تأملات حول أسس الهوية | عبداللطيف الزبيدي

تأملات حول أسس الهوية | عبداللطيف الزبيدي

هل يُعقل ألّا يكون مثل هذا الشأن الجلل قد هبّ في ذهنك ووجدانك؟خلاصة المسألة هي أنه يحزّ في النفس أن يشعر العربي المسلم بالريبة والحساسية الغريبة، إذا طرق السمعَ الاعتدادُ بالهوية ومنظومة القيم والتعاليم، كأنما قُرعت طبول الاتهام بالتعصب والتطرف. هنا يبرز بيت أمير الشعراء مثل الجرس المنبّه: «أحرامٌ على بلابلهِ الدوحُ حلالٌ للطير من كل جنسِ»؟ عجيب أن تشهد القارات كلها ألواناً من الممارسات العنيفة بدوافع، من بينها الميز والتعالي والعنصرية، ولا تخلو من الجهر بها حتى في منابر الأمم المتحدة ومجلس الأمن، في حين تتذكر الجهات الأربع كيف بذلت قوى المجتمع الدولي، الظاهرة والمتخفّية، كل ما لا يُتصور ولا يُصدق لإلصاق الإرهاب بالأمتين العربية والإسلامية. دام الكيد سنوات.
لماذا يجب أن يضع العرب والمسلمون هذه القضية على رأس مسائل الأمن القومي حاضراً ومستقبلاً، ولو في نطاق الدراسات النظريّة؟ على خبراء الجغرافيا السياسية والاستراتيجية الاستعانة في البحوث، بعلماء النفس والاجتماع، للوقوف على الأسباب الحقيقية لانخفاض منسوب اكتراث الشعوب العربية والإسلامية لقضايا أوطانهم وأمتهم. عجيب أن تتداعى الدول والأوطان وتغدو ريشاً في مهب الريح، وأن تصبح الهوية مشتقةً من «هو»، والضمير «هو» لا يعنيني بالضرورة، لأنه ليس«أنا». لهذا فإن التوابع لها زوابع.
الخطر هو أن تلوح المسألة في ظاهرها السطحي، ثقافيةً، بدعوى أن التراث شأن من الماضي يجب احترامه والافتتان به ثم وضعه على الرف. لكننا نرى كل السهام السامة تستهدف ذلك الميراث والقوة الكامنة فيه، حتى لا تنبعث إلى الواقع، فتنفخ من روحها في غابر صنع التاريخ ما يغيّر وجه الحاضر والمستقبل، باستئناف الحضارة. في المقابل تشهد الساحة الدولية وجوهاً شتى، منها السلبي المدمّر، ومنها التنموي المثمر، انطلاقاً من موروث القرون. المريب هو أنه عند استعراض الأمم، تسعى الأيدي المغرضة إلى إيهام الرأي العائم العالمي، بأن الأمتين العربية والإسلامية عليهما علامات استفهام. هل يساورك الشك في صحة هذا المنحى؟ تفضل بالبراهين على أن صمت الأمتين أمام المعاول التي تضرب أسس الأمن القومي، ليس دليلاً قاطعاً على أن الهوية أمست تشك في ذاتها، بفعل الدسائس.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاقتناعية: ما الذي يتبقى من مقومات الهوية والمرجعية الوجودية للأوطان والأمة، إذا غدت الشعوب الأجنبية تدافع عن قضايا العرب؟
[email protected]