الابتسامة من لحى النجوم | عبداللطيف الزبيدي

هل وقع بصرك على دراسة عربية لأسباب كثرة المفترين على النجوم؟ لا تتذرّع بأن ذلك شائع في دول الغرب المتقدّمة، فالتنميات المتعثرة لا تُقارن ببلدان الصناعات والتكنولوجيا ومراكز البحث العلمي، والاكتفاء الذاتي غذائياً ودوائياً. مَن ضَمِن الضروريات وجاوزها إلى وفرة الكماليات فلا جُناح عليه إذا رأى في بعض البطر متعة. لكن هل في الاستهزاء بالعقل الفاحص والعلم الخالص إمتاع ومؤانسة؟
المأساة هي أنّ المشعوذين يلقون حظوة لدى الفضائيات التي تقترف آثاماً فوق ذنوبهم. هي لا تكترث للإحساس بالمسؤولية الإعلامية، ولا تحترم عقل المشاهد الواعي، ولا تترفّع عن خداع من كان على نيّاته، فالمعروض خيانة مؤتمن. المفارقة العجيبة هي أن المتفقّهين في العالم العربي لا يدعون صغيرة ولا كبيرة إلا وتبسّطوا في تقليبها على وجوهها وكشف خفاياها، لكنهم لا يتابعون هذه الظاهرة، في حين أن القضية لا تلوح هيّنة إلى حدّ غض الطرف عنها، فهي في الحقيقة «ادّعاء علم الغيب». يمكن معالجة الأمر بإنشاء محكمة دعابة، والحكم على الفضائية المعنيّة والمفتري على النجوم بتهمة التخابر مع النجوم. مع القهوة وكرة الكريستال وأوراق اللعب والودع وخط الرمل، التهمة أثقل. هذه التهمة تراجيكوميدية بحق، فهم ينسبون الاطلاع على الغيب إلى جمادات كالقهوة والورق والودع، بالتالي لا تخلو المسألة من طابع وثني، وإلا فماذا يعني أن يعتقد أحد أن مصيره مكتوب بالبن على جدار فنجان؟ هذا فنجان أم «فنّ جان»؟
هنا أيضاً، يجب أن تحمل الجهات المعنيّة أوزار المسؤولية وما فيها من مساءلات. المناهج العربية خانها التوفيق في تربية العقل الناقد لدى الأجيال، العقل الباحث الفاحص الذي يَختبر ويَمتحن. وظيفة المناهج تخريج علماء الفيزياء الفلكيّة، لا الذين كذبوا ولو صدقوا. حذار الوقوع في اللبس والمغالطات، فتنبؤات الأرصاد الجويّة، ورياضيات الاحتمالات في الإحصائيّات، وتوقعاتها في الاقتصاد والانتخابات، وما إليها، مسائل علمية مختلفة. في ظلماء انعدام الوعي يُفتقد بدر التنمية الشاملة، لأنه في جانب من الأسباب، لا كلّها، يرجع الانخداع إلى عدم اطمئنان الفرد إلى غده ومقبل أيامه. هكذا هو البحث عن الحلول السحرية، أي حلول أدواء لا يعرف الشخص آليات عللها ولا طرائق علاجها.
لزوم ما يلزم: النتيجة التوعوية: من الضروري أن تنشأ دعوة إلى ميثاق إعلامي عربي تلتزم فيه الوسائط كلها رفضَ بث ذلك الاستهزاء بعقول الشعوب. الأوطان تطير، وهم يشغلون الناس بالأبراج.
[email protected]