقائية في الأداء، ويحتاج إلى ممثلين يمتازون بالعفوية وعدم الاعتماد على نص مكتوب سلفاً، مما يحفز التشاركية الإبداعية بينهم، وتمكينهم من خلق حوار وبناء شخصيات وقصة خلال الوقت الفعلي لاعتلائهم الخشبة، ومن دون تخطيط مسبق، من هنا، يوصف «الارتجالي» بأنه مسرح مرن يمنح الممثلين قدرة هائلة على التكيف مع أي موقف أو أي تغيير يطرأ أثناء الأداء، ومن إيجابياته تقديم أداء أكثر واقعية وقرباً من الجمهور.
تاريخياً، عثر على أقدم استخدام يوثق للمسرح الارتجالي الغربي في مسرحية أتيلان الهزلية عام 391 قبل الميلاد، وفي القرن الـ 16 إلى القرن الـ 18، ارتجل ممثلو الكوميديا مسرحهم في شوارع إيطاليا، أما في تسعينيات القرن الـ 19، فاستخدم مُنظّرا ومُخرجا المسرح، الروسي ستانيسلافسكي والفرنسي جاك كوبو، (الارتجال) بكثافة للتدريب على التمثيل والبروفات.
استخدمت تقنيات الارتجال بكثرة في برامج الدراما لتدريب الممثلين على المسرح والسينما والتلفزيون، واعتبرت وسيلة لتطوير مهارات التواصل، وتحفيز قدرات العمل الجماعي.
عربياً، نفتقر إلى عروض الارتجال، لأسباب كثيرة أبرزها: التركيز على النصوص المكتوبة، ونقص الوعي بأهمية الارتجال، وربما لعدم اهتمام الإدارات المسؤولة عن المسرح بهذا النوع من الفن الذي يسهم بفاعلية في تطوير الأداء المسرحي وإثراء العروض، ومقاربة القضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة صادقة، وتسليط الضوء على جوانب مختلفة من الثقافة العربية وتعزيز التفاهم بين الثقافات.. فهل نشهد في مقبل الأيام تفعيلاً لهذا النوع المهم من المسرح؟.

[email protected]