نظرة إلى سوريا ولبنان: تحليل للأزمة وأسباب الصراع هناك..!! (تقييم الوضع)

نظرة إلى سوريا ولبنان: تحليل للأزمة وأسباب الصراع هناك..!! (تقييم الوضع)

أمد/ بين المأمول والمستحيل تدور الأحداث ، وما نشأت الأزمة السورية إلا من أجل تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية ضمن مشروع “الشَّرق الأوسط الجَّديد”..

والكيان الصَّهيوني يتذرَّع بحماية الدروز ، ويسعى من خلال دخوله واحتلاله لمساحات واسعة من القنيطرة والسويداء “جبل الدروز” ، وجبل الشيخ لإقامة دويلة للدروز تمتد على كامل المساحات الجديدة والقديمة “الجليل والجولان” من لبنان حتى سوريا..

والهدف الحقيقي من وراء ذلك هو التوسُّع شرقاً واستغلال معاونيه من الدروز والأكراد لحماية الحدود الجديدة لإفتقاره للعنصر البشري مقابل نسبة الحدود..

ولإشعال فتيل الأزمة إستخدم الإحتلال سلاح الفتنة الطائفية بين الدروز والبدو وفق آلية “فرِّق تسُد” ، وسمح بمعاونة قواته بإقتحام دروز الجولان للحدود السورية والنفاذ إلى العمق السوري بدعوى نصرة أهليهم هناك ، والإشتباك مع عشائر البدو ، والمواجهة مع الجيش السوري ، الأمر الذي اطلق شرارة الأزمة واتِّساع رقعتها..

لم يختلف الأمر كثيراً في جنوب لبنان ، فقد دأب الإحتلال الصَّهيوني على خلق أزمات كثيرة هناك ، بين طائفية وسياسية وإقتصادية ، وقضم من أراضيه مساحات واسعة لذات الأهداف التوسُّعية في المنطقة ، وبلغ التَّصعيد الأخير مع حزب الله ما بلغ ، ولا زالت الأزمة قائمة على ذات الأسباب ، ولدى الإحتلال الصَّهيوني إصرار كبير على إبعاد قوَّات حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني ، لتصبح تلك المنطقة ضمن سياسة نفوذه ونفاذه للسَّيطرة على المياه وكامل الثَّروات فيها ، الأمر الذي يخدم أهدافه الإستراتيجية الممتدة هناك..

وما وراء تلك الأطماع تقبع عدَّة اهداف أهمها التوسُّع الجغرافي والتمدُّد شرقاً ، والسَّيطرة على الثَّروات الطبيعية للبلدين ، وبذلك يضمن الكيان الصَّهيوني إستمرارية سيطرته على مقوِّمات بقاؤه في المنطقة..

ولقراءة أكثر تفصيلاً لجغرافيا المنطقة ، لا بد لنا من فهم أعمق للأسباب الكامنة وراء المطامع الصهيونية فيها:
🔴 أولاً : الثَّروات في سوريا:
🟧 النَّفط والغاز الطَّبيعي: تعتبر صناعتا النَّفط والغاز ذات أهمية كبيرة في الاقتصاد السوري ، وتشكِّلان جزءاً أساسيَّاً من الصَّادرات. يُقدَّر احتياطي النَّفط في سوريا بحوالي 2.4 إلى 2.5 مليار برميل ، والإنتاج اليومي للغاز يبلغ حوالي 11 مليون متر مكعب ، وهو ما يغطِّي الاحتياجات اليومية من الغاز لتوليد الكهرباء والغاز المنزلي وصناعة الأسمدة ، وتتركَّز معظم حقول الغاز في مناطق تحت سيطرة الحكومة السورية حالياً.

🟧 المياه: تمتلك سوريا موارد مائية كبيرة تشمل الأنهار (مثل الفرات الذي يشكل مصدراً مهمَّاً للمياه) ، والينابيع ، والبحيرات ، وتبلغ كمِّيَّات الأمطار التي تهطل في سوريا بين 30 و 50 مليار متر مكعب سنوياً ، كما توجد أحواض مائية وجوفية تساهم في تلبية احتياجات البلاد المائية.

🟧 الأراضي الزراعية والثَّروة الحيوانية: تتميز سوريا بتربة خصبة ومناخ ملائم للزراعة ، وتنتج البلاد مجموعة واسعة من الفواكه والخضروات والحبوب ، مثل القمح والقطن والعدس والزيتون والعنب والبطاطا ، كما تتوفر فيها ثروة حيوانية.

🟧 المعادن: تمتلك سوريا موارد معدنية متنوِّعة ، من أهمها:
* الفوسفات: تُقدر احتياطيات الفوسفات بنحو ملياري طن ، وتُنتج سوريا سنوياً حوالي 2.5 مليون طن ، يُصدَّر منها مليوني طن.
* الملح: توجد مسطَّحات ملحية كبيرة مثل سبخة الجبول ، التي تُستخدم لاستخراج الملح الصِّناعي.
* الرُّخام والحجر الكلسي: تمتلك سوريا ثروة متميِّزة من الرَّخام والحجر الكلسي بألوان وأشكال متعدِّدة ، ويُستخرجان في محافظات مثل حلب واللاذقية وإدلب وحمص ويُستخدمان في الإكساءات والبناء وصناعة الأسمنت.
* بالإضافة إلى ذلك ، توجد معادن أخرى مثل الفضَّة والفحم والكوارتز والنُّحاس والحديد.

🟧 الثَّروة الغابيَّة: توجد في سوريا غابات طبيعية كثيفة وأنواع مختلفة من الأشجار.

🔴 ثانياً : الثَّروات في لبنان:
🟧 النَّفط والغاز: تشير الدراسات إلى وجود احتياطيَّات كبيرة من الغاز الطَّبيعي (أكثر من 122 تريليون قدم مكعب) والنَّفط الخام (30 إلى 40 مليار برميل) في المياه الإقليمية اللبنانية ، على الرغم من أن لبنان لم يبدأ بعد الإنتاج الفعلي ، إلا أن هناك جهودًا لوضع إطار مؤسَّسي لإدارة هذا القطاع.

🟧 المياه: يعتبر لبنان من أغنى دول المنطقة بالمياه ، حيث يجري فيه حوالي 40 مجرى مائي ، تشمل موارده المائية أنهاراً رئيسية مثل نهر العاصي ، ونهر الليطاني ، ونهر الحاصباني ، بالإضافة إلى الأنهار الساحلية ومياه الأمطار وذوبان الثُّلوج ، وتبلغ قيمة المياه المتجدِّدة حوالي 4.8 كيلومتر مكعب سنوياً.

🟧 الزِّراعة: تتميَّز لبنان بتنوُّع في الإنتاج الزِّراعي بفضل مناخه وتضاريسه ، وتشمل المحاصيل الرئيسية الحبوب (مثل القمح والشعير) ، والخضروات (مثل البطاطا والبندورة) ، والفواكه (مثل الحمضيات والتفاح والكرز واللوز والعنب والموز والزيتون) ، والمحاصيل الصناعية (مثل الشمندر السكري والتبغ) ، كما توجد ثروة حيوانية من الأبقار والأغنام والماعز.

🟧 المعادن: موارد لبنان المعدنية قليلة مقارنة بسوريا ، وتقتصر بشكل أساسي على:
* خام الحديد.
* الفحم الحجري.
* الحجر الجيري والرمل عالي الجودة: يُستخدمان في صناعة الزُّجاج.
* أحجار البناء: توجد محاجر تُستخرج منها أحجار البناء.
* يُستخدم نهر الليطاني أيضًا لتوليد الطاقة الكهرومائية.
بشكل عام ، تتمتَّع كلتا الدَّولتين بموارد طبيعية هامة ، ولكن استغلال هذه الثَّروات وتطويرها يعتمد بشكل كبير على الاستقرار السِّياسي والاقتصادي ، بالإضافة إلى الإدارة الفعَّالة للموارد.

وللتَّوضيح أكثر فيما يخص مناطق النِّزاع المحتلة من أراضي لبنان وسوريا ، ولفهم جغرافيا المنطقة نجد أن :
🟥 الجَّليل تقع بشكل رئيسي في شمال فلسطين التَّاريخية (شمال إسرائيل حالياً) ، وجزء صغير من الجَّليل الأعلى يقع في جنوب لبنان.

🟥 الجُّولان هي هضبة تقع في أقصى الجَّنوب الغربي من سوريا ، احتلَّتها إسرائيل في حرب عام 1967 وضمَّتها رسمياً عام 1981، وهو إجراء لم تعترف به الأمم المتَّحدة والمجتمع الدَّولي ، الذين يعتبرونها “أراضي سوريَّة محتلة”.

⬅️ الخاتمـــة :
بعد قراءة المشهد وسلسلة الأحداث ، نرى أن الإحتلال الصَّهيوني لا ولن يتنازل عن أطماعه التوسُّعية التي تخدم مخطَّط “الشَّرق الأوسط الجَّديد” ، وهو الطَّريق الأساس نحو إقامة (مملكة داوود | إسرائيل الكبرى) ، وهذا من جهة ، ومن جهة أخرى السَّيطرة على الثَّروات الطَّبيعية في كلٍّ من سوريا ولبنان والتي يعتبرها مقوِّمات صموده مستقبلاً..

حيث تمتلك سوريا ولبنان ثروات طبيعية متنوِّعة ، وإن كانت بعض هذه الثَّروات قد تأثَّرت بالظُّروف السِّياسيَّة والاقتصاديَّة التي مرَّت بها كلتا الدَّولتين ، الأمر الذي يجعلها مطمعاً كبيراً للكيان الصَّهيوني على المدى القريب والبعيد..
شبكة الهدهد

وعلى الرَّغم من حالة عدم الاستقرار المتواصلة في جنوب غرب سوريا ، وموافقة “إسرائيل” على السماح بدخول محدود لقوة أمن داخلي إلى محافظة السويداء خلال الساعات الـ48 القادمة فقط للعمل على إستتباب الأمن وفض النِّزاع بالوكالة هناك بين البدو والدروز ، إلا أن إسرائيل تُبقِي العَين على المنطقة ، ولن تسمح بالمزيد..

إذاً وبإختصار ، لن يسمح الاحتلال الصَّهيوني بتمدُّد الجيش السوري على كامل أراضيه وبسط سيطرته القانونية والفعلية عليها ، لأن ذلك يتعارض مع مخطَّطاته ، ويقطع الطَّريق نحو تحقيق أهدافه وأطماعه هناك ، الأمر الذي سيؤجُّج الصِّراع في المنطقة واتِّساع رقعته..