أدوات الدين في الأسواق النامية تزدهر رغم التحديات

سجلت مبيعات أدوات الدين في الأسواق الناشئة انتعاشاً قوياً خلال النصف الأول من عام 2025، رغم اضطرابات الأسواق العالمية التي شهدت تقلبات في أسعار النفط وتصاعد التوترات الجيوسياسية، وفقاً لما أفاد به مصرفيون لوكالة «رويترز».
وبحسب «رويترز»، تجاوزت إصدارات الدين في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا حاجز 190 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من العام، وهو رقم يتجه لتخطي المستوى القياسي المسجل في 2024 والبالغ 285 مليار دولار.
ويرى خبراء أنه رغم الإعلان عن رسوم جمركية أمريكية واسعة وهجمات عسكرية في المنطقة، فإن شهية المستثمرين للشراء لم تتراجع بشكل كبير، مدفوعة برغبتهم في تحقيق عوائد أكبر وتنويع الاستثمارات في أصول ذات دخل ثابت، وهي سمة بارزة لأسواق الدين في الدول الناشئة.
وقال ألكسي تافين دي تيلك، الرئيس العالمي لأسواق الدين في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى بنك BNP Paribas، إن «ما يثير الدهشة هذا العام هو أن الأسواق لا تزال نشطة، بل نشطة بشدة، حتى في أصعب لحظات التوترات العالمية»، مشيراً إلى أن «أحجام الإصدارات كانت مذهلة».
طلب قوي بالخليج
بدوره، صرّح شتيفان فايلر، رئيس أسواق رأس المال لدى “جي بي مورغان” في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، أن الطلب القوي ساهم في جمع أكثر من 40% من هذه الإصدارات من منطقة الخليج، بقيادة السعودية، التي استفادت من انخفاض أسعار الفائدة واستقرار عوائد سندات الخزانة الأمريكية عند مستويات مرتفعة.
وأضاف فايلر أن هناك مؤشرات واضحة على تحول عالمي نحو الابتعاد عن التمويل المقوم بالدولار، مع اتجاه بعض الدول والشركات لإصدار أدوات دين بعملات بديلة مثل اليورو، الين، واليوان الصيني، مشيراً إلى أن هذا التوجه يمثل بداية لمرحلة جديدة في تنويع أدوات التمويل عالمياً.
إصدارات قياسية
وفي السياق ذاته، أوضح خالد درويش، رئيس أسواق رأس المال لدى HSBC في منطقة وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، أن منطقة الشرق الأوسط سجلت إصدارات قياسية بلغت 106 مليارات دولار منذ بداية العام وحتى الآن، وهو ما يقترب من إجمالي إصدارات عام 2024 التي وصلت إلى 139 مليار دولار.
وأشار درويش إلى أن التطورات الجيوسياسية لم يكن لها تأثير يُذكر على الأسواق الخليجية، مؤكداً أن المستثمرين باتوا أكثر إقبالاً على أدوات الدين حتى في القطاعات التي كانت تعتبر حساسة، مثل شركات الدفاع، في ظل زيادة الإنفاق العسكري بدول حلف الناتو.
نمو 20% بالنصف الأول
في غضون ذلك، لفت فيكتور مراد، الرئيس المشارك لتمويل الدين لدى سيتي بنك، إلى أن النصف الأول من 2025 شهد نمواً بنسبة 20% في الإصدارات العالمية للأسواق الناشئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، مدعوماً بانضمام جهات إصدار جديدة إلى السوق مثل شركة التعدين السعودية «معادن»، التي طرحت صكوكاً بقيمة 1.25 مليار دولار، وشركة «أزول إنرجي» الأنجولية بسندات بقيمة 1.2 مليار دولار.
وأكد مراد أن الأسواق تشهد تحولات نوعية في أدوات التمويل، حيث باتت الجهات المصدرة تميل إلى تقليص آجال السندات من 30 عاماً إلى فترات أقصر، وخاصة ثلاث سنوات، نتيجة ارتفاع تكلفة الإصدارات الطويلة الأجل؛ بسبب منحنيات العائد العالمية.
وبينما يرى فايلر أن سوق السندات باليورو اكتسبت اهتماماً متزايداً من قبل دول مثل السعودية وإمارة الشارقة بالإمارات، فإن دولاً أخرى استكشفت خيارات التمويل بعملات مثل الفرنك السويسري، كما فعلت أوروجواي بإصدار سندات سيادية هي الأولى من نوعها.