حميراء في سن صغيرة: وفاة في انفراد وفضيحة صمت عائلي تهز أرجاء باكستان

حميراء في سن صغيرة: وفاة في انفراد وفضيحة صمت عائلي تهز أرجاء باكستان

في مشهد يشبه أفلام الغموض والدراما هز المجتمع الباكستاني نبأ العثور على جثة متحللة للممثلة الشابة حميراء أصغر داخل شقتها المغلقة بمدينة كراتشي، بعد أشهر طويلة من وفاتها دون أن يلاحظ أحد غيابها أو يسأل عن مصيرها.

لم يكن موتها هو المأساة الوحيدة بل ما تكشف لاحقًا من رفض أسرتها تسلم جثمانها أو الاعتراف بها كان كفيلًا بتحويل قصتها إلى صرخة مدوية في وجه التجاهل العائلي والإهمال الاجتماعي.

اكتشاف مروّع وبداية القصة من محكمة

بدأت فصول هذه المأساة الصادمة حين توجه مالك العقار الذي كانت تقيم فيه حميراء أضغر إلى المحكمة بعد انقطاعها عن دفع الإيجار لعدة أشهر ،  وحين صدر له حكم قضائي بدخول الشقة، تفاجأ بجثة متحللة في الداخل، تُركت لتنهشها الرطوبة والعزلة.

و أوضحت التحقيقات الجنائية أن الوفاة تعود إلى أكتوبر/تشرين الأول 2024 أي ما يقرب من تسعة أشهر قبل لحظة الاكتشاف لتطرح تساؤلات مؤلمة: كيف غابت حميراء عن أنظار الجميع؟ وكيف ظلت جثتها في شقة وسط حي مأهول دون أن يلاحظ أحد اختفاءها؟

حميراء أضغر

عائلة حميراء أصغر تتبرأ وصمت يثير الغضب

لكن ما زاد من قسوة الحادثة هو موقف والدها الطبيب العسكري المتقاعد، الذي أبلغ السلطات بوضوح أن أسرته قطعت علاقتها بابنته منذ سنوات، ولا ترغب في تحمل مسؤولية جثمانها أو أي شيء متعلق بها.
هذا التصريح الجاف والصادم أشعل الرأي العام، حيث اعتبر كثيرون أن الموقف يُجسد قمة التجرد من الإنسانية والرحم، وسلط الضوء على قضايا أعمق تتعلق بالوصم الاجتماعي والنبذ العائلي.

من الفن إلى النسيان حميراء أضغر

كانت حميراء أصغر تبلغ من العمر 32 عامًا فقط، وقد بدأت مسيرتها الفنية على شاشات الدراما الباكستانية، واشتهرت بمشاركتها في مسلسل “تاماشا غار” وأفلام مثل “متزوجون فقط”، “جلايبي”، و”لقاح الحب”.
لم تكن فنانة تقليدية، بل امتلكت شغفًا متنوعًا بالفن التشكيلي، من الرسم إلى النحت، وكانت نشطة أيضًا في مجال اللياقة البدنية، وجمعت جمهورًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي تجاوز 700 ألف متابع.

ومن الجدير بالذكر أن صورة وجه حميراء انتشرت عبر منصات التواصل فور الإعلان عن وفاتها، لتتحول إلى أيقونة رمزية للمهمشين والمرفوضين، ولتصبح قصتها تذكيرًا قاسيًا بواقع آلاف النساء والفنانات اللاتي يُواجهن عزلة مركبة بين رفض اجتماعي وتجاهل مؤسسي.

قصة حميراء أصغر ليست حالة معزولة، بل تُسلّط الضوء على أزمة أعمق في المجتمعات التي تضع مفاهيم “الشرف” و”الوصمة” فوق الإنسانية، حيث يُمكن أن تُقصى فتاة من عائلتها لمجرد خيارات شخصية لا تُرضي الآخرين، أو لمجرد خوضها في مجالات الفن، التي لا تزال بعض الأسر المحافظة تنظر إليها بريبة.
المؤلم في القضية أن الصمت لم يكن من العائلة فقط، بل من مجتمع بأكمله لم يلاحظ غيابها، ومن مؤسسات لم تستشعر خطر العزلة، ومن زملاء لم يُطرقوا بابها في غيابها الطويل. هذه النهاية المأساوية ليست فقط موتًا جسديًا، بل شهادة على موت آخر: موت التواصل، وموت الرحمة، وموت المسؤولية الاجتماعية