الإمارات وإنتاج المحتوى العربي | علياء حسن الياسي

الإمارات وإنتاج المحتوى العربي | علياء حسن الياسي

في لحظة مفصلية يشهدها العالم العربي، تتبلور صناعة المحتوى أداة استراتيجية تملك القدرة على التأثير الحضاري والاقتصادي والثقافي. لم تعد صناعة المحتوى مجرد ترف رقمي أو وسيلة للتسلية، بل أصبحت مساراً حقيقياً للتنمية، ومنصة لإبراز الهوية، وجسراً تتواصل من خلاله الشعوب مع العالم بلغة التأثير والابتكار.
وفي قلب هذا التحول، تتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة برؤية راسخة واستشرافية، مستثمرة في طاقات شبابها ومواهبها الإعلامية، وإطلاقها صندوقاً بقيمة 150 مليون درهم لدعم صنّاع المحتوى، وتأسيس مقر دائم للمؤثرين، يهدف إلى تأهيلهم وتطوير قدراتهم على مدار العام، ضمن بنية تحتية متكاملة لصناعة المحتوى العربي.
وتعكس هذه المبادرات التزام الإمارات بتعزيز الاقتصاد الإبداعي، حيث تُعد صناعة المحتوى أحد المحاور الأساسية في الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية، التي تستهدف رفع مساهمة هذا القطاع إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2031، كما تؤكد أهمية بناء منظومة متكاملة لدعم رواد الأعمال والمؤثرين وصناع المحتوى.
وقد أثبتت الإمارات قدرتها على التحول إلى مركز عالمي للمحتوى الإبداعي، إذ احتلت دبي المركز الأول عالمياً في جذب مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر في الصناعات الثقافية والإبداعية لعام 2022، ما يرسّخ مكانتها وجهة أولى للشركات العالمية والمواهب الإعلامية.
وتشير التوقعات إلى أن حجم اقتصاد صناعة المحتوى سيصل إلى 480 مليار دولار بحلول 2027، ما يجعل من هذا القطاع فرصة ذهبية لبناء اقتصاد معرفي مستدام. ورغم أن الناطقين بالعربية يشكلون 5% من سكان العالم، لا يتجاوز المحتوى العربي 3% من إجمالي المحتوى الرقمي العالمي، ما يؤكد الحاجة إلى مضاعفة الجهود لتمكين المواهب العربية من صياغة محتوى يعكس ثقافتنا وقيمنا.
وقد لخّص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هذه الرؤية بالقول: «الإعلام مرآة صادقة لأوضاع الدول ونبض مجتمعاتها… ونريد من المؤثرين أن يكونوا جزءاً من قصة نجاح دولتنا».
في الإمارات، لا يُنظر إلى المحتوى كمنتج رقمي فحسب، بل كقوة ناعمة تصنع التأثير، وتبني الإنسان، وتروي قصة وطن لا يكتفي بمواكبة المستقبل، بل يصنعه.

X:Alya_alyassi