السلفادور تعتمد تعديلًا دستوريًا يسمح للرئيس بالترشح لعدة فترات

أقرّ برلمان السلفادور، مساء الخميس، تعديلاً دستورياً يسمح للرئيس نجيب بوكيلة بالترشح لعدد غير محدود من الولايات الرئاسية، في خطوة عززت من سيطرته شبه الكاملة على مؤسسات الدولة، وأثارت انتقادات واسعة من المعارضة ومنظمات حقوقية دولية.
وصوّت 57 نائباً من أصل 60 لصالح التعديل الذي تم تمريره عبر إجراء عاجل، وينص على تمديد الولاية الرئاسية من خمس إلى ست سنوات، وإلغاء الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. كما تم الاتفاق على تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية في مواعيد متزامنة، ما اعتُبر إعادة هيكلة شاملة للعملية الانتخابية في البلاد.
وتخللت جلسة التصويت احتفالات رسمية أشعلت خلالها الألعاب النارية في ساحة العاصمة، فيما قال رئيس البرلمان إرنستو كاسترو، المنتمي لحزب بوكيلة، إن «هذا اليوم سيُذكر في التاريخ»، على حد تعبيره.
ويشمل التعديل تقليص فترة الولاية الحالية بسنتين، ما يعني تقديم موعد الانتخابات العامة إلى مارس/آذار 2027، الأمر الذي يتيح لبوكيلة الترشح مجدداً قبل الموعد المحدد سلفاً.
بوكيلة، البالغ من العمر 44 عاماً، أعيد انتخابه في فبراير 2024 بنسبة تجاوزت 85% من الأصوات، وهو يحظى بشعبية كبيرة في الداخل نتيجة الحملة الأمنية الشرسة التي أطلقها ضد العصابات، والتي أسهمت في تراجع معدلات الجريمة إلى أدنى مستوياتها منذ عقود. لكن هذا النهج أثار في المقابل موجة انتقادات من منظمات حقوق الإنسان، التي اتهمت الحكومة بممارسة الاعتقال التعسفي والتضييق على الحريات.
وتقول السلطات إن نحو 88 ألف شخص أُوقفوا منذ فرض حالة الطوارئ العام الماضي، في إطار مكافحة العصابات، بينما تشير منظمات حقوقية إلى أن الآلاف منهم اعتُقلوا تعسفياً، وأن أكثر من 400 شخص قضوا أثناء الاحتجاز، في ظروف وصفتها بالتعسفية واللاإنسانية.
في هذا السياق، أعربت مدير قسم الأمريكيتين في منظمة «هيومن رايتس ووتش» خوانيتا غوبيرتوس عن قلقها مما يجري، وكتبت على وسائل التواصل الاجتماعي أن «السلفادور تسلك طريق فنزويلا»، محذرة من أن «ما يبدأ بقائد شعبي ينتهي بدكتاتورية». من جهته، قال الناشط الحقوقي ميغيل مونتينيغرو إن هذه التعديلات «تُفكك بالكامل ما تبقّى من ديمقراطية في البلاد».
أما المعارضة، فوصفت ما حدث ب«الانقلاب الدستوري». وقالت النائبة مارسيلا فياتورو خلال الجلسة: «ماتت الديمقراطية في السلفادور… لقد خلعوا أقنعتهم». وانتقدت تمرير التعديلات بشكل مفاجئ خلال عطلة برلمانية صيفية تستمر أسبوعاً.
وفي خطاب ألقاه بمناسبة مرور عام على بدء ولايته الثانية، قال بوكيلة إنه لا يعبأ بوصفه ب«الدكتاتور»، ورفض الانتقادات الدولية الموجهة لحكومته بشأن الاعتقالات والانتهاكات الحقوقية. وكانت حكومته قد اعتقلت 252 فنزويلياً في أحد السجون الجديدة التي شُيدت خصيصاً لأفراد العصابات، وقال بعضهم لاحقاً إنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة.
وقد أثرت هذه الممارسات سلباً في صورة بوكيلة خارجياً، على الرغم من دعمه القوي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ تعرّض لانتقادات متزايدة بسبب التضييق على الصحفيين والناشطين، ومن بينهم المحامية المعروفة روث لوبيز التي اتهمت الحكومة بالفساد وتم توقيفها في وقت سابق من العام.
في المقابل، عبّر عدد من المواطنين عن تحفظهم على التعديل على الرغم من تأييدهم لبعض سياسات الرئيس. وقال ماوريسيو أسيفيدو، مدرس يبلغ من العمر 41 عاماً، في تصريح لوكالة فرانس برس من محطة حافلات شمال العاصمة: «لم أفاجأ بما حدث. على الرغم من أن بعض الإجراءات كانت جيدة، فإن الأمور السيئة ستزداد. في النهاية، لا يسعنا سوى أن ننتظر لنرى».
وقدّمت النائبة المؤيدة لبوكيلة، آنا فيغويروا، التعديل قائلة إنه «تاريخي»، وأضافت: «الأمر في غاية البساطة: أيها السلفادوريون، أنتم وحدكم من يقرر إلى متى ستدعمون رئيسكم». (وكالات)