من الخليج إلى أوكلاهوما: استثمار إماراتي يتجاوز القيود الأمريكية

من الخليج إلى أوكلاهوما: استثمار إماراتي يتجاوز القيود الأمريكية

تمضي شركة «الإمارات العالمية للألمنيوم» قدماً في تنفيذ خطة استثمارية بقيمة 4 مليارات دولار لبناء أول مصهر ألمنيوم جديد في الولايات المتحدة منذ نحو نصف قرن، في مشروع يقول خبراء إنه مؤهل للاستمرار على المدى الطويل، بغض النظر عن التغيرات المحتملة في السياسات التجارية الأميركية.

ووفقاً لتقرير نشره موقع AGBI، كانت الشركة الإماراتية أعلنت عن استثمارها خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج في مايو الماضي.

ومن المقرر أن يُقام المشروع في ميناء «تولسا بورت» (Tulsa Port) في مدينة إنولا بولاية أوكلاهوما، على أن يوفر نحو ألف وظيفة مباشرة وما بين 1500 إلى 6000 وظيفة غير مباشرة، بحسب مسؤولين في الولاية.

وأشار إيفان براون، المدير التنفيذي لمكتب التنمية الاقتصادية والنمو والتوسع في وزارة التجارة بأوكلاهوما، إلى أن المصهر سيضيف 600 ألف طن من الألمنيوم سنوياً، وهو ما يُقارب ضعف حجم الإنتاج المحلي الحالي في الولايات المتحدة.

وأوضح براون أن إنتاج الألمنيوم الأميركي انخفض خلال العقود الماضية ليشكل نحو 1% فقط من الإنتاج العالمي، في حين يأتي حوالي 65% من الإنتاج العالمي من روسيا والصين. وأضاف: «أعتقد أن العوامل الاقتصادية باتت تشير إلى وجود سوق واعد لهذا المشروع».

من المقرر أن تبدأ أعمال البناء في عام 2026، على أن يبدأ إنتاج الألمنيوم الأول في عام 2029، مع الوصول إلى الطاقة الإنتاجية الكاملة بحلول عام 2031. ويقع المشروع قرب مجارٍ مائية متصلة بشبكة نهر المسيسيبي؛ ما يوفّر مساراً فعّالاً لنقل المواد السائبة، أي المواد التي تُشحن بكميات كبيرة دون تعبئة أو تغليف، وفقاً لما أفادت به الشركة.

ويشهد قطاع صهر الألمنيوم الأولي في الولايات المتحدة تراجعاً طويل الأمد. ففي عام 2024، هبط الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من 70 عاماً، مع وجود أربعة مصاهر فقط قيد التشغيل، منها اثنان يعملان بكامل طاقتهما، وفقاً لما ذكره أليكس كريستوفر، كبير المحللين في شركة الأبحاث «كرو» (Cru) في لندن.

في المقابل، كان هناك 23 مصهراً قيد التشغيل في عام 2000. وأرجع كريستوفر هذا الانخفاض إلى ارتفاع تكاليف الطاقة، وتقادم البنية التحتية، وزيادة التشريعات البيئية.

وفي هذا السياق، يرى كريستوفر أن استثمار «الإمارات العالمية للألمنيوم» يحمل دلالات استراتيجية وصناعية وجيوسياسية، لافتاً إلى أن الحكومة الأميركية تصنّف الألمنيوم كأحد المعادن الحيوية اللازمة لقطاعات الطيران والدفاع والمركبات الكهربائية والبنية التحتية للطاقة، وفق التقرير.

ولجذب المشروع، قدمت ولاية أوكلاهوما حزمة حوافز كبيرة شملت 20 مليون دولار من صندوق تنفيذي، بالإضافة إلى 255 مليون دولار سبق أن خُصصت من قبل الهيئة التشريعية في الولاية، وتمت إعادة توجيهها لدعم المشروع. وتم تصميم الحوافز على شكل برنامج قائم على الأداء، بحيث لا تبدأ الشركة في الاستفادة منها إلا بعد عام 2030، بشرط إنفاقها 2 مليار دولار وتوفير 700 وظيفة بحلول ذلك العام.

وتعكس خطوة «الإمارات العالمية للألمنيوم» دخول السوق الأميركية توجّهاً أوسع، في ظل فرض إدارة ترامب رسوماً جمركية بنسبة 50% على واردات الصلب والألمنيوم. ووفقاً لتقرير «رويترز» في العام الماضي، شكلت الإمارات 8% من واردات الولايات المتحدة من هذين المعدنين.

ومع ذلك، فإن عملية البحث عن موقع للمشروع في الولايات المتحدة بدأت قبل تولّي ترامب الرئاسة، وتحديداً منذ نحو 18 شهراً خلال فترة الرئيس جو بايدن. وإذا استمرت الحوافز التي أقرت في عهد بايدن، فقد يستفيد المشروع منها أيضاً.

ويرى مسؤولون في الولاية وعدد من المحللين أن المشروع سيظل مجدياً من الناحية الاقتصادية بصرف النظر عن التغييرات في البيت الأبيض. وقال براون: «هذا المصنع سيكون مربحاً في أي بيئة تجارية، سواء وُجدت الرسوم أو أُزيلت».

مع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة، منها بناء البنية التحتية المطلوبة، وتأمين المواد الأولية، وضمان استدامة الاستثمارات والدعم الحكومي على المدى الطويل، وفقاً لما ذكره آندي فريدة، محلل الأبحاث في «فاست ماركتس» (Fastmarkets).

وتساءل فريدة: «هل تستطيع الشركة استرداد استثماراتها خلال العقد المقبل؟ وهل لدى المستهلك الأميركي الاستعداد لتحمّل أسعار أعلى في السنوات المقبلة؟»