غزة: تفاقم المجاعة وانهيار الأمل الأخير للعيش

غزة: تفاقم المجاعة وانهيار الأمل الأخير للعيش

في ظل حرب إسرائيلية مدمرة، أصبح الفلسطينيون في قطاع غزة المحاصر، والذين يزيد عددهم على مليوني شخص، في مجاعة حقيقية، تؤكدها جميع المقاييس العالمية، إذا بدأ آخر شريان يُبقي الناس على قيد الحياة في الانهيار تدريجياً بحسب الأمم المتحدة.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن قلقه إزاء التدهور المتسارع للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، حيث «ينهار آخر شريان يُبقي الناس على قيد الحياة»، وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسمه الاثنين إن الأمين العام «يعبر عن أسفه للتقارير المتزايدة عن معاناة الأطفال والكبار من سوء التغذية».

وأضاف «على إسرائيل الالتزام بالسماح بتقديم الإغاثة الإنسانية التي تُوفرها الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى، وتسهيلها بكل الوسائل المتاحة لها».

رسائل جوع

وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قالت الاثنين إنها «تتلقى رسائل جوع يائسة» من بعض موظفيها في قطاع غزة، مع بلوغ الجوع وسوء التغذية مستويات غير مسبوقة في القطاع.

ويواجه سكان غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص، نقصاً حاداً في الغذاء والاحتياجات الأساسية، فيما تفيد جهات طبية وجهاز الدفاع المدني ومنظمة «أطباء بلا حدود» بتسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات سوء التغذية خلال الأيام الأخيرة.

وحذّرت منظمة أطباء بلا حدود الأسبوع الماضي من تسجيل ارتفاع مقلق في حالات سوء التغذية الحاد، مشيرة إلى مستويات «غير مسبوقة» في اثنتين من عياداتها في غزة.

الأسعار ترتفع 40 ضعفاً

وفي منشور على منصة «إكس»، قالت الأونروا إن النقص في الإمدادات في قطاع غزة أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمقدار 40 ضعفاً، في حين أن المساعدات المخزنة في مستودعاتها خارج غزة تكفي لإطعام «جميع السكان لأكثر من ثلاثة أشهر».

وأضافت الوكالة «المعاناة في غزة هي من صنع الإنسان، ويجب أن تتوقف. ارفعوا الحصار ودعوا المساعدات تدخل بأمان وعلى نطاق واسع».

وبدأت إسرائيل في الثاني من مارس فرض حصار مطبق على القطاع بعد انهيار المحادثات لتمديد وقف إطلاق النار الذي أبرم بداية العام 2025 واستمر ستة أسابيع. ومنعت دخول أي سلع حتى أواخر مايو، حين بدأت السماح بدخول عدد قليل من الشاحنات.

ومع نفاد المخزون الذي جمع خلال فترة وقف إطلاق النار، تواجه غزة أسوأ نقص في الإمدادات منذ بداية الحرب قبل أكثر من 21 شهراً.

جوع شديد

وأفاد جهاز الدفاع المدني الأحد بأن ثلاثة أطفال رُضّع على الأقل توفوا خلال الأسبوع الماضي بسبب «الجوع الشديد وسوء التغذية».

ووفقاً لوزارة الصحة في قطاع غزة، توفي 86 شخصاً بسبب الجوع أو سوء التغذية منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، من بينهم 76 طفلاً.

وأشارت الوزارة إلى أن 18 شخصاً توفوا بسبب الجوع خلال 24 ساعة فقط بين يومي السبت والأحد.

وقال محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء في غزة «يعاني الأطفال الذين تقل أعمارهم عن العام الواحد نقصاً في الحليب، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في وزنهم وانخفاض مناعتهم ويجعلهم عرضة للأمراض».

مبررات إسرائيل

لكن إسرائيل قالت الاثنين إنه «لا يوجد حظر أو قيود على دخول حليب الأطفال أو أغذية الرضع إلى قطاع غزة».

من جهتها، قالت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) إن «أكثر من 2000 طن من حليب الأطفال وأغذية الرضع تم إدخالها إلى غزة»، دون تحديد الفترة الزمنية.

ونشر حساب كوغات على منصة إكس منشوراً يحثّ «المنظمات الدولية على مواصلة التنسيق معنا لضمان إدخال حليب وأغذية الأطفال دون تأخير. التزامنا ثابت يتمثل في دعم المساعدات الإنسانية للمدنيين وليس لحماس».

25 دولة تطالب بالمساعدات لغزة

دعت بريطانيا و24 دولة أخرى الاثنين إلى إنهاء الحرب في غزة على الفور، وأكدت أن نموذج تقديم المساعدات الذي تتبعه الحكومة الإسرائيلية «خطير ويغذي عدم الاستقرار ويحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية».

وقالت فرنسا وإيطاليا واليابان وأستراليا وكندا والدنمارك ودول أخرى إن أكثر من 800 فلسطيني قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، ونددت هذه الدول بما وصفته بأنه «توزيع غير منظم للمساعدات وقتل وحشي للمدنيين».

وقال وزراء خارجية هذه الدول في بيان مشترك إن «النموذج الذي وضعته الحكومة الإسرائيلية لتوصيل المساعدات خطير، ويؤجج عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية».

ورفضت إسرائيل البيان المشترك للدول ووصفته وزارة خارجيتها بأنه «منفصل عن الواقع ويوجه رسالة خاطئة لحماس».