Policies of Monetary Economics and Determinants of Medium-Sized Enterprise Growth | Eman Mohammed Al-Marzouqi

Policies of Monetary Economics and Determinants of Medium-Sized Enterprise Growth | Eman Mohammed Al-Marzouqi

إيمان محمد المرزوقي *

تلعب السياسات النقدية دوراً محورياً في تعزيز النمو الاقتصادي وإدارة السيولة النقدية، وتعد هذه السياسات من العوامل الأساسية، التي تؤثر في استقرار النظام المالي، وتحقيق الأهداف الاقتصادية للدولة.
تعتمد السياسات النقدية في الإمارات على أدوات رئيسية تشمل أسعار الفائدة، ونسب الاحتياطي الإلزامي، والعمليات السوقية المفتوحة، إضافة إلى ارتباط الدرهم بالدولار الأمريكي، ويقوم مصرف الإمارات المركزي بإدارة هذه السياسات، بهدف الحفاظ على استقرار النظام النقدي والمالي، وتهيئة بيئة محفزة للأعمال والاستثمار، ودعم الأنشطة الاقتصادية المنتجة، بالإضافة إلى توفير بيئة مالية مستقرة، مع ضمان توفر السيولة، بما يتناسب مع احتياجات الاقتصاد.
ومن هنا نتساءل: ما هي الأنشطة الاقتصادية المنتجة، وما هي علاقة السياسات النقدية للمصارف المركزية بالأنشطة الاقتصادية المنتجة، وكيف ترتبط الأنشطة المنتجة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة؟ هذه الأسئلة تعد جزءاً محورياً لفهم العلاقة بين السياسات النقدية والنمو الاقتصادي، وتحديد كيفية تأثير هذه السياسات في قدرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة على النمو والتوسع.
إنّ الأنشطة الاقتصادية المنتجة، هي الأنشطة، التي تُسهم بشكل مباشر في خلق قيمة اقتصادية جديدة، وتعزز النمو الاقتصادي، من خلال إنتاج السلع أو تقديم الخدمات، لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة، وتلبية احتياجات المجتمع، من خلال توفير فرص العمل وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، ومن أبرز الأمثلة عليها المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث أشار تقرير حديث صادر عن البنك الدولي إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة، تمثّل نحو 90% من إجمالي الشركات، وتوفر أكثر من 50% من فرص العمل، وتسهم بنحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات الناشئة، وهو ما يشير إلى تأثيرها الاقتصادي الكبير.
وأدركت دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة كركيزة للتنويع الاقتصادي، وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية، والأسواق الخارجية، ولعبت السياسة النقدية دوراً محورياً في توفير بيئة مالية مواتية لدعم هذه المشاريع، مما أسهم في تحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التحديات الاقتصادية، وهذا ما انعكس على الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث أسهم قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في العام 2022، في ما نسبته (63.5%) في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، ونمت أعداد الشركات المملوكة للإماراتيين (10.4%).
وعلى الرغم من جهود الدولة الحثيثة لهذا القطاع، إلا أن هذه المشاريع تواجه العديد من التحديات المتعلقة بالسياسات النقدية، ولعل من أبرزها صعوبة الوصول إلى التمويل، فغالباً ما تواجه هذه المشاريع صعوبات في الحصول على قروض، بسبب نقص الضمانات، وأيضاً ارتفاع تكلفة الاقتراض، نتيجة مخاطرها المرتفعة، في ظل التغيرات الاقتصادية، مما يجعلها أقل استقراراً، مقارنة بالشركات الكبيرة.
وأكدت مؤسسة التمويل الدولية أن فجوة تمويل قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تقدر عالمياً بنحو 5.3 تريليون دولار سنوياً، تلك الفجوة من الصعب رأبها، بالاعتماد فقط على آليات التمويل التقليدية، من خلال القطاع المصرفي، ولاسيما في ظل التطورات التقنية المتسارعة، التي أدت إلى ظهور آليات جديدة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي باتت تحظى باهتمام إقليمي ودولي واسع النطاق، لعل من أهمها منصات التمويل الجماعي.
وأكد على ذلك صندوق النقد العربي، على الرغم من الأهمية الكبيرة لهذه المؤسسات، «إلا أنها تُواجه تحديات على صعيد النفاذ إلى التمويل، من خلال القنوات المالية التقليدية، وعلى رأسها التمويل من خلال القطاع المصرفي، موضحاً أن إحصاءات الصندوق تشير إلى أن نحو 9% فقط من إجمالي التسهيلات المصرفية في الدول العربية، تتوجه إلى هذه المؤسسات، وهو ما يُسفر عن فجوةٍ تمويليةٍ كبيرةٍ نسبياً، تواجه هذا القطاع المهم، وتؤثر في قدرته على المساهمة بشكل أكبر في التشغيل والناتج المحلي الإجمالي».
وأكدت دولة الإمارات، في المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، من خلال التقرير الذي عرضته حول «التجارة العالمية الشاملة» وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أن التمويل يعتبر إحدى العقبات الرئيسية، التي تحول دون مشاركة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في التجارة العالمية.
ولقد استشرف المجلس الوطني الاتحادي، منذ تأسيسه، أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وناقش دورها الحيوي في الاقتصاد الوطني، حيث وجه العديد من الاستفسارات، وتبنى العديد من الموضوعات العامة المحورية تحت قبة البرلمان، وركز في جميع مناقشاته على تأثير التمويل في قدرة هذه المشاريع على التوسع والنمو، إضافة إلى ذلك ناقش ضرورة تقديم الحوافز المتنوعة لهذه الفئة، من خلال مناقشة سياسة وزارة الاقتصاد، ومناقشة المجلس للقانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2014 بشأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذي أكد من خلاله على إنشاء مجلس المشاريع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وذلك إيماناً من المجلس بأهمية هذه المشاريع في دعم الأفراد، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وفي الختام، نؤكد أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة، تشكل ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتعزيز فعالية السياسات النقدية، وتعد أمراً ملحاً، من خلال تبني سياسات تيسيرية موجهة لها، مثل تقديم قروض ميسرة وتسهيلات ائتمانية بأسعار فائدة منخفضة، وتحفيز الابتكار، مما يمكّن هذه المشاريع من الإسهام بفاعلية في دفع عجلة النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية المستدامة.
*باحث رئيسي اقتصادي بالمجلس الوطني الاتحادي