خطة السيطرة على غزة تثير قلق إسرائيل والمعارضة تخشى من “حرب لا تنتهي”

دخلت إسرائيل، أمس الثلاثاء، في معركة داخلية حول توجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى احتلال قطاع غزة، أو ما تبقى منها. وفجر هذا موجة خلافات واسعة، وصلت حد توجيه دعوات إلى قائد الجيش إيال زامير للاستقالة لمعارضته العلنية توسيع الحرب، فيما أبدت المعارضة رفضها لخطة احتلال «كامل غزة»، وحذرت من أن ذلك «يجرّ إلى حرب أبدية» في القطاع المحاصر.
وانتهت، مساء أمس، مشاورات أمنية في مكتب نتنياهو بشأن استمرار الحرب، وسط توقعات بأن «خطة احتلال غزة بالكامل ستعرض (غداً) الخميس على مجلس الوزراء للموافقة».
وقالت القناة «12» العبرية إن نتنياهو بدأ جلسات أمنية مكثفة، بهدف اتخاذ «قرارات حاسمة» بشأن غزة، وذلك بمشاركة عدد محدود من الوزراء. وشارك في المشاورات وزيرا الجيش يسرائيل كاتس، والشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الأركان إيال زامير.
وتأتي المشاورات على وقع تسريبات إعلامية عبرية نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، عن عزم تل أبيب إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، إذ سبق أن احتلته لمدة 38 عاماً بين عامي 1967 و2005.
كشفت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن نتنياهو لم يدع وزيري المالية والأمن المتطرفان بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير إلى «الاجتماع الحاسم» أمس الثلاثاء، بشأن الخطوات المقبلة بغزة.
وبن غفير وسموتريتش عضوان في المجلس الوزاري المصغّر (الكابينت) الذي كان حتى وقت قريب يدير الحرب. ولم توضح الصحيفة أسباب استبعادهما.
وتشير التسريبات الواردة من قائد الجيش إيال زامير ومحيطة إلى رفض موقف نتنياهو الداعي إلى تعميق الحرب وصولاً إلى احتلال ما تبقى من مناطق في غزة. ويعتبر زامير أن دخول الجيش إلى باقي المناطق التي لم يحتلها بعد، يشكل خطراً على حياة المحتجزين الإسرائيليين، ويتطلب المزيد من القدرات البشرية والمعدات العسكرية، بعد نحو عامين من القتال أدى إلى استنزاف الكثير من قدرات الجيش، كما يتطلب إقامة إدارة عسكرية لقطاع غزة. ويقترح قادة الجيش فرض الحصار على تلك المناطق، وتفعيل أدوات ضغط إضافية على حركة «حماس» لإجبارها على قبول الشروط الإسرائيلية للصفقة.
وفي ذات السياق، أكدت صحيفة «هآرتس» أن «الجيش يعارض العمليات البرية في المراكز السكانية بقطاع غزة، حيث يوجد الرهائن أيضاً.. ويفضل مواصلة تمشيط المنطقة بشق طرق إضافية وشن غارات محددة».
ونقلت عن مصادر قولها إن زامير حذر من أن توسيع القتال في غزة سيجعل من الصعب تحديد مكان وجود الرهائن. وتابعت ذات المصادر «أن احتلال غزة يتطلب سحب قوات من جبهات أخرى واستدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط».
وأشارت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مقربين من نتنياهو أنه «إذا كان رئيس أركان الجيش لا يوافق على احتلال غزة فليقدم استقالته»، فيما اتهم نجل نتنياهو زامير بأنه «يقود تمرداً وانقلاباً عسكرياً».
وأعلن زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أمس الثلاثاء، دعمه لزامير، بمعارضته لتوجه القيادة السياسية نحو احتلال كامل قطاع غزة، معتبراً الهجوم على زامير بأنه «يضر بالجيش».
وقال لابيد في تغريدة على منصة «إكس» إن «الهجوم على رئيس الأركان جبان ومنفصل عن الواقع، كما يضر بالجيش في زمن الحرب»، على حد قوله.
وكتب زعيم «الديمقراطيين» يائير غولان عبر منصة إكس: «أدعو صديقي (رئيس الأركان) إيال زامير: لا تستقل، واصمد في وجه القيادة السياسية التي تجرنا إلى حرب أبدية في قطاع غزة»، بينما صرح زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان لهيئة البث الرسمية: «زامير هو الصوت الوحيد العقلاني في المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) من أشخاص متوهمين وغير مسؤولين، لذا يجب ألا يستقيل»، مضيفاً: «لا يقتصر واجب رئيس الأركان على عرض موقفه المهني، بل أيضاً القتال من أجل موقفه المهني بكل قوة، وأن يقف عند عواقب القرارات التي يُحاول الوزراء فرضها عليه».
إلى ذلك، وجّه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، انتقادات حادة لحكومة نتنياهو، محذراً من تراجع مكانة إسرائيل بشكل غير مسبوق داخل الولايات المتحدة.
وقال بينيت، في تصريحات لوسائل إعلام عبرية، إن «مكانة إسرائيل في أمريكا تنهار، وقد ترسخت صورتها كدولة منبوذة»، مشيراً إلى أن الدعم التقليدي الذي كانت تحظى به من الحزب الديمقراطي قد تلاشى منذ فترة، فيما بدأت الآن تخسر دعم الحزب الجمهوري أيضاً.
وأضاف: «العديد من المحافظين في الولايات المتحدة، بما في ذلك داخل حركة (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً)، يبتعدون عن إسرائيل، وحتى الجيل الشاب من الجمهوريين بات أقل تعاطفاً معنا».
وأقر بينيت بأن «حملة المجاعة في غزة أصبحت حقيقة راسخة لدى غالبية الجمهور الأمريكي والمؤثرين في الرأي العام»، معتبراً أن «إسرائيل بات يُنظر إليها كعبء على الولايات المتحدة». وحذّر بينيت من التداعيات المستقبلية لتصريحات بعض الوزراء، قائلاً: «ثرثرة بعض الوزراء في حكومة نتنياهو مدمّرة، وستلاحق جنودنا في طوابير جوازات السفر حول العالم».
(وكالات)