الرسوم الجمركية الأمريكية تضغط على الصادرات التركية في ظل انخفاض القطاع الصناعي

الرسوم الجمركية الأمريكية تضغط على الصادرات التركية في ظل انخفاض القطاع الصناعي

تبددت آمال تركيا في تفادي حملة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المُوسّعة للرسوم الجمركية، إذ أعلنت واشنطن عن رفع الرسوم على معظم الواردات التركية إلى 15%، بزيادة عن المعدل السابق البالغ 10%.

ومن المقرر أن يدخل القرار حيّز التنفيذ في 7 أغسطس، ليضيف عبئاً إضافياً على الاقتصاد التركي «الهشّ أصلاً»، في وقت تعاني فيه البلاد من ركود في الصادرات وصعوبة في الوصول إلى التمويل، وفقاً لتقرير نشره موقع AGBI.

يُستثنى من القرار الجديد صادرات تركيا من الحديد والمعادن، التي تخضع بالفعل لرسوم جمركية بنسبة 25%، بعد أن كانت 50% خلال الولاية الأولى لترامب. كما تحتفظ صادرات السيارات، ومعها صادرات معظم الدول الأخرى، بنسبة الرسوم نفسها البالغة 25%.

ورغم أن أنقرة لا تُعدّ من بين الشركاء التجاريين الذين تستهدفهم واشنطن بشكل مباشر، إلا أن العلاقات التجارية بين البلدين تتّسم بدرجة من التوازن. ففي عام 2024، سجّلت تركيا فائضاً تجارياً طفيفاً بلغ 350 مليون دولار من إجمالي تبادل تجاري قدره 32.6 مليار دولار.

غير أن هذا الوضع انعكس في النصف الأول من عام 2025، إذ سجّلت الولايات المتحدة فائضاً بلغ 420 مليون دولار، مع صادرات إلى تركيا بقيمة 8.25 مليار دولار، مقابل واردات بقيمة 7.83 مليار دولار، ما يعكس على الأرجح الأثر المبكر للرسوم المفروضة سابقاً.

وفي تصريحات أدلى بها قبل ساعات فقط من إعلان القرار الجديد، شدد نائب وزير التجارة التركي، مصطفى توزجو، على ضرورة تنويع الصادرات التركية إلى السوق الأميركية.

وقال خلال اجتماع نظّمه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا في 31 يوليو: «نحتاج إلى إعداد خطط مختلفة وفق سيناريوهات متعددة من أجل زيادة صادراتنا». وأضاف: «علينا توسيع سلة المنتجات التي نصدرها».

وأشار أيضاً إلى أن تركيا قد تجد فرصاً لتعزيز حصتها السوقية على حساب منافسين تثقل كاهلهم رسوم جمركية أميركية أعلى.

وعلى عكس أسواق آسيوية تراجعت على خلفية أنباء التعريفات الجديدة، تعاملت بورصة إسطنبول مع القرار بهدوء، إذ سجلت ارتفاعاً طفيفاً خلال فترة استراحة منتصف اليوم في 1 أغسطس.

ومع ذلك، لا تزال المؤشرات الاقتصادية تعكس تحديات هيكلية. فوفقاً لأحدث بيانات «مؤشر مديري المشتريات» (PMI) الصادر عن «غرفة صناعة إسطنبول» بالتعاون مع «ستاندرد آند بورز» (S&P) في 1 أغسطس، يواصل قطاع التصنيع، الذي يمثل 94% من صادرات البلاد، انكماشه.

وسجّل المؤشر تراجعاً في الطلبيات الجديدة للشهر الخامس والعشرين على التوالي، وانخفاضاً في الإنتاج للشهر السادس عشر توالياً، وسط ضعف في الطلب الخارجي.

يواجه القطاع الصناعي أزمة تمويل خانقة، رغم قرار «البنك المركزي التركي» خفض سعر الفائدة الرئيسي من 46% إلى 43% في 24 تموز. وأكد البروفيسور أونر غونتشافدي من «جامعة إسطنبول التقنية» أن هذا الخفض لم يُترجم بعد إلى تحسّن في إمكانية الحصول على التمويل.

وأوضح: «القطاع الصناعي يواجه صعوبات في الحصول على قروض لتأمين السيولة. خفض أسعار الفائدة لم ينعكس بعد على توافر الائتمان». وأضاف: «الطلب في الأسواق الخارجية ضعيف جداً، وفي السوق المحلية يشهد هو الآخر تراجعاً».

ومع ارتفاع الرسوم الجمركية على المبيعات في السوق الأميركية، يُتوقع أن تواجه الشركات المصنّعة في تركيا ضغوطاً إضافية خلال الأشهر المقبلة لمجرد الحفاظ على مستويات المبيعات، فضلاً عن السعي لتوسيع نطاق المنتجات ضمن سلة صادراتها إلى الولايات المتحدة.

لكن رغم أن زيادة الرسوم تهدد برفع كلفة الصادرات على المدى القصير، يرى بعض المحللين إمكانية لتحقيق مكاسب مستقبلية. إذ أفاد المتخصص في التجارة العالمية، الدكتور يوكسل أوكشاك، أن تركيا قد تستفيد من التحولات الجارية في سلاسل الإمداد العالمية، بحسب تصريحه لموقع (AGBI).

وأضاف: «قرار ترامب رفع الرسوم الجمركية الإضافية على المنتجات التركية إلى 15% يشكّل عبئاً على الأمد القصير بسبب ارتفاع تكاليف التصدير، لكنه قد يمنح تركيا على المدى المتوسط إلى الطويل ميزة تنافسية في قطاعات محددة ويجذب استثمارات جديدة».